Skip to main content

على الرئيس الأمريكي الضغط على قادة الشرق الأوسط لوقف الانتهاكات

يجب وضع المستوطنات والمحتجزين وطالبي اللجوء على رأس جدول الأعمال

(القدس) ـ قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على الرئيس الأمريكي باراك أوباما ممارسة الضغط على القادة الإسرائيليين والفلسطينيين لمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة في أثناء زيارته الحالية للمنطقة. يزور أوباما الشرق الأوسط في الفترة من 20 إلى 22 مارس/آذار 2013. 

على أوباما التعامل علناً مع القضايا الرئيسية مثل توسع إسرائيل غير المشروع في الاستيطان والتمييز ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، وغياب المحاسبة على انتهاكات قوانين الحرب في غزة، وإساءة معاملة المحتجزين الفلسطينيين وطالبي اللجوء الأفارقة. كما يتعين عليه دعوة السلطات الفلسطينية إلى محاسبة أعضاء أجهزتها الأمنية على الانتهاكات، بما فيها الاعتقالات التعسفية وتعذيب المحتجزين والحملات القمعية على وسائل الإعلام. 

قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "لا ينبغي لحل المشاكل المتعلقة بحقوق الإنسان أن ينتظر تسوية شاملة للصراع الإسرائيلي-الفلسطيني. وعلى الرئيس أوباما أن يستغل زيارته ليبرهن على أن إدارته جادة بشأن تعزيز حقوق الإنسان، وأنها ستضغط بقوة من أجل المحاسبة على الانتهاكات". 

إسرائيل
قالت هيومن رايتس ووتش إن على أوباما دعوة إسرائيل إلى وقف هدمها غير المشروع للمنازل الفلسطينية وإقامة المستوطنات بصفة غير قانونية في الضفة الغربية. كما يتعين عليه الإعلان عن أن إدارته ستحجب دعمها المالي لإسرائيل بما يعادل الإنفاق الإسرائيلي على المستوطنات، وإعادة النظر في معارضة إدارته لدخول فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية.

بحسب إحصاءات الأمم المتحدة، قامت إسرائيل بتهجير 3390 فلسطينياً بالقوة من مناطق تخضع بالكامل لسيطرة السلطات العسكرية الإسرائيلية منذ بداية الولاية السابقة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 31 مارس/آذار 2009 وحتى 4 مارس/آذار 2013، وهو أخر موعد تتوافر أرقام بشأنه. في هذه المناطق، القدس الشرقية والمنطقة "ج" من الضفة الغربية، قامت السلطات العسكرية الإسرائيلية بتهجير فلسطينيين عن طريق هدم منازلهم وبنيتهم الأساسية.

كما حرم الجيش الإسرائيلي كثيراً من المجتمعات الفلسطينية من الوصول إلى الكهرباء والمياه وشبكات الطرق، ودأب على مصادرة الخيام التي تتبرع بها الوكالات الإنسانية للفلسطينيين الذين هدمت منازلهم. 

يحاول الجيش الإسرائيلي تبرير عمليات الهدم بالقول بافتقار الفلسطينيين إلى تصاريح البناء أو وجودهم في أماكن لم يجر تخطيطها للبناء السكني. إلا أنه بموجب القانون الإنساني الدولي المتعلق بالاحتلال، لا يجوز لإسرائيل هدم ممتلكات خاصة كالمنازل إلا في حالة الضرورة القصوى أثناء العمليات العسكرية. بحسب جماعة "بيمكوم" الحقوقية الإسرائيلية، ترفض سلطات التخطيط العسكرية نحو 94 بالمئة من طلبات تصاريح البناء الفلسطينية.

تستبعد سلطات التخطيط الإسرائيلية الفلسطينيين من عملية التخطيط في المنطقة "ج"، لكنها تشرك المستوطنين الإسرائيليين، الذين وافقت الحكومة في السنوات الأخيرة على خططهم لإقامة الآلاف من الوحدات السكنية، وشبكات الطرق الخاصة وغيرها من مرافق البنية الأساسية. صرحت إدارة الرئيس أوباما مراراً أثناء ولايته الأولى بمعارضتها للمستوطنات الإسرائيلية، مما دفع إسرائيل إلى فرض حظر جزئي على إقامة مستوطنات جديدة في 2010. 

غير أن الحكومة الإسرائيلية رفعت الحظر بعد 10 شهور، وتزايدت عطاءات إنشاء وحدات سكنية جديدة بالمستوطنات من 170 في 2009 إلى 3148 في 2012، بحسب منظمة "السلام الآن" الإسرائيلية. كما صرحت الحكومة الإسرائيلية بأثر رجعي بإقامة 10 "بؤر استيطانية" كان قد تم بناؤها بالمخالفة للقانون الإسرائيلي، بحسب تقارير "السلام الآن".

وقالت هيومن رايتس ووتش إن على إدارة الرئيس أوباما تجنب تعويض تكاليف الإنفاق الإسرائيلي على الاستيطان عن طريق حجب التمويل الأمريكي عن الحكومة الإسرائيلية بمبلغ يعادل إنفاقها – إسرائيل – على المستوطنات والبنية الأساسية الخاصة بها. ارتفع التمويل الخاص للاستيطان من 760,7 مليون شيكل (207 مليون دولار أمريكي) في 2009 إلى 1,1 مليار شيكل (298 مليون دولار أمريكي) في 2012، بما فيه مشروعات البنية الأساسية، وتعويضات المستوطنين المتضررين من الحظر المفروض على الإسكان الجديد، و"علاوة سنوية مرتبطة باتفاقية أوسلو"، وغير ذلك من أوجه الدعم. وزاد الدعم المالي الأمريكي لإسرائيل من 2,6 مليار دولار في 2009 إلى 3,1 مليار دولار في 2012. 

إن الحالات التي قامت فيها إسرائيل على نحو غير مشروع بتهجير فلسطينيين من تجمعاتهم السكنية، وسياساتها التي تشجع المستوطنات وتحافظ عليها، تنتهك نظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية. ولأن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية يمكنه توفير سبيل للمحاسبة على انتهاكات القانون الدولي المرتبطة بنظام الاستيطان الإسرائيلي ـ وكذلك توفير سبل المحاسبة على الجرائم المرتكبة بحق المدنيين الإسرائيليين من قِبل الجماعات الفلسطينية المسلحة ـ فإن علي الرئيس أوباما أن يعيد النظر في معارضة إدارته لوصول الفلسطينيين إلى المحكمة الجنائية الدولية، بحسب هيومن رايتس ووتش.

قالت سارة ليا ويتسن: "ينبغي للرئيس أوباما أن يذكر إسرائيل بأن التزاماتها القانونية الدولية كقوة احتلال غير قابلة للتفاوض، وبأن الولايات المتحدة لن تتحمل تكاليف انتهاك هذه الالتزامات، وبأن تلك الانتهاكات قد تنطوي على مسؤولية جنائية". 

دعت هيومن رايتس ووتش الرئيس أوباما إلى الضغط على إسرائيل لوقف احتجاز الفلسطينيين دون اتهام أو محاكمة بموجب أوامر "احتجاز إداري". كما يجب على إسرائيل التوقف عن احتجاز طالبي اللجوء دون توفير محامين لهم. وعلى إسرائيل التوقف عن الضغط على الرعايا الإريتريين والسودانيين المحتجزين لكي يغادروا البلاد ويعودوا إلى بلادهم الأصلية، حيث يواجهون خطر الإيذاء الحقيقي، عن طريق تهديدهم بالاحتجاز طويل الأمد إذا بقوا في إسرائيل. على إسرائيل أن تسمح للمهاجرين المحتجزين بطلب اللجوء. 

وقالت هيومن رايتس ووتش إنه يجب على الرئيس أوباما كذلك الضغط على إسرائيل لإنهاء الغياب شبه التام للمحاسبة عن انتهاكات قوانين الحرب في غزة أثناء عملية "الرصاص المصبوب" في 2008-2009 وعملية "عمود الدفاع" في 2012. على إسرائيل أن تنفذ توصيات اللجنة الإسرائيلية العامة التي يرأسها قاضي المحكمة العليا السابق يعقوف تيركل، بضرورة إصلاح آلياتها الخاصة بالتحقيق في انتهاكات أجهزتها الأمنية. 

السلطة الفلسطينية
قالت هيومن رايتس ووتش إن على أوباما أثناء زيارته المزمعة للضفة الغربية أن يصرح علناً بأن إدارته ستفرض شروطاً على الدعم الأمريكي للسلطة الفلسطينية ما لم تتم محاسبة أجهزتها الأمنية عن انتهاكاتها الخطيرة  لحقوق الإنسان. 

في 2012 قامت الأجهزة الأمنية بتنفيذ اعتقالات تعسفية وضيقت على الصحفيين والمدونين وضربت متظاهرين سلميين واعتدت عليهم. أمد وزير داخلية السلطة الفلسطينية، سعيد أبو علي، هيومن رايتس ووتش بتقرير داخلي ورد فيه أن وزارته اتخذت إجراءات تأديبية بحق 12 من رجال الشرطة المذكورين بالاسم والمسؤولين عن انتهاكات بحق متظاهرين في مظاهرتين في رام الله في أواخر يونيو/حزيران وأوائل يوليو/تموز 2012. 

إلا أن السلطة الفلسطينية لم تقدم معلومات تدل على قيامها بتأديب رجال أمن آخرين مسؤولين عن انتهاكات مزعومة أخرى، أو على أن المحاكم الفلسطينية لاحقت مسؤولي الأمن جنائياً على انتهاكاتهم الجسيمة لحقوق الإنسان. في 163 حالة وثقتها الهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان أثناء عام 2012، قامت الأجهزة الأمنية، بحسب المزاعم، بتعذيب محتجزين أو إساءة معاملتهم. ورغم الأدلة القوية على التعذيب في بعض الحالات، لم تصدر إدانة بحق أي مسؤول أمني. 

في يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط 2012، تلقت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان 27 شكوى إضافية بشأن التعذيب وإساءة المعاملة من طرف الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية، تشمل ضرب المحتجزين ولكمهم، وتعليقهم من السقف، وإرغامهم على الوقوف في أوضاع مؤلمة لفترات طويلة. 

على الحكومة الأمريكية أن تشرط الدعم والتدريب، وكذلك دعم الموازنة غير المباشر المخصص للسلطة الفلسطينية والذي تنفقه على أجهزتها الأمنية، بإجراء تحقيقات جدية في الانتهاكات وملاحقتها قضائياً. وعليها أن تلزم السلطة الفلسطينية بنشر معلومات شفافة وتفصيلية، بانتظام، عن أي إجراءات محاسبة تم اتخاذها بحق مسؤولي الأمن المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. 

قالت سارة ليا ويتسن: "على الرئيس أوباما وهو في الضفة الغربية أن يصدر إشارة واضحة وعلنية مفادها أن الولايات المتحدة لن تغض الطرف عن انتهاكات السلطة الفلسطينية". 

لن يزور الرئيس أوباما قطاع غزة، لكن عليه استغلال مناسبة زيارته لإسرائيل والضفة الغربية في رفع صوته بالاعتراض على حصار إسرائيل العقابي للقطاع، وخاصة منع صادرات غزة بشكل شبه كامل، وعلى أن مصر بدورها منعت حركة البضائع تماماً في المعابر التي تسيطر عليها. 

قالت هيومن رايتس ووتش إن على أوباما أيضاً أن يثير قضية انتهاكات حقوق الإنسان وانتهاكات قوانين الحرب من قبل حماس والجماعات الفلسطينية المسلحة. وثقت هيومن رايتس ووتش في غزة عمليات احتجاز بمعزل عن العالم الخارجي وتعذيب على أيدي المسؤولين الأمنيين بحماس، وإدانات صدرت بناءً على أدلة منتزعة بالإكراه في نظام غزة القضائي، وإعدام سجناء مدانين بعد محاكمات غير عادلة. أخفقت سلطات حماس في التحقيق مع أعضاء الجماعات الفلسطينية المسلحة ومحاسبتهم على إعدام سبعة رجال خارج نطاق القانون، وعلى الاستخدام العشوائي عديم التمييز للهجمات الصاروخية التي قتلت 3 مدنيين إسرائيليين في نوفمبر/تشرين الثاني 2012. 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة