Skip to main content

على البحرين التحقيق في واقعة إطلاق النار المميت من جانب الشرطة

صور فوتوغرافية وشهادات الأسرة تناقض مزاعم وزارة الداخلية

(بيروت) ـ إن على سلطات البحرين أن تفتح على وجه السرعة تحقيقاً مستقلاً ومحايداً في حادث وقع يوم 8 يناير/كانون الثاني 2014 وقام فيه رجال شرطة بإطلاق النار مما أدى لإصابة رجل بجرح قاتل، وإصابة صبي في السابعة عشرة بجروح خطيرة. ويجب على السلطات نشر النتائج وإيضاح سبب امتناعها عن إبلاغ عائلات الضحايا بإصاباتهم أو بمكانهم لمدة تجاوزت الأسبوعين.

بحسب شهادة وفاة أصدرها مستشفى وزارة الدفاع البحرينية العسكري، توفي فاضل عباس مسلم مرهون، 19 سنة، جراء "تورم دماغي بسبب إصابة" بتاريخ 8 يناير/كانون الثاني. ويظهر في صور فوتوغرافية للجثة ما يبدو وكأنه طلق ناري في مؤخرة الرأس، إلا أن موضع جرح الدخول يبدو مناقضاً لبيان من وزارة الداخلية البحرينية في 26 يناير/كانون الثاني يقول إن مرهون كان يقود سيارة "مندفعة" باتجاه رجال الشرطة بمنطقة المرخ، وإن الشرطة أطلقت النار على السيارة في إطار الدفاع عن النفس.

قال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "إذا كانت قوات الأمن البحرينية ترغب في إصلاح سمعة التستر على الانتهاكات التي تشتهر بها فإن عليها سرعة التحقيق في مسلك رجال الشرطة الذين أطلقوا طلقات مميتة نالت من فاضل مرهون وألحقت إصابات خطيرة بصبي في السابعة عشرة. وعلى وزارة الداخلية أن تفسر سبب امتناعها عن توجيه كلمة واحدة إلى عائلات الضحايا الجزعين على أبنائهم المفقودين لمدة تجاوزت الأسبوعين".

لم تنبه السلطات عائلة مرهون ولا أبلغتهم بمكانه حتى الإعلان عن وفاته في 25 يناير/كانون الثاني. ولا أبلغت السلطات عائلة صادق العصفور، 17 سنة، الذي أطلقت عليه الشرطة النيران فألحقت به إصابات جسيمة، واحتجزته في نفس الواقعة، حتى 23 يناير/كانون الثاني، حين نقلته من مستشفى عسكري إلى عيادة بمقر وزارة الداخلية.

لم يتعرض للإصابة شخص ثالث مشارك في الواقعة، هو علي عبد الأمير خميس. في 29 يناير/كانون الثاني وجهت إليه محكمة الاتهام بزرع متفجرات أصابت رجال الشرطة. وقال محام كانت عائلته قد اتصلت به لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات منعته من مقابلة موكله.

الأقارب الذين زاروا خميس في السجن يوم 29 يناير/كانون الثاني قالوا لـ هيومن رايتس ووتش إن بعد الحادث أمضى 20 يوماً محتجزاً بمقر المباحث الجنائية، حيث يقول إنه تعرض للتعذيب.

يقرر بيان وزارة الداخلية أن إطلاق النار على مرهون والعصفور جاء في سياق واقعة ذائعة الصيت زعمت فيها الحكومة أن أشخاصاً لم تسمهم حاولوا تهريب أسلحة ومتفجرات إلى داخل البحرين بطريق البحر. وقال البيان عن واقعة إطلاق النار:

كان هناك اثنان من المشتبه بهم في المبنى عند وصول الشرطة. وبينما كانا يحاولان الهروب بسيارتهما، حاول السائق، فاضل عباس، دهس رجال الشرطة رغم إنذاره عدة مرات، لفظياً وعن طريق الطلقات التحذيرية. وأخيراً اضطر رجال الشرطة لاستخدام السلاح للدفاع عن أنفسهم وإيقاف السيارة المداهمة.

قال أحد أفراد عائلة العصفور لـ هيومن رايتس ووتش إنه ذهب لزيارة صديق في قرية المرخ في نحو التاسعة من مساء 8 يناير/كانون الثاني. أما ما حدث حتى إطلاق النار فيتسم بعدم الوضوح. القريب الذي زار خميس في سجن جو صباح 29 يناير/كانون الثاني أخبر هيومن رايتس ووتش بأن خميس يزعم أنه قد تم القبض عليه برفقة صديقيه في كمين للشرطة.

قامت الشرطة بإطلاق النار على العصفور عندما خرج من السيارة، على ما يبدو لأخذ غرض ما، بناء على رواية القريب كما سمعها من خميس. فر خميس ومرهون من المكان في سيارة تحت إطلاق نار كثيف من الشرطة، لكن عادا بعد ذلك بحثاً عن العصفور. ثم قامت سيارة جيب تابعة للشرطة بالاصطدام بسيارتهما، ما أجبرهما على التوقف، وأطلقت الشرطة عدة طلقات في السيارة، ما أسفر عن مقتل مرهون.

هذه الرواية للأحداث وكذا الصور الخاصة بإصابة مرهون القاتلة تدفع للتشكيك في رواية وزارة الداخلية. فالصور التي فحصتها هيومن رايتس ووتش تبدو وكأنها تبين جرح طلق ناري قطره سنتيمتر واحد في مؤخرة رأس مرهون، ولا يظهر بمقدمة رأسه جرح آخر. وتقرر شهادة الوفاة أن سبب الوفاة في الحادية عشرة والنصف من مساء 25 يناير/كانون الثاني هو "إصابات بالجمجمة" أدت إلى "تورم دماغي" دون الإشارة إلى طلق ناري.

قام أفراد العائلة بزيارة العصفور يوم 24 يناير/كانون الثاني في عيادة القلعة بمقر وزارة الداخلية، وقالوا لـ هيومن رايتس ووتش إنهم شاهدوا ما يبدو وكأنه جراح طلقات نارية بأسفل جذعه. وفيما بعد أخبروا هيومن رايتس ووتش بأن مسؤولين بثياب مدنية في العيادة حذروا العائلة من مناقشة الواقعة التي أدت إلى إصابته وإلا مُنعوا من زيارته في المستقبل. ثم أضافوا أن مسؤولين أمنيين كانوا يشرفون على الزيارة ولم يسمحوا لهم بمقابلة الطاقم الطبي المسؤول عن علاج ابنهم.

لو كان مرهون يقود سيارة في اتجاه رجال الشرطة لرجح احتمال أن أية طلقات يطلقونها للدفاع عن أنفسهم كانت لتصيبه في مقدمة رأسه، لا مؤخرتها.

وقال جو ستورك: "إن روايات الأهالي للحادث، إذا صحت، تشير إلى أن وفاة مرهون ربما تُصنف بصفتها إعدام خارج نطاق القضاء". وتابع: "ربما كان لدى الشرطة اسباب مشروعة للرغبة في القبض على هؤلاء الرجال الثلاثة، لكن لا يبدو أنه كان لديها أي سبب مشروع لإطلاق النار عليهم".

وكانت اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، المعينة للتحقيق في المسلك الرسمي أثناء الاحتجاجات المناهضة للحكومة في 2011، قد خلصت إلى أن "وحدات الشرطة استخدمت القوة ضد المدنيين على نحو لا يتسم بالضرورة أو التناسب. وكان هذا يرجع، جزئياً على الأقل، إلى نقص تدريب الوحدات الميدانية، وعدم فعالية نظم القيادة والمراقبة..."

كدولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، تلتزم البحرين بحماية واحترام الحق في الحياة. وعليها التقيد بمبادئ الأمم المتحدة الأساسية بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية، التي تقرر عدم جواز استخدام القوة المميتة إلا في حالة الضرورة القصوى، لحماية الأرواح، وضرورة مراعاة ضبط النفس والتناسب عند استخدامها. كما أن هذه المبادئ تلزم الحكومات "بضمان المعاقبة على استخدام القوة والأسلحة النارية من قبل الموظفين المكلفين بإنفاذ القانون على نحو تعسفي أو مسيء، كجريمة بمقتضى قوانينها الوطنية".

قال أحد أفراد العائلة لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات دأبت على رفض الاعتراف باحتجاز مرهون أو العصفور، أو إبلاغ أي من العائلتين بمكان ابنها أو بحالته. وفي الأيام التي أعقبت الواقعة، بحسب فرد العائلة، ذهبت عائلة العصفور إلى مركز السلمانية الطبي، ومستشفى قوة دفاع البحرين العسكري، ومكتب النائب العام، للاستعلام عما إذا كان العصفور مصاباً أو محتجزاً. لكن الجميع أنكروا احتجازه أو العلم بمكانه.

في 12 يناير/كانون الثاني، قال أحد العاملين بالمستشفى العسكري للعائلة إن العصفور محتجز بالمستشفى وحالته مستقرة، لكن في اليوم التالي عاود العاملون هناك إنكار وجوده في المستشفى.

والقانون الدولي يصنف رفض السلطات الإقرار باحتجاز شخص أو الكشف عن مكانه على أنه إخفاء قسري. يتعين على السلطات أن تشرح سبب إخفاقها في إبلاغ عائلة طفل مصاب بجراح جسيمة بمكانه وبالإصابات التي تهدد حياته، رغم أن العائلة كانت تبحث عنه بنشاط.

أجرى الأمير مكالمة هاتفية وجيزة إلى عائلته في الأسبوع التالي لإطلاق النار، واتصلت العائلة بمحام بحريني فتقدم بدوره بطلب مكتوب للترافع عن الأمير وقدمه إلى النائب العام في 13 يناير/كانون الثاني. وأبلغه النائب العام بأنه لن يستطيع التكلم مع موكله حتى ما بعد جلسة محاكمة مبدئية في 29 يناير/كانون الثاني، حيث ينتظر أن يواجه تهم الاعتداء على رجل شرطة، كما قال المحامي لـ هيومن رايتس ووتش.

لا يوجد في قانون الإجراءات الجنائية البحريني أو قانون مكافحة الإرهاب الذي تبنته في 2006 ما ينص على الحرمان من التواصل مع محام على النحو الموصوف، الذي يشكل انتهاكاً لحقوق المحاكمة العادلة بموجب الدستور البحريني إضافة إلى القانون الدولي لحقوق الإنسان. 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة