Skip to main content

الشرق الأوسط يفشل في حماية العمال المنزليين

خطوات قانونية جيدة في نحو 24 دولة على مستوى العالم مع دخول الاتفاقية الجديدة حيز النفاذ

(مونتفيديو) – قالت كل من الشبكة الدولية للعمال المنزليين (IDWN)والكونفدرالية الدولية للنقابات العمالية (ITUC) وهيومن رايتس ووتش اليوم، إن الشرق الأوسط يعتمد كثيراً على العمال المنزليين لكنه متأخر عن مناطق أخرى في تبني الإصلاحات اللازمة لحماية حقوقهم. أصدرت المنظمات المذكورة تقريراً يقيّم التقدم المحرز منذ إقرار اتفاقية العمال المنزليين وهي اتفاقية غير مسبوقة تكفل للعمال المنزليين نفس الحقوق الأساسية المكفولة لجميع العمال الآخرين.

كما وثقت هيومن رايتس ووتش والشبكة الدولية للعمال المنزليين والكونفدرالية الدولية للنقابات العمالية فإن العمال المنزليين في الشرق الأوسط – والكثير منهم مهاجرون من آسيا وأفريقيا – يتعرضون لطيف واسع من الانتهاكات، منها عدم تلقي الأجور والقيود على الخروج من البيوت التي يعملون بها، وساعات العمل المطولة بشكل مفرط دون كفالة أيام إجازة. يواجه البعض انتهاكات نفسية أو بدنية أو جنسية ويمكن أن يُحاصروا في أوضاع عمل جبري، منها التعرض للإتجار بالبشر.

وقالت نيشا فاريا باحثة أولى معنية بحقوق المرأة في هيومن رايتس ووتش: "حتى رغم أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تشهد بعض أسوأ الانتهاكات ضد العمالة المنزلية، فإن وتيرة الإصلاحات في السعودية والكويت والإمارات وقطر ولبنان متباطئة ومتأخرة منذ سنوات دون نتائج تُذكر. حتى الإصلاحات المقترحة تعد أقل من المعايير الدولية وتدابير الحماية المتكاملة التي تنفذها بلدان أخرى".

تقرير "المطالبة بالحقوق: حركات العمال المنزليين وأوجه التقدم العالمية على مسار إصلاحات حقوق العمال" الصادر في 33 صفحة يستعرض التصديقات على اتفاقية العمال المنزليين، التي دخلت حيز النفاذ في 5 سبتمبر/أيلول، والإصلاحات بقوانين العمل الوطنية، والتأثير المتزايد لحركات حقوق العمال المنزليين التي نشأت مؤخراً. أصدرت المنظمات التقرير في اجتماع من 26 إلى 28 أكتوبر/تشرين الأول 2013 لقيادات الحركة العمالية من أكثر من 40 دولة في مونتفيديو، من أجل تشكيل فيدرالية دولية جديدة للعمال المنزليين. هذه الفيدرالية الجديدة سوف تساعد العمال المنزليين على التعرف على الاستراتيجيات من مختلف المناطق والمطالبة بحقوقهم.

قامت أكثر من 25 دولة بتحسين تدابير الحماية القانونية التي تكفلها للعمال المنزليين على مدار العامين الماضيين (انظر خريطة التقرير صفحة 8) مع ظهور العديد من أقوى الإصلاحات في أمريكا اللاتينية. إلا أن أغلب دول الشرق الأوسط ما زالت تستبعد عمال المنازل بالكامل من قوانينها العمالية. لم تصدق دولة واحدة من المنطقة بعد على الاتفاقية.

وقالت شاران بورو الأمينة العامة للكونفدرالية الدولية للنقابات العمالية: "إن زخم التصديقات والقوانين الأفضل التي ظهرت في أمريكا اللاتينية وعدة دول أخرى، يُظهر أن الحكومات قادرة على حماية العمال المنزليين". وأضافت: "على الحكومات التي تخلفت – خاصة في آسيا والشرق الأوسط – أن تتحرك سريعاً دونما تأخير".

