Skip to main content

معارضة عضوية فلسطين في المحكمة الجنائية الدولية هي مثال واضح على الكيل بمكيالين

نُشر في: Policy Review

كانت الحكومة البريطانية قد قالت عدة مرات إنها مؤيدة قوية للعدل الدولي والمحكمة الجنائية الدولية. وقد أوضح ويليام هيغ، وزير الخارجية، هذا الأمر في خطاب ألقاه عام 2012 وصف فيه كيف أن "دورة الحرب"... "قد تم دعمها عبر التطبيق المتفاوت للقانون الدولي في أجزاء مختلفة من العالم، وتغذية الاعتقاد بأن الحكومات التي ترتكب جرائم لا تزال لديها فرصة للنجاة من العقاب". وتقول استراتيجية الحكومة المنشورة بشأن المحكمة الجنائية الدولية إنها تؤيد بقوة توسيع عضوية المحكمة وأنها ستضغط على الدول التي ليست أعضاء للانضمام إليها.

ولكن يبدو أن السياسة الخارجية البريطانية تضع استثناء واحدا لهذه المعايير الممتازة، حيث تبدو المملكة المتحدة وكأنها تعتقد أن العدالة قد تتم عن الطريق السلام فتعارض عضوية المحكمة الجنائية الدولية. إنها فلسطين. يمكن الآن لفلسطين، التي منحت وضع "الدولة المراقب غير العضو" من ​​قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبعد أن وقعت على مجموعة من معاهدات حقوق الإنسان، أن تتقدم بطلب للعضوية في المحكمة الجنائية الدولية. إنها تدرس القيام بذلك، وفقا لتصريحات بعض المسؤولين الفلسطينيين. ولكن بما أن إمكانية فلسطين في الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية قد أصبحت حقيقية، فقد صرح الوزير هيغ وبقية الحكومة البريطانية علنا بمعارضتهم القوية. ذهب هيغ أبعد من ذلك في عام 2012 إلى حد القول بأن اعتراف المملكة المتحدة بالدولة الفلسطينية يتوقف على أن توافق على عدم الانضمام الى المحكمة الجنائية الدولية.

المملكة المتحدة ليست وحدها في هذا: فقد أشارت أيضا كل من إسرائيل، والولايات المتحدة، وفرنسا، وكندا والعديد من الدول الأخرى لأنها تعارض عضوية فلسطين في المحكمة الجنائية الدولية. وجهات نظر إسرائيل والولايات المتحدة متوقعة - كلاهما ليس عضوا في المحكمة الجنائية الدولية، وكلاهما حاول "التراجع عن توقيع" معاهدة المحكمة الجنائية الدولية بعد التوقيع عليها في البداية. لكن معارضة المملكة المتحدة، وفرنسا، وكندا، الأعضاء المؤسسين للمحكمة الجنائية الدولية، هي مثال واضح على الكيل بمكيالين . يقولون إن المحكمة الجنائية الدولية جيدة بالنسبة لبعض الدول فقط، وليس لكل الدول. وقال لوران فابيوس، وزير الخارجية الفرنسي، إنه بينما لفلسطين "الحق" في الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية فقد يكون لانضمامها "نتائج عكسية"، ملمحا لمعارضته عضويتها في الوقت الراهن.

يتعارض موقف المملكة المتحدة من فلسطين تماما مع دعمها المعلن للعضوية العالمية في المحكمة الجنائية الدولية. حجة هيغ الرئيسية، والمبينة في خطاب ألقاه أمام البرلمان البريطاني في عام 2012، يبدو أنها كالتالي: اختصاص المحكمة الجنائية الدولية على الأراضي المحتلة يمكن أن يجعل "العودة إلى المفاوضات مستحيلة".

يتناقض هذا تناقضاً صارخاً مع كلمته التي ألقاها قبل شهور، إذ أعلن هيج: "إن مؤسسات العدالة الدولية ليست أدوات سياسة خارجية ليتم تشغيلها وإيقافها حسب الطلب"، وهذا في معرض مناقشته الادعاء بأن المحكمة الجنائية الدولية والمحاكم الأخرى تعقّد البحث عن السلام. ورفض هذا الادعاء، قائلا: "لقد تعلمنا من التاريخ أنه لا يمكن الحصول على سلام دائم بدون العدالة، والمساءلة، والمصالحة".

لذلك يبدو أنه في نظر المملكة المتحدة، فأن العدالة تتم عن طريق السلام فقط بالنسبة لفلسطين وإسرائيل. لم يوضح هيغ قط لماذا يظن على وجه الدقة  أن فلسطين وإسرائيل حالة خاصة. في الحقيقة، إذا نظرنا إلى ما قد تعنيه في الواقع عضوية فلسطين في المحكمة الجنائية الدولية؛ فمن الصعب أن نرى كيف يمكن أن تهدد تلك العضوية السلام.

إن عضوية فلسطين قد تعطي المحكمة الاختصاص على الضفة الغربية، والقدس الشرقية، وقطاع غزة. يمكن للمدعية العامة للمحكمة التحقيق مع الأشخاص المشتبه في ارتكابهم جرائم حرب، أو جرائم ضد الإنسانية في تلك الأرض أو انطلاقا منها، بما في ذلك شن هجمات على إسرائيل أو دول أخرى. تشمل الجرائم التي يمكن للمحكمة أن تفصل فيها جرائم الحرب المنصوص عليها في نظامها الأساسي، مثل الهجمات التي تستهدف المدنيين، أو التعذيب، أو التهجير القسري أو نقل المستوطنين المدنيين إلى داخل الأراضي المحتلة. لأول مرة قد تكون هناك إمكانية حقيقية للمساءلة على الهجمات الصاروخية التي تستهدف المدنيين الإسرائيليين، وعلى تعذيب الناس رهن الاحتجاز، والتوسع الاستيطاني الإسرائيلي وبناء مستوطنات جديدة.

لقد أدانت المملكة المتحدة بشكل متصل مثل هذه الجرائم، بما في ذلك الهجمات على المدنيين من قبل جميع الأطراف. في الشهر الماضي فقط، كرر هيغ موقف بريطانيا الثابت بأن "المستوطنات غير شرعية وتشكل عقبة أمام السلام". ولكن مجرد الإدانة لم تفعل شيئا يذكر لردع هذه الجرائم.

بالنسبة لعضو مؤسس للمحكمة الجنائية الدولية مثل المملكة المتحدة فإن محاولة منع فلسطين من الانضمام إلى المحكمة هو أمر مقلق للغاية بغض النظر عن إسرائيل وفلسطين، إذ يقدم مثالا جلياً على ازدواجية المعايير في مجال العدل الدولي. هذا التناقض الواضح من واحد من أقوى المؤيدين للمحكمة الجنائية الدولية هو هدية لأعداء المحكمة وللعدل الدولي في جميع أنحاء العالم.

لقد حان الوقت لأن يرقى هيغ إلى مستوى المبادئ التي أعلنها في خطابه عام 2012، ليذكر نفسه بأن التطبيق غير المتساوي للقانون الدولي يقوض احترام القانون. لا ينبغي للمملكة المتحدة أن تقود وصمة ازدواجية المعايير في العدل الدولي بالقول بأن إسرائيل وفلسطين هما استثناء على مستوجبات المحكمة الجنائية الدولية. بدلا من ذلك، وكمؤسس للمحكمة الجنائية الدولية، فإنه ينبغي لبريطانيا الضغط على كل من فلسطين وإسرائيل من أجل الانضمام إلى المحكمة، ودعمهما إذا فعلا ذلك، وضمان بدء المحاسبة والردع الحقيقيين على الجرائم التي لا ما زالت تُرتكب.

@cliveabaldwinكلايف بالدوين هو مستشار قانوني أول في هيومن رايتس ووتش. على تويتر 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة