Skip to main content

ليبيا ـ يجب إسقاط القضية المتعلقة بـ "التشهير" بمسؤولين عامين

محكمة الاستئناف ستنظر في عقوبة السجن لمدة 8 أشهر في حق أحد النشطاء

تحديث: في 23 يناير/كانون الثاني 2014، أجلت محكمة شمال طرابلس القضية ضد جمال الحاجي إلى 13 فبراير/شباط 2014.

(طرابلس) ـ قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على المدعي العام في ليبيا إسقاط التهم الموجهة إلى أحد النشطاء والاعتراض على استئناف إدانته بـ "التشهير" بمسؤولين عامين. سوف تنظر محكمةشمالطرابلس في 23 يناير/كانون الثاني 2014 في استئناف قضية جمال الحاجي، وهو ناشط سياسي بارز كان سابقا محتجزًا من قبل حكومة القذافي.

وكانت محكمة المدينة الجزئية قد قضت في 31 ديسمبر/كانون الأول 2013 بسجن جمال الحاجي لمدة ثمانية أشهر مع الأشغال، وفرضت عليه تعويضات مدنية بقيمة 400 ألف دينار ليبي (300 ألف دولار أمريكي). وجهت له هذه التهم على خلفية تعليقات تصريحات أدلى بها في برنامج تلفزيوني حول مسودة قانون العزل السياسي عُرض على قناة الوطنية، وهي قناة حكومية، في 13 فبراير/شباط.

قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "إنه لأمر محبط أن يقوم المدعي العام، في خضم تفشي العنف والمشاكل الحقيقية التي تواجهها ليبيا، بملاحقة أحد النشطاء بسبب انتقاد مسؤولين حكوميين. لم يجن المسؤولون الحكوميون الليبيون أي مصلحة من رفع هذه القضية الجنائية ضدّ الحاجي".

في 24 مارس/آذار، قام أربعة أشخاص ممن ذكر جمال الحاجي أسماءهم في البرنامج التلفزيوني برفع قضية ضده بتهمة التشهير بهم، وهؤلاء الأشخاص هم محمد عبد العزيز، وزير الخارجية والتعاون الدولي، ومحمود جبريل، رئيس تحالف القوى الوطنية، أكبر كتلة سياسية في البرلمان، وعبد المجيد مليقطة، رئيس اللجنة التسييرية لتحالف القوى الوطنية ورئيس مجلس إدارة الشركة الدولية التي تمتلك قناة فضائية محلية، وجمعة الأسطى، رجل أعمال وصاحب قناة فضائية محلية أخرى.

ومن بين التهم الأخرى التي وجهها المدعون إلى جمال الحاجي تهمة التشهير لأنه وصفهم بـ "الموالين للقذافي"، و بـ "عملاء" الغرب والولايات المتحدة، وقالوا إن هذه التصريحات تسببت لهم في "ضرر معنوي". اعتمد المدعون على المادة 166 من القانون المدني التي تنص على أن "كل خطأ سبب ضررًا للغير يُلزم من ارتكبه بالتعويض [للضحية]" للمطالبة بتعويض قدره 250 ألف دينار ليبي (200 ألف دولار أمريكي) لكل وحد منهم. واستنادًا إلى المادة 225 من القانون المدني، يمكن لشخص ما ملاحقة شخص آخر قضائيًا ألحق به "ضررًا معنويًا"، دون تحديد سقف أعلى للتعويضات.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن هاتين المادتين غامضتان ويجب إلغاؤهما.

وفي وقت لاحق، انضم النائب العام إلى المدعين الأربعة ووجه إلى جمال الحاجي تهمًا جنائية عملا بالمادة 439 من القانون الجنائي التي تحظر "الاعتداء على سمعة أحد بالتشهير"، بمن في ذلك المسؤولين العامين. كما تنص المادة على فرض عقوبة بالسجن مدتها لا تقل عن ستة أشهر أو غرامة مالية قدرها مائة دينار ليبي (80 دولار أمريكي) إذا تم العمل التشهيري عبر وسائل الإعلام أو في فضاء عام. قامت محكمة المدينة الجزئية في طرابلس بدمج الدعوى المدنية مع الدعوى الجنائية.

وقامت دائرة الجنح والمخالفات في المحكمة، برئاسة القاضي محمد معمر الفرجاني، بإدانة جمال الحاجي في القضيتين، وفرضت عليه تعويضات قيمتها مائة ألف دينار ليبي [80 ألف دولار أمريكي] لكلّ مدع، وقضت بسجنه.

في 9 يناير/كانون الثاني 2014، قال أسامة أبو ناجي، أحد محامي جمال الحاجي، لـ هيومن رايتس ووتش إنه كانت توجد مخالفات في الإجراءات المتخذة ضدّ الحاجي، وخاصة منع محاميه من مراجعة شهادات الشهود واستجوابهم، والشهود في هذه القضية هم المدعون أنفسهم. ولكن أبو ناجي قال إن القاضي رفض جميع الطلبات، وغاب المدعون عن جلسات المحكمة.

كما قال أبو ناجي إن جمال الحاجي وفريق دفاعه لم يحضروا جلسة عُقدت في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2013 لأنه تم إعلامهم بأنها ألغيت. وقال إن أحد موظفي المحكمة أعلم المحامين أن القاضي أجل الجلسة إلى 26 يناير/كانون الثاني 2014 بسبب "العصيان المدني" في طرابلس، بعد أن تسببت مواجهات بين ميليشيات في مقتل 48 متظاهرًا.

كما قال أبو ناجي إن جمال الحاجي وفريق دفاعه علموا في 31 ديسمبر/كانون الأول، عبر بيان إعلامي صادر عن محمد التومي، محامي المدعين، إن القاضي حكم على جمال الحاجي في ذلك اليوم، دون حضور فريق الدفاع أو علمه بذلك.

وقال أبو ناجي لـ هيومن رايتس ووتش، في ما يتعلق بالغرامة المالية التي قدرها 400 ألف دينار ليبي (319 ألف دولار أمريكي): "خلال عملي كمحام على مدار15 سنة في ليبيا، لم يسبق لي أن سمعت بغرامة مثل هذه فرضت على متهم في قضية تشهير".

كان جمال الحاجي من أبرز المعارضين في عهد نظام القذافي، وتعرض إلى الاحتجاز من فبراير/شباط 2007 إلى أبريل/نيسان 2009، ثم تعرض إلى الاعتقال في ديسمبر/كانون الأول 2009 وزُج به في السجن لمدة أربعة أشهر بتهمة "إهانة السلطات القضائية". كما تعرض الحاجي إلى الاحتجاز في مطلع انتفاضة فبراير/شباط 2011، وبقي محتجزًا إلى نهاية النزاع، قبل أن يتم تحريره في 24 أغسطس/آب 2011. ومنذ إسقاط معمر القذافي بعد الانتفاضة، كان جمال الحاجي ناشطا ومحللا سياسيًا.

قالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات الليبية إلغاء مواد من القانون الجنائي، بما في ذلك المادة 439 التي تجرّم التشهير. هذه الأحكام القانونية تنتهك القانون الدولي لأنها تفرض عقوبة السجن بسبب التشهير. يجب تمكين المسؤولين العامين من المطالبة بجبر الضرر بسبب التشهير، ولكن في شكل تعويضات وليس بالسجن.

ينص القانون الدولي على أن يكون المسؤولون العامون  يتقبلوا الانتقاد أكثر من المواطنين العاديين، وأن يتجنبوا الملاحقات القضائية التي ربما تفرض قيودًا على التعبير والنقاشات المفتوحة. هذا التسامح يخدم المصلحة العامة لأنه يُشجع على النقاش ولأنه يُصعّب رفع دعاوى ضدّ الأشخاص بسبب توجيه انتقادات لمسؤولين عامين أو لشخصيات سياسية.

يفرض القانون الجنائي الليبي عقوبات قاسية بالسجن بسبب جرائم غير مُعرّفة بشكل جيد، بما في ذلك "الاعتداء على" مسؤولين عامين و"إهانة" سلطات الدولة، وهي أحكام تفرض قيودًا على حرية التعبير. ومنذ إسقاط حكومة القذافي، اعتمد المدعون العامون على أحكام القانون الجنائي التي  تفرض قيودًا على التعبير لمحاكمة ما لا يقل عن ثلاثة أشخاص آخرين بسبب "جرائم" تتعلق بالتعبير، بما في ذلك تهم التجديف و التشهير.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن على الحكومة أن تطلب من النائب العام تعليق تنفيذ هذا الحكم القانوني وغيره من الأحكام التي تجرم حرية التعبير بشكل غير قانوني إلى أن يتم تعديل القانون الجنائي وإلغاؤها.

قالت سارة ليا ويتسن: "يجب أن يتمتع الليبيون بحرية انتقاد المسؤولين العامين، حتى لو كانت انتقاداتهم لاذعة. ويتعين على المسؤولين العامين إظهار قدر أكبر من رحابة الصدر، وأن يتسامحوا مع الانتقاد الحاد دون اللجوء إلى المحاكم لإسكات منتقديهم".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع

الأكثر مشاهدة