هناك ما يُقدر بـ 53 مليوناً من العمال المنزليين في شتى أنحاء العالم – أغلبيتهم العظمى من السيدات والفتيات، والعديد منهن مهاجرات. طبقاً لمنظمة العمل الدولية فإن نحو 30 في المائة من العمال المنزليين في العالم يعملون في بلدان يُستبعدون فيها تماماً من قوانين العمل الوطنية، بما في ذلك المطالب الخاصة بأيام الإجازة الأسبوعية، ووضع حد أقصى لساعات العمل، والحد الأدنى للراتب، ودفع مقابل للعمل الإضافي. حتى عندما تكون تغطية العمال المنزليين جزئية، فعادة ما يتم استبعاد العمالة المنزلية من تدابير حماية أساسية مثل الحد الأدنى للدخل، وإجازات الحمل والوضع والتأمين الاجتماعي وإجراءات حماية الصحة في مكان العمل.

بموجب الاتفاقية الجديدة يستحق العمال المنزليون نفس الحقوق الأساسية المكفولة للعمال الآخرين. صدقت عشر دول على اتفاقية العمال المنزليين: أوروغواي، الفلبين، موريشيوس، نيكاراغوا، إيطاليا، بوليفيا، باراغواي، جنوب أفريقيا، غويانا، ألمانيا. هناك عدة دول أخرى تستكمل إجراءات التصديق.

كل دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تقريباً تستبعد العمالة المنزلية من مظلة حماية قوانين العمل، وتخضع العمالة المنزلية لقواعد الهجرة التقييدية وتمنح أصحاب عملهم سلطة واسعة وسيطرة كبيرة عليهم بموجب نظام الكفالة. عملت عدة بلدان باتجاه إصلاح قوانينها وممارساتها. لكن تبقى هنالك أوجه قصور كبيرة، في الأغلب بسبب إخفاق هذه الدول في الإقرار بالعمال المنزليين بصفتهم عمال عاديين لهم الحق في العطلات والحد الأقصى لساعات العمل والحق في تشكيل النقابات.

كان الأردن من بين أول دول المنطقة التي ضمّت العمالة المنزلية إلى قانون العمل، في عام 2008. أصدر الأردن أنظمة جديدة في عام 2012 تحد من عدد ساعات العمل اليومية للعمال المنزليين بحد أقصى ثماني ساعات، وأنه ليس مطلوباً من العمال السعي للحصول على تصريح من أصحاب العمل للخروج من البيوت خارج ساعات العمل. لكن ما زال إنفاذ تدابير الحماية القانونية هذه للعمال المهاجرين متراخياً، ويُحرم العمال من حقهم في تغيير أصحاب العمل بحرية، حتى بعد انتهاء آجال عقودهم.

أدى تحديث البحرين في عام 2012 لقانون العمل إلى التوسع في بعض تدابير الحماية الممنوحة للعمال المنزليين، مثل الإجازات السنوية، وتقنين أمور أخرى، منها إتاحة آليات الوساطة في تسوية المنازعات العمالية. لكن البحرين أخفقت في التصدي لاستبعاد العمالة المنزلية من تدابير حماية أساسية مثل الحد الأقصى لساعات العمل، وأيام الإجازة الأسبوعية، والحد الأدنى للأجر.

في عام 2012 اقترحت الإمارات العربية المتحدة مسودة قانون للعمالة المنزلية لكن لم يتم الكشف عنها علناً. تقول تقارير إعلامية إنه يشتمل على بعض الإصلاحات الإيجابية، مثل ضمان يوم إجازة أسبوعية، وأن به أيضاً بعض المواد المنطوية على مشكلات، مثل العقوبات الجنائية المغلظة لمن "يحرض" عاملة منزلية على ترك وظيفتها أو يعرض عليها المأوى.

وفي المغرب ورغم سنوات من الوعد بالإصلاحات لتعزيز تدابير حماية العمالة المنزلية، لم يناقش البرلمان بعد مسودة قانون مقدمة في عام 2012 للمطالبة بعقود لعاملات المنازل وحد أدنى للأجور ويوم عطلة أسبوعية، وتوسيع مجال العقوبات على استخدام الأطفال في العمل المنزلي.

وافق مجلس الوزراء السعودي على أنظمة تخص العمل المنزلي للمرة الأولى في يوليو/تموز. النظام (القانون) الجديد يشتمل على ضمانات للعمال المنزليين بتسع ساعات راحة يومية، ويوم إجازة في الأسبوع، وعطلة لمدة شهر مدفوعة الأجر كل عامين. لكنه أيضاً يسمح بفصل عاملات المنازل من العمل أو عقابهن إذا لم يحترمن الإسلام أو قواعد وأنظمة المملكة، ويحرم العاملات من القدرة على رفض أي عمل دون سبب "مشروع".

في يونيو/حزيران تبنى اتحاد أصحاب مكاتب الاستقدام في لبنان مدونة سلوك تنظيمية لحماية حقوق عاملات المنازل الوافدات، اللائي ما زلن لا يتمتعن بحماية في قانون العمل اللبناني. لكن أثر المدونة كان محدوداً في غياب آليات للإنفاذ. لم تتخذ الحكومة خطوات لتقليص خطر الاستغلال والإساءة إلى العمالة المنزلية، بما في ذلك إلغاء نظام الكفالة.

يشير التقرير إلى أن أعضاء مجلس التعاون الخليجي قد أعدوا عقوداً نموذجية على مستوى الخليج للعمالة المنزلية، وهي من شأنها أن تحسن تدابير الحماية القائمة في بعض الدول. لكن العقد ليس بالبديل الملائم لضمّ العمال المنزليين إلى القوانين الوطنية للعمل التي تتوفر معها آليات إنفاذ واضحة.

ولقد استعانت دول بمناطق أخرى من العالم بتدابير حماية أكثر قوة وشمولاً للعمال المنزليين. في مارس/آذار أصدرت الأرجنتين قانوناً يفرض مدة 48 ساعة كحد أقصى لساعات العمل الأسبوعية للعمال المنزليين، ويطبق متطلبات بفترة راحة أسبوعية، وقواعد الأجر الإضافي، وأيام العطلة السنوية، والإجازات المرضية وتدابير حماية الحمل والوضع. كما فرض القانون تدابير حماية إضافية لعاملات المنازل المقيمات في البيت مع أطفال.

وصدر حُكم مهم عن محكمة كينية في ديسمبر/كانون الأول 2012 يضع العمال المنزليين تحت حماية قانون العمل، إذ أمد العمال المنزليين بحد أدنى للأجر وامتيازات تأمين اجتماعي. أصدرت الفلبين قانوناً في يناير/كانون الثاني يحظر على مكاتب التوظيف وأصحاب العمل فرض رسوم استقدام للعمل وإخضاع أصحاب العمل لدفع الأجور وتوفير الامتيازات. فرضت إسبانيا متطلبات في نوفمبر/تشرين الثاني 2011 بحد أدنى للأجور، وإجازات أسبوعية وسنوية، وإجازة حمل ووضع، وتعويض على أوقات الاستدعاء عندما يكون العامل لا يعمل لكنه متفرغ لانتظار طلب أي عمل منه.

كما يقيّم التقرير حركات حقوق العمال المنزليين على مستوى القاعدة والمستويات الوطنية والإقليمية. على سبيل المثال قادت الكونفدرالية الدولية للنقابات العمالية حملة "12 في 12" بالشراكة مع نقابات وجماعات غير حكومية للترويج لتصديق الدول على اتفاقية العمال المنزليين. أدت جهود المناصرة لصالح الحملة إلى تنظيم مظاهرات واجتماعات مع مسؤولين حكوميين وحملات على صفحات التواصل الاجتماعي وانضمام أعضاء جدد للحملات وتحالفات جديدة في أوساط العمال المنزليين والنقابات العمالية في أكثر من 90 دولة.

إن تنظيم العمال المنزليين في الشرق الأوسط أمر يواجه العديد من التحديات، سواء كانت عملية – من حيث اقتصار الوقت والقدرة على التنقل – أو قانونية. في بعض الدول فإن عاملات المنازل ممنوعات بموجب القانون من تشكيل النقابات أو الانضمام إلى نقابات، لا سيما عندما يكن من المهاجرات. على سبيل المثال تحرم دول مجلس التعاون الخليجي عاملات المنازل من الحق في تكوين النقابات للمطالبة بحقوقهن.

وقالت ميرتل ويتبوي رئيسة الشبكة الدولية للعمال المنزليين: "حتى رغم توفير العمال المنزليين خدمات لا غنى عنها تعتمد عليها العائلات، من طهي وتنظيف ورعاية أطفال، فإننا قد تعرضنا للتمييز والتهميش على مدار أجيال. يجب أن ينتهي هذا الأمر".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة