Skip to main content

إيران ـ تهديدات لحرية الانتخابات ونزاهتها

حبس المعارضين والحملة المشددة على الإعلام والإفلات من العقاب تشوب آفاق المستقبل

(بيروت) ــ قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن العيوب الانتخابية الجسيمة وانتهاكات حقوق الإنسان من قبل الحكومة الإيرانية تقوض أي أمل جاد في إجراء انتخابات حرة ونزيهة في 14 يونيو/حزيران 2013. ما زال العشرات من النشطاء السياسيين والصحفيين المحتجزين أثناء الحملة القمعية العنيفة التي شنتها الحكومة في أعقاب انتخابات 2009 المتنازع عليها، ما زالوا في السجون، بينما يخضع اثنان من مرشحي الرئاسة السابقين للإقامة الجبرية، وقد شرعت السلطات بالفعل في تضييق منافذ الإنترنت، بعد أن استبعدت معظم المرشحين المسجلين للانتخابات الرئاسية والمحلية بشكل تعسفي.

 قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "تتطلب الانتخابات النزيهة ملعبا مستويا يمكّن المرشحين من خوض الانتخابات بحرية، ويمكن الناخبين من اتخاذ قرارات مدروسة. فكيف لإيران أن تجري انتخابات حرة بينما يقبع قادة المعارضة خلف القضبان ولا يستطيع الناس التحدث بحرية؟"

ستجري انتخابات 14 يونيو/حزيران لاختيار رئيس إيران القادم بالتزامن مع التصويت على شغل أكثر من 200 ألف مقعد في مجالس المدن والقرى، وليس على أوراق الاقتراع سوى المرشحين المقبولين رسمياً في كافة الحالات. انتهت فترة تسجيل المرشحين الرئاسيين في 11 مايو/أيار، وفي 21 مايو/أيار أعلن التلفاز الحكومي الإيراني عن انتهاء مجلس صيانة الدستور من فرز أكثر من 680 مرشحاً رئاسياً مسجلاً والموافقة على قائمة نهائية مكونة من ثمانية أسماء. من الوجوه المعروفة والبارزة التي استبعدها مجلس صيانة الدستور الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، ورحيم مشائي مستشار الرئيس محمود أحمدي نجاد، ووزير المخابرات السابق علي فلاحيان، ووزير الخارجية السابق منوشهر متكي.

وكانت السلطات في الأسبوع السابق قد استبعدت عدة مئات من المرشحين الذين سجلوا أسماءهم كمرشحين في انتخابات مجالس المدن والقرى. طعن بعض مرشحي المجالس المحلية على قرارات استبعادهم، إلا أن قوانين إيران الانتخابية لا تنص على إمكانية الطعن للمرشحين الرئاسيين المستبعدين. وقد جرى العرف بألا يعلن مجلس صيانة الدستور عن أسباب استبعاد المرشحين.

فيما بين 7 و11 مايو/أيار، قام 686 مرشحاً بينهم 30 سيدة بتسجيل أسمائهم كمرشحين رئاسيين. بعد انتهاء مهلة التسجيل بدأ مجلس صيانة الدستور، وهو هيئة غير منتخبة مكونة من 12 من رجال الدين، في فرز المرشحين استناداً إلى تشكيلة من المعايير ـ بعضها واضح، كالمعايير المتعلقة بالسن والمؤهلات التعليمية، غير أن بعضها الآخر يتسم بالغموض والقابلية للتأويل، ويتيح للسلطات اتخاذ قرارات كاسحة وتعسفية. دأب المجلس على استبعاد السيدات المرشحات لأن الدستور يشترط اختيار الرئيس من بين "رجال السياسة الأتقياء"، رغم الجدل الدائر بين فقهاء إيران الدستوريين حول ما إذا كان المقصود تفسير لفظة "رجال" على نحو يقتصر على الذكور. في 16 مايو/أيار، نشرت وكالة "مهر" الإخبارية الإيرانية شبه الرسمية تقريراً يفيد بأن محمد يزدي، أحد أعضاء مجلس صيانة الدستور من رجال الدين، قد قال إن "القانون لا يقبل" سيدة في الرئاسة.

بحسب المادة 115 من الدستور الإيراني، ينبغي للرئيس أن "ينتخب من بين رجال السياسة الأتقياء الحائزين على المؤهلات التالية: الأصل الإيراني، والجنسية الإيرانية، والقدرة وسعة الحيلة الإدارية، والسمعة الحسنة، والجدارة بالثقة والتقوى، والإيمان بالمبادئ الأساسية لجمهورية إيران الإسلامية والديانة الرسمية للبلاد [أي مذهب الشيعة الاثني عشرية]".

تضم الدفعة الحالية من المرشحين الرئاسيين عدداً ممن سبق لهم شغل أهم المناصب الحكومية منذ إقامة الجمهورية الإسلامية في 1979. وقد تورط بعضهم في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك عندما قامت السلطات بسحق الاحتجاجات الجماهيرية بعد انتخاب أحمدي نجاد المتنازع عليه في 2009. في 15 مايو/أيار زعمت تقارير صادرة عن نشطاء أن عمدة طهران محمد باقر قاليباف قد تباهى بدوره الهام والمحوري في قمع المظاهرات المناهضة للحكومة في 2009 بالاشتراك مع قوات الأمن والمخابرات. سبق لـ قاليباف، الذي يعد في صدارة المرشحين للفوز بالرئاسة، شغل مناصب كبرى في كل من الحرس الثوري والشرطة الوطنية، ويزعم أنه شارك مباشرة في القمع العنيف لانتفاضات الطلبة في 1999 و2003 أو أيد ذلك القمع.

وتواصل قوات الأمن احتجاز اثنين من أبرز المعارضين اللذين ترشحا أمام أحمدي نجاد في انتخابات 2009، وهما مير حسين موسوي ومهدي كروبي. ما زال الاثنان، إضافة إلى زهرة رهنورد زوجة موسوي، رهن الإقامة الجبرية. فرضت السلطات الإقامة الجبرية بعد دعوة موسوي وكروبي إلى التظاهر السلمي تضامناً مع الاحتجاجات الشعبية في مصر وغيرها من البلدان المتأثرة بالانتفاضات العربية في فبراير/شباط 2011.

قال مصدر مطلع مقرب من عائلة كروبي لـ هيومن رايتس ووتش إن مسؤولي وزارة المخابرات قد حبسوه في بناية سكنية لمدة زادت على 20 شهراً، سامحين له بمغادرة البناية بضعة مرات فقط، وأغلبها لتلقي العلاج الطبي في مستشفى قريب. يجب إتمام جميع الزيارات العائلية في حضور مسؤولي الأمن والمخابرات.

سمحت السلطات لـ موسوي ورهنورد بالبقاء في مسكنهما الخاص تحت الإقامة الجبرية، ولم توجه إلى واحد من الثلاثة أية تهمة، ولا أتيحت لهم وسيلة للطعن على حبسهم أمام المحاكم أو أمام هيئة قضائية مستقلة.

تحتجز السلطات أيضاً العشرات من منتقدي الحكومة والمعارضين، بمن فيهم أعضاء في أحزاب إصلاحية حكم عليهم بالسجن كجزء من الحملة القمعية التي أعقبت انتخابات 2009. في يناير/كانون الثاني 2013 عرقلت السلطات خططاً وضعها المجلس التنسيقي لجبهة الإصلاحات، وهو هيئة جامعة تنسق أنشطة الأحزاب الإصلاحية بما فيها بعض الأحزاب المحظورة، لعقد اجتماعات تهدف للتناقش واتخاذ القرار في القضايا المتعلقة بالانتخابات الرئاسية المقبلة.

قال عضو في حزب إصلاحي حظرت السلطات أنشطته لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات أبلغت المجلس التنسيقي بأنه لا يستطيع المضي قدماً في اجتماعاته إلا إذا قبل جميع القواعد والأحكام المتعلقة بالانتخابات، بما فيها تلك التي تنص على قيام مجلس صيانة الدستور بفرز المرشحين. قال المصدر أيضاً إن السلطات أبلغت المجلس التنسيقي بأن عليه التبرؤ من تأييد موسوي وكروبي وعدم السماح بمشاركة الأحزاب الإصلاحية المحظورة. في مواجهة هذه الشروط شعر المجلس التنسيقي بالاضطرار إلى إلغاء اجتماع خصص لمناقشة المشاركة في انتخابات 14 يونيو/حزيران.

شددت السلطات أيضاً من القيود المفروضة على المعلومات، فقامت على نحو متزايد بحجب مواقع الإنترنت التي تعترض عليها، وأبطأت سرعات الإنترنت بشكل كبير، واستدعت الصحفيين والمدونين للاستجواب وضيقت عليهم واعتقلتهم. يقبع عشرات الصحفيين والمدونين حالياً في السجون، بحسب "صحفيون بلا حدود"و"لجنة حماية الصحفيين".

قال اثنان من الصحفيين تحدثا مع هيومن رايتس ووتش بشرط حجب اسميهما مخافة التنكيل الرسمي إن وزارة المخابرات، ووزارة الثقافة والتوجيه الإسلامي، والمجلس الأعلى للأمن القومي أصدرت جميعاً خطوطا إرشادية مستديمة لوسائل الإعلام الإيرانية تحذرها من تجاوز "الخطوط الحمراء" للحكومة عند تغطية الانتخابات. وتشمل تلك الخطوط نشر التقارير عن موسوي أو كروبي أو الأحزاب السياسية المحظورة مثل جبهة المشاركة الإسلامية ومجاهدي الثورة الإسلامية.

قال موقع كلمة، وهو موقع إلكتروني إصلاحي، إن وزارة المخابرات استدعت ممثلين لمختلف الصحف في أسبوع 15 أبريل/نيسان لتعزيز ذلك التحذير. وأفاد "كلمة" بأن "الخطوط الحمراء" تشمل النقد المناوئ للمرشحين الرئاسيين. وقال الموقع إن مسؤولي وزارة المخابرات  أوضحوا أنهم لن يعتبروا انتقاد أحمدي نجاد، الذي لا يمكنه الترشح لفترة ثالثة على التوالي، خرقاً لـ"الخط الأحمر" رغم أن القضاء حبس عشرات الصحفيين، مثل بهمان أحمدي أموي، بتهمة "إهانة الرئيس" منذ مجيء أحمدي نجاد للسلطة في 2005.

في فبراير/شباط أصدر مكتب المدعي العام خطوطا إرشادية تحدد "المحتوى الإجرامي" الممنوع نشره فيما يتعلق بالانتخابات، ويشمل أية دعوة إلى مقاطعة التصويت أو المظاهرات غير المصرح بها. كما أن الخطوط الإرشادية والقوانين القائمة تجرم أي محتوى "يزعج العقل العام" في نظر السلطات أو ينشئ التوتر بين الطبقات الاجتماعية على أساس العنصر أو العرق أو غيرهما من العوامل؛ أو "يهين" المرشحين أو مسؤولي الحكومة؛ أو "يجافي الحقيقة" عند نشر التقارير عن عملية الفرز الرسمي للمرشحين أو نتائج الانتخابات.

أفاد مستخدمو الإنترنت في إيران بأنهم واجهوا صعوبة متزايدة في الوصول إلى المواقع الإلكترونية المحجوبة باستخدام الشبكات الافتراضية الخاصة ـ والتي كثيراً ما تستخدمها الشركات والأفراد لتأمين زوار مواقعها من الرقابة وللإفلات من حجب المواقع ـ وغيرها من أدوات الالتفاف منذ 4 مايو/أيار، رغم أن السلطات تقوم على نحو ممنهج بحجب المواقع وإبطاء سرعات الإنترنت والتشويش على البث الفضائي منذ 2009. قال أحد خبراء تقنية المعلومات الإيرانيين لـ هيومن رايتس ووتش إن الأساليب الحكومية لتقييد الوصول للمعلومات تبدو الآن وكأنها "أذكى وأكثر تطوراً" مما في الماضي، حيث يمثل حجب الشبكات الافتراضية الخاصة جزءاً من جهودها لتطوير إنترنت وطنية أو "حلال". تقول السلطات إنها تسعى إلى تطوير إنترنت وطنية لحماية المستخدمين من المحتوى الفاسد اجتماعياً وأخلاقياً، وللوقاية من هجمات الفيروسات أو البرمجيات الضارة القادمة من مصادر أجنبية.

في 17 مايو/أيار نشرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إيرنا" تقريراً يفيد بأن السلطات حجبت أربعة مواقع إلكترونية مرتبطة بمؤيدي مشائي، المرشح الرئاسي وحليف أحمدي نجاد الوثيق الذي استبعده مجلس صيانة الدستور في 21 مايو/أيار. في السنوات الأخيرة تزايدت حدة الانتقادات الصادرة عن رجال دين وسياسة على تحالف وثيق مع المرشد الأعلى علي خامنئي تجاه تأييد أحمدي نجاد لمشائي وترشحه، واصفة الثنائي بأنهما رأسا "التيار المنحرف".

قالت سارة ليا ويتسن: "في ظل الأوضاع القائمة، يصعب أن نرى كيف للانتخابات المقبلة أن تعتبر حرة بينما تواصل السلطات دفع الأمور في الاتجاه الذي تفضله وهي تقمع المعارضة لمصلحتها. إن الناخبين الإيرانيين يتعرضون لخديعة تحرمهم من الحق في انتخاب رئيس وممثلين من اختيارهم، بينما يمضي المسؤولون عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي أعقبت انتخابات 2009 طلقاء".

حبس منتقدي الحكومة ومعارضيها
يقضي العشرات من أعضاء الأحزاب الإصلاحية وغيرهم من معارضي الحكومة عقوبات بالسجن نابعة من الحملة القمعية التي تلت انتخابات 2009، وقد تعرض كثيرون منهم لمحاكمات غير عادلة أمام المحاكم الثورية، التي يخفق قضاتها في ضمان المعايير الاساسية للإجراءات السليمة. كما حكمت المحاكم على البعض منهم بعد محاكمات جماعية صورية تمت إدانتهم من خلالها باتهامات ذات دوافع سياسية صريحة، من قبيل "تحركات ضد الأمن القومي" و"الدعاية ضد النظام" و"عضوية جماعات غير مشروعة" و"الإخلال بالنظام العام".

كان يتم إجبار بعض المتهمين على الاعتراف أمام كاميرات التلفاز، في انتهاك للحق المكفول بموجب القانون الدولي في عدم إجبار الشخص على الشهادة ضد نفسه.

يقبع بهزاد نبوي، عضو البرلمان السابق والعضو رفيع المستوى في حزب مجاهدي الثورة الإسلامية الإصلاحي المحظور، في سجن إيفين في طهران. اعتقلت قوات الأمن نبوي يوم 13 يونيو/حزيران 2009، وهو اليوم التالي لانتخابات 2009، ثم وضعته في محبس انفرادي طوال شهور وأجبرته على الاعتراف أمام التلفاز بجرائم ضد الأمن القومي. حكمت إحدى المحاكم الثورية على نبوي بالسجن لمدة 6 سنوات في فبراير/شباط 2010.

قال مصدر مطلع ومقرب من محسن ميردامادي، الذي يرأس حزباً آخر من الأحزاب الإصلاحية المحظورة هو حزب جبهة المشاركة الإيرانية الإسلامي، قال لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات تراقب أعضاء الحزب وتضيق عليهم باستمرار وتمنعهم من عقد الاجتماعات. وقال إن مسؤولي الحكومة أغلقوا مكاتب الحزب عقب انتخابات 2009 ولم يسعهم الوصول إليها منذ ذلك الحين.

يقبع ميردامادي بدوره في سجن إيفين، حيث يقضي عقوبة بالسجن لمدة 6 سنوات لخرق الأمن القومي. اعتقلت قوات الأمن ميردامادي بعد انتخابات 2009 بقليل دون إبراز تصريح ساري المفعول، ثم وضعته في محبس انفرادي لمدة 110 يوماً قبل استعراضه أمام كاميرات التلفاز في إحدى المحاكمات الصورية. ويقضي مصطفى تاج زادة، القيادي في الحزب نفسه ومنتقد الحكومة، عقوبة في سجن إيفين أيضاً.

في 27 سبتمبر/أيلول 2010 أعلن المدعي العام والمتحدث القضائي عن حكم قضائي بحل كل من حزبي جبهة المشاركة الإيرانية الإسلامي ومجاهدي الثورة الإسلامية. كما منعت السلطات أعضاء جماعات المعارضة الأخرى، مثل حزب حركة الحرية، من عقد الاجتماعات.

قيود على الوصول للمعلومات
تثير تحذيرات "الخطوط الحمراء" التي أرسلتها السلطات للصحفيين والمنافذ الإعلامية قبل الانتخابات القلق بوجه خاص بالنظر لغياب المحاسبة المحيط باعتقال وتعذيب الصحفيين والمدونين وغير ذلك من ضروب إساءة المعاملة من قبل قوات الأمن الإيرانية. في 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2012، أبلغت السلطات عائلة المدون
ستار بهشتي بوفاته أثناء الاحتجاز بعد أن اعتقلته عناصر من شرطة الإنترنت الخاصة في 30 أكتوبر/تشرين الأول. في يناير/كانون الثاني أعلنت لجنة برلمانية عن قيام السلطات باعتقال عدة أشخاص على ذمة وفاة بهشتي، إلا أنها أعلنت أن اعتقاله الأصلي كان مشروعاً وبتصريح. لم يحاسب أحدعلى وفاة بهشتي.

منذ أواخر عام 2012 تظهر السلطات حساسية متزايدة تجاه تقارير الصحفيين العاملين في وسائل الإعلام الإيرانية وكذلك العاملين لحساب منافذ إعلامية أجنبية ناطقة بالفارسية. في 28 ديسمبر/كانون الأول، أصدر مرشد إيران الأعلى تحذيراً علنيا للصحفيين وغيرهم من الإيحاء بأن الانتخابات الإيرانية لن تكون حرة. في 21 يناير/كانون الأول ادعى المدعي العام غلام حسين محسني آجه آى في مؤتمر صحفي أن بحوزته أدلة على أن "بعض الصحفيين في إيران يتعاونون مع الغربيين وزعماء الثورة المضادة المقيمين بالخارج" وأن قوات الأمن ستعتقلهم قريباً.

بعد أيام اعتقلت السلطات أكثر من عشرة صحفيين من منازلهم أو مكاتبهم، على ذمة تغطيتهم للانتخابات المقبلة فيما يبدو، وأفرجت عن معظمهم لاحقاً. قال مصدر مطلع تحدث مع هيومن رايتس ووتش إن مسؤولي وزارة المخابرات انتزعوا من بعض الصحفيين تعهدات بعدم نشر تعليقات حساسة أو انتقادية في فترة الانتخابات. وثقت هيومن رايتس ووتش حملة قمعية مشابهة على الصحفيين والمدونين قبل انتخابات 2 مارس/آذار 2012 البرلمانية.

قالت صحفية تعمل في القسم الفارسي بإذاعة "صوت أمريكا"، لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات صادرت جواز سفر والدها مؤخراً عند عودته إلى إيران من رحلة بالخارج. وكانت السلطات قد فتشت منزله من قبل واستدعته للاستجواب بشأن عمل ابنته في "صوت أمريكا" الفارسية، منذرة إياه بأن عليها التوقف عن العمل كصحفية هناك.

في 2012 وثقت هيومن رايتس ووتش تضييقات مشابهة على أقارب الصحفيين العاملين في القسم الفارسي بهيئة الإذاعة البريطانية "البي بي سي".

غياب المحاسبة عن انتهاكات ما بعد 2009
في أثناء وأعقاب الاحتجاجات الجماهيرية بعد انتخابات 2009 الرئاسية،
قتلتقوات الأمن الإيرانية عشرات المتظاهرين المناهضين للحكومة، واعتقلت آلاف المتظاهرين السلميين تعسفياً وعذبت بعضهم. كما أجرت المحاكم الثورية محاكمات جماعية صورية، تشوبها انتهاكات عديدة وخطيرة للحقوق الأساسية في المحاكمة العادلة، مما أدى إلى إدانة وسجن مئات المتظاهرين ونشطاء المجتمع المدني وعناصر المعارضة السياسية. وبعد أربع سنوات، ما زالت السلطات لم تحاسب أي مسؤول رفيع المستوي على انتهاكات قوات الأمن الجسيمة وواسعة النطاق للحقوق.

في 21 يناير/كانون الثاني قال المدعي العام آجه آى إن القضاء سيحرك إجراءات جنائية يوم 26 فبراير/شباط بحق سعيد مرتضوي، المدعي العام السابق في طهران والرئيس الحالي لمؤسسة الضمان الاجتماعي الإيرانية، وبحق اثنين من مساعديه القضائيين على ذمة الانتهاكات المزعومة في منشأة الاحتجاز في كهريزك، بما فيها وفاة 5 أشخاص على الأقل، في أعقاب انتخابات 2009. وكان تحقيق برلماني في 2010 قد قدم أدلة على أن مرتضوي كان من أبرز الشخصيات في انتهاكات كهريزك. ما زالت محاكمة مرتضوي منظورة في جلسات مغلقة.

في ديسمبر/كانون الأول 2009 وجهت محكمة عسكرية تهمة القتل إلى 11 من ضباط الشرطة معظمهم من رتب دنيا ومواطن مدني واحد يزعم أنه تعاون مع الشرطة فيما يتعلق بوفاة المحتجزين في كهريزك. أدانت المحكمة معظم المتهمين فيما بعد إلا أنها برأت أعلى المتهمين رتبة، وهو الجنرال عزيز الله رجب زادة، الذي كان يرأس شرطة طهران في توقيت وفاة المحتجزين.

مرشحون يزعم تورطهم في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان
علاوة على التصريحات المذكورة أعلاه، استمعت هيومن رايتس ووتش إلى
تسجيل صوتي مدته ساعتان يُزعم أن المتحدث فيه هو قاليباف، في خطاب ألقاه مؤخراً على مجموعة من طلبة الباسيج في حفل خاص. يتكلم المتحدث عن احتجاجات الطلبة في 1999 ويقول إنه كان أحد قادة القوات الجوية للحرس الثوري في ذلك الوقت، وكان مسؤولاً عن تحرير خطاب إلى رئيس الجمهورية وقتها محمد خاتمي ينتقده على عدم التصدي لاحتجاجات الطلبة بجامعة طهران. ثم يمضي المتحدث قائلاً إنه أثناء الاحتجاجات كان مسؤولاً بصفة شخصية عن استخدام عصا لإخلاء الشوارع من الطلبة المتظاهرين.

أدت حملة الحكومة القمعية على المدينة الجامعية لجامعة طهران وعلى المظاهرات في أنحاء البلاد إلى وفاة أربعة أشخاص على الأقل، واعتقال واختفاء المئات من الآخرين.

بعد دقائق يقول المتحدث الذي يُزعم أن صوته هو صوت قاليباف لطلبة الباسيج إنه بصفته رئيس شرطة إيران الوطنية اعترض بشدة في اجتماع لوزارة الداخلية، حيث ضغط على السلطات حتى تمنحه إذناً كتابياً باقتحام جامعة طهران التي تواصلت احتجاجات الطلبة فيها طوال أسابيع في صيف 2003، وباستخدام الذخيرة الحية إذا لزم. ثم يمضي قائلاً إن قراره بالصمود أمام السلطات التي كان يشعر بأنها المسؤولة عن إذكاء نيران الاحتجاجات في طهران أرغم المتظاهرين على التراجع في النهاية، ولم تنشأ حاجة لاستخدام الصلاحية التي منحت له. استخدمت قوات الأمن العنف واستعانت بعناصر أهلية مؤيدة للحكومة وبقوات شبه عسكرية لضرب الطلبة المحتجين والتضييق عليهم واعتقالهم.

من المرشحين الرئاسيين الآخرين الذين يزعم تورطهم في انتهاكات جسيمة محسن رضائي وعلي أكبر ولاياتي. في 2006 أصدر قاض أرجنتيني لائحة اتهام تذكر الاثنين، إضافة إلى المرشحين المستبعدين علي فلاحيان وعلي أكبر هاشمي رفسنجاني، لتورطهما المزعوم في تفجير مركز يهودي في بوينس أيرس بالأرجنتين عام 1994، نجم عنه مقتل 85 شخصاً. ما تزال تصاريح الإنتربول باعتقال رضائي وفلاحيان سارية حالياً.

في يناير/كانون الثاني اتفقت حكومتا إيران والأرجنتين على إنشاء "لجنة للحقيقة" من خبراء القانون الدوليين لتحليل الأدلة المتعلقة بتفجير 1994 في بوينس أيرس. في 28 فبراير/شباط وافق البرلمان الأرجنتيني على الاتفاق، الذي ينص على سفر الخبراء إلى طهران وإجراء المقابلات مع الإيرانيين الذين صدرت بحقهم مذكرات توقيف من الإنتربول على علاقة بالهجوم. في 20 مايو/أيار نشرت وكالة الأنباء الإيرانية فارس تقريراً يفيد بأن حكومة أحمدي نجاد وافقت على مذكرة تفاهم مع الأرجنتين بشأن تشكيل لجنة الحقيقة دون انتظار موافقة البرلمان الإيراني. 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع