Skip to main content

على المملكة العربية السعودية إنهاء ملاحقة محامي حقوق الإنسان

مناصر بارز لحقوق الإنسان يواجه السجن لـ"ازدراء السلطة القضائية"

(بيروت) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على السلطات السعودية إنهاء ملاحقتها التي دامت 18 شهراً لمحامي حقوق الإنسان المقيم بجدة. لا تستند التهم الموجهة إلى وليد أبو الخير، والتي تشمل "ازدراء السلطة القضائية" و"محاولة تشويه سمعة المملكة"، إلى شيء سوى ممارسته السلمية لحقه في حرية التعبير، بحسب هيومن رايتس ووتش.

تقرر عقد الجلسة التالية لمحاكمة أبو الخير أمام المحكمة الجزئية بجدة في 21 أبريل/نيسان 2013، والتي سيقوم أحد القضاة خلالها بالتحقق من صحة أدلة معينة قدمها الادعاء. أتت المحاكمة، التي بدأت في سبتمبر/أيلول 2011، في أعقاب دفاع أبو الخير نيابة عن إحدى موكلاته، منتقداً قرار قاض سعودي بحبسها لمدة 7 أشهر دون محاكمة.

قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "تقوم ملاحقة الحكومة السعودية لـ أبو الخير بـ’تشويه‘ سمعة المملكة على نحو يفوق أي شيء قاله هو أو كتبه. وإذا كانت السلطات السعودية مهتمة حقاً بسمعة قضائها فإن عليها التوقف عن ملاحقة المحامين الذين ينتقدون أوجه القصور في النظام القانوني".

قال أبو الخير لـ هيومن رايتش ووتش إنه يعتقد أن القضية المقامة ضده تأتي على سبيل الثأر من تصريحات أدلى بها في 2010، حين انتقد تناول القاضي عبد الله العثيم لقضية سمر بدوي. كان القاضي قد أمر بإرسالها إلى السجن بسبب "عقوق" والدها. وكانت سمر بدوي، التي ادعت التعرض لسنوات طوال من الإساءة البدنية والنفسية على يد أبيها، تحاول نقل الولاية عليها من أبيها إلى أحد أقاربها الذكور في توقيت توقيفها. ورغم الحكم الصادر لصالحها من المحكمة العامة بجدة في يوليو/تموز 2010، لم تفرج السلطات عنها حتى أكتوبر/تشرين الأول 2010، عقب تدخل محافظ مكة، خالد بن فيصل آل سعود.

خلال أولى جلسات محاكمة أبي الخير في سبتمبر/أيلول 2011، قال أبو الخير لـ هيومن رايتس ووتش إن القاضي عبد المجيد الشويهي من المحكمة الجزئية بجدة تلا عليه تهم "ازدراء القضاء" و"التواصل مع جهات أجنبية" و"المطالبة بملكية دستورية" و"المشاركة في [برامج] الإعلام بهدف تشويه سمعة البلاد" و"تحريض الرأي العام ضد النظام العام للبلاد" شفهياً. ومع ذلك فإن أبو الخير حين تسلم لائحة الاتهامات أخيراً في أغسطس/آب 2012، كانت الاتهامات تشمل "ازدراء السلطة القضائية" و"محاولة تشويه سمعة المملكة" و"تضليل العدالة" و"تضليل جهة التحقيق".

قال أبو الخير إنه على مدار الشهور الـ18 الأخيرة، رفض القاضي السماح له بالاطلاع على الأدلة المقدمة بحقه. ويشمل هذا شهادتين أعطاهما القاضي العثيم إلى المحكمة الجزئية ويزعم أنهما تصفان سلوك أبو الخير "اللاأخلاقي" اثناء محاكمة سمر بدوي، علاوة على عدة تعليقات عن القضية يزعم الادعاء أنه نشرها في منتديات النقاش على الإنترنت.

قال أبو الخير إنه لا يعلم أساساً لتهمتي "تضليل العدالة" و"تضليل جهة التحقيق" لكنه يعتقد إنهما نبعتا من تلك المصادر، التي لم يرها.

بحسب لائحة الاتهام، تنبع تهمة "محاولة تشويه سمعة المملكة" من تزويد هيومن رايتس ووتش، ضمن أمور أخرى، بمعلومات "كاذبة" حول قضية سمر بدوي، كما ورد في بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش في أكتوبر/تشرين الأول 2010.

وتشمل الأدلة الأخرى التي استشهد بها الادعاء تصريحا علنيا وقعه أبو الخير في 2011 ينتقد أحكام السجن لمدة 30 عاماً الصادرة في أواخر 2010 على مجموعة من المدافعين عن حقوق الإنسان تعرف بإصلاحيي جدة، علاوة على عدة مقابلات إعلامية ناقش فيها قضية سمر بدوي، منها مقابلة على الهواء أجراها أبو الخير مع الشبكة التلفزيونية الفضائية التي تغطي أرجاء العالم العربي، شبكة روتانا.

حاول أبو الخير الدفاع عن نفسه في إفادات للمحكمة بقوله إنه لم يتصرف قط على نحو لا أخلاقي في حضرة القاضي العثيم، وإن القاضي لم يدنه بتهمة ازدراء المحكمة طيلة محاكمة سمر بدوي. وطلب من المحكمة أن تقبل شهادة سمر بدوي فيما يتعلق بمسلكه في القضية، إلا أن القاضي لم يلب طلبه. صرح أبو الخير أيضاً بأن القاضي العثيم هدده مراراً في 2010، قائلاً إنه "سيجعله يندم على ما يفعله".

قال أبو الخير إنه إذا أدين فقد يواجه حكماً مطولاً بالسجن، وهو يتوقع أن تفرض السلطات منعه من السفر في أعقاب تمضية عقوبة السجن. لا يعرف أبو الخير متى سيصدر القاضي حكمه.

فرضت السلطات على أبي الخير المنع من السفر في مارس/آذار 2011، قبل سبعة أشهر من توجيه الاتهام إليه، مما منعه من السفر إلى الولايات المتحدة لمتابعة زمالة ممنوحة من وزارة الخارجية الأمريكية. ومنذ بدأت محاكمته في 2011، قامت السلطات بتعليق رخصته لممارسة المحاماة فحرمته من مصدر دخله الرئيسي. كما استهدفته وسائل الإعلام المحلية بالإشارة إليه في عدة مناسبات باسم "أبو الشر"، في لعبة لفظية على اسم عائلته.

تبرهن الإجراءات الجنائية السعودية، التي تسمح للقضاة بتبادل أدوار الخصم والحكم، على أن افتراض البراءة أو محاكمة المتهمين أمام محكمة مستقلة ومحايدة غير قائمين في الممارسة الفعلية، كما قالت هيومن رايتس ووتش. وما لم تكن الجريمة "كبرى" بتعريف القانون السعودي، فإن قاضي المحاكمة يقوم بدوري القاضي وممثل الادعاء معاً.

في كافة القضايا الجنائية، يمكن للقاضي تغيير التهم الموجهة إلى المتهم في أي وقت. وفي غياب قانون مكتوب للعقوبات، يبدو أن القضاة يسعون في بعض القضايا إلى إثبات ارتكاب المتهم لأفعال بعينها، يصنفونها بعد ذلك كجرائم، بدلاً من إثبات ارتكاب المتهم لعناصر جريمة محددة كما ينص عليها القانون.

قالت سارة ليا ويتسن: "إن القاضي الشويهي، بتغييره للتهم وحرمان أبو الخير من حق الاطلاع على كافة الأدلة المقدمة ضده، يقدم البرهان العيني على سبب احتياج نظام العدالة الجنائية في المملكة العربية السعودية إلى إصلاح عاجل".

اشتهر أبو الخير بدفاعه عن آخرين من نشطاء حقوق الإنسان، ومنهم عبد الرحمن الشميري أحد إصلاحيي جدة، المجموعة التي تضم نحو 12 رجلاً اعتقلوا في فبراير/شباط 2007، بزعم جمع التبرعات للإرهاب. اشتهر إصلاحيو جدة بموقفهم العلني المطالب بإصلاحات حقوقية وسياسية في المملكة العربية السعودية.

في يونيو/حزيران 2009، رفع أبو الخير دعوى على وكالة المخابرات الداخلية السعودية المعروفة بجهاز المباحث العامة (أو المباحث) لاعتقالها الشميري دون وجه حق. إلا أن المحكمة حكمت في 2010 بأنها غير مختصة بالنظر في القضية لأن المباحث كانت قد أصدرت لائحة الاتهام في ذلك الوقت.

في فبراير/شباط 2011، وقع أبو الخير على التماسين يطالبان بالإصلاح السياسي تم تقديمهما إلى الملك عبد الله. دعا الأول، "نحو دولة الحقوق والمؤسسات"، إلى برلمان منتخب بسلطات تشريعية كاملة، وإلى الفصل بين منصبي الملك ورئيس الوزراء، والإفراج عن السجناء السياسيين، ضمن مطالب أخرى. أما الثاني، "الإعلان الوطني للإصلاح"، فقد طالب بانتخاب الهيئات صانعة القرار على المستويات المحلية والإقليمية والوطنية، وكذلك مراجعة القانون الأساسي للبلاد بحيث يشمل حماية الحقوق والفصل الحقيقي بين السلطات والإفراج عن السجناء السياسيين، ضمن مطالب أخرى.

يشرف أبو الخير أيضاً على مجموعة  "مرصد حقوق الإنسان في السعودية" على موقع فيسبوك، والتي تحجب المملكة موقعها الإلكتروني. في أوائل يوليو/تموز 2009، هددت المباحث كلا من أبو الخير ووالده، آمرة إياهما بالإقلاع عن نشاطهما في مجال حقوق الإنسان وإلا واجها التوقيف والمحاكمة.

تأتي محاكمة أبو الخير وسط حملة قمعية واسعة على المدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء المجتمع المدني في أرجاء المملكة. في مارس/آذار 2013، حكمت السلطات على محمد القحطاني وعبد الله الحامد، المشاركين في تأسيس الجمعية السعودية للحقوق المدنية والسياسية، بالسجن لمدة 10 سنوات و11 سنة على الترتيب بتهم "زعزعة الأمن بالدعوة للمظاهرات" و"تقديم معلومات غير صحيحة لجهات خارجية" و"السعي إلى زرع الفتنة والانقسام في المجتمع" و"المشاركة في تأسيس جمعية غير مرخصة".

تعمد السلطات السعودية بانتظام إلى ملاحقة نشطاء حقوق الإنسان بناءً على ممارستهم السلمية لحقهم في حرية التعبير، في محالفة مباشرة لالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان. فالميثاق العربي لحقوق الإنسان، الذي صدقت عليه المملكة العربية السعودية، يكفل حرية الرأي والتعبير بموجب المادة 32.

قالت سارة ليا ويتسن: "تظهر هذه الملاحقات القضائية افتقار المملكة العربية السعودية للتسامح مع أي رأي معارض يطالب بالإصلاح الحقوقي والسياسي في هذا النظام الملكي المطلق".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع

الأكثر مشاهدة