Skip to main content

مصر توجه رسالة خطيرة للمتظاهرين

الأحكام القاسية على سيدات وفتيات من أنصار مرسي تنتهك حقوقهن

تحديث: خففت محكمة جنح سيدي جابر في 7 ديسمبر/كانون الأول الأحكام على الـ 21 متظاهرة إخوانية. تلقت الشابات الـ 14 حكماً بالسجن لمدة عام مع إيقاف التنفيذ، في حين أمرت المحكمة بالإفراج عن السبعة الأخريات مع خضوعهن للمراقبة لمدة 3 أشهر.

(نيويورك) ـ إدانة 21 متظاهرة من أنصار مرسي يوم 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2013 تنتهك حقهن في حرية التجمع. وعلى النيابة إسقاط التهم فوراً وسحب طعنها على استئناف السيدات، الذي تقرر أن تنظر فيه محكمة جنح سيدي جابر بالإسكندرية في السابع من ديسمبر/كانون الأول.

تأتي أحكام الإدانة وسط حملة قمعية تشمل أرجاء البلاد على مؤيدي الإخوان المسلمين، بما في ذلك اعتقالات جماعية للمتظاهرين المعارضين لقيام الجيش بخلع محمد مرسي، ورفض السلطات لمحاسبة قوات الأمن على قتل المتظاهرين. تبين من مراجعة هيومن رايتس ووتش لحكم المحكمة والأدلة المقدمة أن حق المتهمات في محاكمة عادلة قد تعرض فيما يبدو للانتهاك من خلال الإخفاق في السماح لأي شاهد بالإدلاء بشهادته دفاعاً عنهن. كما بدا أيضاً أنه لا توجد أدلة ذات مصداقية في حكم المحكمة بأن السيدات الـ21 قد تورطن بشكل فردي في الجرائم المزعومة.

قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "لقد أرسلت المحكمة المصر ية رسالة خطيرة تفيد بأنها ستحكم على مؤيدي الإخوان المسلمين بمدد طويلة من السجن إذا تجرأوا على التظاهر. ينبغي لملاحقة هؤلاء الشابات للمشاركة في مظاهرة، بينما يتجول أفراد الأمن الذين قتلوا مئات المتظاهرين بكل حرية، أن تحدث صدمة في ضميرنا الجمعي".

قامت محكمة جنح سيدي جابر بإدانة السيدات والفتيات، وكلهن عدا ثلاثة في سن 15-19 سنة، في جلسة واحدة مدتها ساعة. وكانت قد وُجهت إليهن تهم الإتلاف والبلطجة والشغب، والتجمهر غير المشروع، واستخدام السلاح في مظاهرة تحركت في الساعات المبكرة من صباح 31 أكتوبر/تشرين الأول، للاعتراض على خلع مرسي من الرئاسة.

بعد رفض المحكمة السماح لمحاميٍ الدفاع باستدعاء أي شهود، أصدرت حكمها على كل سيدة من اللواتي تجاوز سنهن 18 سنة بالسجن لمدة 11 سنة وشهر واحد. أما الفتيات السبعة الأصغر سناً فقد حكم عليهن بالإيداع في إحدى دور الأحداث لحين بلوغهن سن 18 سنة، وعندئذ يعاد تقييم قضاياهن. صدرت أحكام غيابية على 6 رجال متهمين بالدعوة للتظاهر بالسجن لمدة 15 سنة لكل منهم.

في ساعة مبكرة من صباح 31 أكتوبر/تشرين الأول، تجمع نحو 200 ناشط من "حركة 7 الصبح" وثيقة الصلة بالإخوان المسلمين للخروج في مظاهرتهم الأولى على كورنيش الإسكندرية، كما قال ثلاثة من مؤيدي الحركة لـ هيومن رايتس ووتش. تضم الحركة العديد من طلبة جامعة الإسكندرية والمدارس القريبة، الذين كانوا قد استقلوا حافلات صغيرة من منازلهم للمشاركة قبل بدء الدروس، على حد قول المؤيدين.

قالت والدة إحدى السيدات المدانات، وهي طالبة عمرها 19 عاماً، قالت لـ هيومن رايتس ووتش إن ابنتها وبقية المتظاهرات أردن لفت الأنظار إلى زملائهن في الدراسة الذين اعتقلوا مؤخراً نتيجة لنشاطهم السياسي.

تجمع المتظاهرون في حي سيدي بشر بشرق الإسكندرية وتحركوا غرباً، هاتفين ضد الشرطة والجيش. ومع دخول الموكب في شارع سوريا، مروراً بكوبري ستانلي، قامت الشرطة بتفريق المتظاهرين باستخدام الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه. راجعت هيومن رايتس ووتش مقاطع فيديو تظهر رجال الشرطة وهم يطاردون المتظاهرين بعد تفرقهم، ويبدو فيها أنهم يعتدون على من يمسكون بهم، ثم يأخذونهم إلى الاحتجاز على ما يبدو.

اعتقلت الشرطة 22 شخصاً، بحسب اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين في الإسكندرية، وهي مجموعة من المحامين المرتبطين بالإخوان المسلمين تشكلت عقب خلع الجيش لمرسي يوم 3 يوليو/تموز للترافع عن المعتقلين في ما أعقب ذلك من مظاهرات. ورغم مشاركة رجال وسيدات في المظاهرة إلا أن 21 من المعتقلين كن من السيدات والفتيات. قالت اللجنة إن الشرطة أفرجت عن الرجل الوحيد بين المعتقلات في نفس اليوم.

من جملة السيدات والفتيات، توجد 18 طالبة في سن 15-19 عاماً، بحسب محضر الشرطة المحرر للواقعة والذي اطلعت عليه هيومن رايتس ووتش. وقد بينت قائمة، قدمها منظمو المظاهرة إلى هيومن رايتس ووتش، أن اثنتين أخريين من المتظاهرات في سن 22 سنة وقد تخرجتا هذا العام، أما المعتقلة الأخيرة فهي والدة إحدى الفتيات اللواتي في عمر 15 سنة.

قال اثنان من المحامين المترافعين عن السيدات والفتيات لـ هيومن رايتس ووتش إن بعض المدانات لم تشاركن في المظاهرة، بل تصادف ببساطة وجودهن في المكان الخطأ في التوقيت الخطأ. كما قال المحاميان إن النيابة منعتهما من مقابلة موكلاتهما قبل تحقيق النيابة المبدئي معهن، وإن المحكمة رفضت السماح لهما باستدعاء شهود للشهادة خلال المحاكمة.

تعجلت النيابة إحالة القضية إلى المحاكمة في 27 نوفمبر/تشرين الثاني، رغم بقاء المئات من المعتقلين الآخرين بسبب التظاهر في أرجاء الإسكندرية محتجزين على ذمة المحاكمة. وقد اعتمدت المحكمة في حكمها اعتماداً كبيراً على أقوال مسؤولي الشرطة والأمن الوطني لإثبات وقوع البلطجة والإتلاف، لكنها لم تقدم أدلة مباشرة تثبت قيام أي من السيدات والفتيات بأعمال عنف أو بلطجة أو إتلاف. زعمت أقوال المسؤولين أن المتظاهرات عطلن المرور وقطعن الطرق، بتعليمات من مكتب إرشاد الإخوان، لنشر الفوضى في الأيام السابقة على محاكمة مرسي.

كما اتهمت المحكمة السيدات والفتيات بمخالفة قانون الاجتماعات العامة القمعي المصري الصادر سنة 1923. قالت هيومن رايتس ووتش إن هذا القانون يتعدى على حرية التجمع بفرض عقوبات جنائية لمجرد المشاركة في مظاهرات بدون إخطار أو موافقة. وحرية التجمع مكفولة بموجب العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذي وقعت عليه مصر في 1982.

أشار الحكم إلى سلاح واحد يزعم أن المتظاهرات كن يحملنه: الحجارة. إلا أنه لم يقدم أدلة على حمل المتظاهرات للحجارة في حقائبهن.

تأييداً لتهمة الإتلاف، أشار الحكم إلى باب زجاجي واحد مكسور، وشهادة ثلاثة من حراس العقارات بشأن تلفيات تعرضت لها محال تجارية وسيارات في المنطقة، رغم أنه لم يقدم أدلة ولا زعم أن السيدات المدانات هن من أحدث تلك التلفيات.

قالت سارة ليا ويتسن: "إذا نحينا الطبيعة السياسية الصارخة لهذه الملاحقة القضائية جانباً، سنجد أن السلطات قد أخفقت في تلبية أدنى معايير الاستدلال لإثبات تورط هؤلاء السيدات والفتيات في العنف أو البلطجة. إن غياب أية أدلة تربط هؤلاء السيدات والفتيات بأية جريمة يدعم الانطباع بأنها ملاحقة صورية".

وتمثل هذه الأحكام القاسية تناقضاً صارخاً مع إخفاق السلطات القضائية في مساءلة رجال الأمن عن قتل المتظاهرين. فعلى الرغم من قتل ما يزيد على 1300 متظاهر في الأشهر الخمسة الأخيرة، إلا أن قوات الأمن لم تفتح التحقيق إلا في واقعة واحدة ـ وفاة 37 محتجزاً في الطريق إلى سجن أبو زعبل يوم 18 أغسطس/آب ـ كما لم تشكل حتى الآن لجنة لتقصي الحقائق في وقائع قتل المتظاهرين.

على مدار السنوات الثلاث الأخيرة، لم تصدر المحاكم إدانات إلا بحق قلة من ضباط الشرطة في الجرائم المتعلقة بقتل أكثر من ألفي متظاهر على أيدي قوات الأمن. وكانت عقوبات ضباط الشرطة مخففة بالمقارنة بالعقوبات المفروضة على المتظاهرين، فالضابط الوحيد الذي وجه إليه الاتهام على ذمة احتجاجات شارع محمد محمود في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، والتي نتج عنها وفاة 45 متظاهراً، تلقى حكماً بالسجن لمدة 3 سنوات، رغم وجود مقاطع فيديو تصوره وهو يطلق النار على أحد المتظاهرين في عينه.

لقد اعتقلت السلطات الآلاف من مؤيدي الإخوان المسلمين بعد تفريق مظاهراتهم على مدار الشهور الأربعة الأخيرة، وما زال الكثيرون قيد الاحتجاز على ذمة المحاكمة، بتهم مماثلة لتلك الموجهة إلى سيدات الإسكندرية وفتياتها. في واحدة من القضايا القليلة الأخرى التي أحيلت للمحاكمة، أصدرت إحدى محاكم القاهرة يوم 13 نوفمبر/تشرين الثاني أحكاماً بالسجن لمدة 17 عاماً وغرامة قدرها 65 ألف جنيه مصري (9440 دولار أمريكي) على 12 طالباً بجامعة الأزهر، في تهم نابعة من تورطهم في مظاهرات واشتباكات بحرم الجامعة.

كما صعّدت مصر في الأسابيع الأخيرة من حملتها القمعية على حرية التجمع، باستخدام قانون تظاهر جديد شديد التقييد، لفض المظاهرات السلمية بالقوة، بما فيها مظاهرات لطلبة الجامعات، واعتقال أبرز النشطاء.

قالت سارة ليا ويتسن: "تتسق هذه المحاكمة مع الوضع الطبيعي الجديد في مصر، ألا وهو قمع التظاهر، وتجريم المعارضة". 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.