Skip to main content

إيران: يجب تقديم المدعي العام السابق للعدالة عن انتهاكات حقوق الإنسان

يجب فتح تحقيق جنائي مع سعيد مرتضوي

(بيروت)- قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن أي تحقيق جنائي مع سعيد مرتضوي، المدعي العام لمدينة طهران، يجب أن يتضمن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تم اتهامه بها من قبل، ويجب أن يتسم التحقيق بالسرعة والشفافية، وتقديمه للمحاكمة إذا ثبت تورطه في الجرائم المنسوبة إليه. ويواجه مرتضوي، الذي يرأس مؤسسة إيران للضمان الاجتماعي، تهماً بقتل وتعذيب واحتجاز العشرات من المحتجين في أعقاب انتخابات عام 2009 الرئاسية المتنازع على نتيجتها، بالإضافة إلى انتهاكات أُخرى لحقوق الإنسان ارتكبها على مدار ما يزيد على 12 عاماً. تم إلقاء القبض على مرتضوي، ثم إطلاق سراحه يوم 6 فبراير/شباط.

قامت السلطات بإلقاء القبض على مرتضوي يوم 4 فبراير/شباط لعلاقته بما يزعم أنه إساءة استخدام مخصصات مؤسسة إيران للضمان الاجتماعي، حسب ما قالته وكالة أنباء فارس شبه الرسمية، لكن السلطات أطلقت سراحه صباح يوم الأربعاء. تم إلقاء القبض على مرتضوي بعد يوم واحد من تصويت البرلمان الإيراني على سحب الثقة من وزير العمل في إدارة الرئيس محمود أحمدي نجاد، وذلك لرفضه عزل مرتضوي من رئاسة مؤسسة الضمان الاجتماعي، في حين شن الرئيس هجوما على مُنتقديه، واصفاً إياهم بالفساد. وفي شهر يناير/كانون الثاني، أعلن المُدعي العام الحالي أن السلطات القضائية قد تتخذ أجراءات جنائية ضد مرتضوي في فبراير/شباط، ولذلك لصلته المزعومة بالانتهاكات التي حدثت في سجن كهريزاك في أعقاب الانتخابات الرئاسية. ومع ذلك، لا يتضح إذا ما كان القبض عليه بسبب تلك الانتهاكات أم لا. وكان تحقيق برلماني عام 2010 قد قدم دليلاً يزعم أن مرتضوي كان من القيادات البارزة للانتهاكات التي تمت عام 2009.

قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش:"مهما كان من أمر المُخالفات المالية المزعومة التي ارتكبها مرتضوي، فإن هناك انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان يجب أن يتم التحقيق الجنائي معه بشأنها. دعونا نأمل بأن هناك جانب إيجابي للدافع السياسي الذي يبدو أنه وراء إلقاء القبض على مرتضوي بشكل أولي، وهو أن يكون هناك تحقيق في دوره في عمليات التعذيب والقتل".

في 21 يناير/كانون الثاني،صرح غلام- رضا مُحسني إيجائي، وهو متحدث رفيع المستوى باسم السلطة القضائية، ويشغل منصب المُدعي العام، صرح أن السلطة القضائية قد تتخذ إجراءات جنائية ضد مرتضوي واثنين من مساعديه القضائيين لدورهم المزعوم في تعذيب وقتل متظاهرين معارضين للحكومة عقب انتخابات 2009 الرئاسية المتنازع على نتيجتها. ولقد أثار تعيين مرتضوي رئيساً لمؤسسة الضمان الاجتماعي غضب عديد من منتقدي الرئيس أحمدي نجاد، وأدى هذا في النهاية إلى الإطاحة برئيس مرتضوي المُباشر، وهو وزير العمل، أثناء جلسة البرلمان يوم 3 فبراير/شباط.

بعد يوم واحد، وفي 4 فبراير/شباط، قامت السلطات بإلقاء القبض على مرتضوي، ووجهت له تهمة اختلاس أموال أثناء توليه رئاسة مؤسسة الضمان الاجتماعي.

في يناير/كانون الثاني 2010، ذكر استجواب برلماني بخصوص الوفيات التي حدثت في سجن كهريزاك، أن مرتضوي، وهو قاض سابق وكان يشغل منصب المدعي العام لمدينة طهران، قد لعب دوراً بارزاً في نقل المُعتقلين وإساءة معاملتهم في سجن كهريزاك، كما حدد الاستجواب أسماء حيدريفارد وحسن دهنوي، وهو أحد نُواب مرتضوي، كمشتبه بهما في القضية.وكانت وسائل الإعلام الإيرانية أفادت على نحو واسع بأن 3 من المُعتقلين قد ماتوا على يد قوات إنفاذ القانون في سجن كهريزاك عام 2009، وهم أمير جوادي فر ومحمد كامراني ومحسن روح الأميني. وفي عام 2010، أفادت تقارير نقلاً عن عائلات الضحايا ونشطاء حقوقيين أن إثنين آخرين من المعتقلين قد ماتا بعد إطلاق سراحهما، وهما رامين أغازاده قهرماني وعباس نجاتي- كاركربسبب جراح لحقت بهما في الحجز، حسب التقارير. وترفض السلطات حتى الآن الربط بين موتهما وبين الجراح التي أصابتهما أثناء احتجازهما بسجن كهريزاك.

وزعم معتقلون آخرون أنهم تعرضوا للتعذيب والانتهاك، بما في ذلك الاعتداء الجنسي، أثناء احتجازهم في سجن كهريزاك. هذا بالإضافة إلى شهادة إثنين من الأطباء قاما بعلاج بعض الضحايا، وقدما شهادتهما أمام لجنة برلمانية عام 2009، ولقيا حتفهما بعد ذلك في ظروف غامضة. ولقد تناقضت تقاريرهما مع ما ذكره مرتضوي وآخرون أن المعتقلين ماتوا بسبب مرض الالتهاب السحائي.

كما قام البرلمان الإيراني في يوليو/تموز 2009، بتشكيل لجنة برلمانية خاصة للتحقيق في حالة المعتقلين بعد الانتخابات بهدف التحقق من المزاعم بشأن تعذيب وانتهاك حقوق من تم القبض عليهم في الحملة الأمنية في أعقاب الانتخابات. وقد توصل تقريراللجنة أن مرتضوي، المدعي العام لطهران في ذلك الوقت، ادعى أن قراره بنقل المعتقلين إلى سجن كهريزاك كان بسبب نقص الأماكن في سجن إيفن، شماليّ طهران. لكن السلطات في سجن إيفن أخبرت اللجنة أن سجنهم كان جاهزاً لاستقبال المعتقلين. وخلصت اللجنة إلى نتيجة مفادها أن قرار مرتضوي بنقل المتظاهرين إلى كهريزاك " كان غير مُبرر، حتى وإن لم يكن سجن إيفن جاهزاً" لاستقبالهم. وحمْلت مرتضوي مسئولية مقتل جوادي فر وكامراني وروح الأميني.

وفي ديسمبر/كانون الأول عام 2009، وجهت محمكة عسكرية التهم بقتل المحتجزين في سجن كهريزاك إلى 11 ضابط شرطة، وفرد مدني يزعم أنه كان يتعاون مع الشرطة ، بسبب حالات الوفاة التي حدثت في كهريزاك. وفي 30 يونيو/حزيران، أشارت تقارير وسائل الإعلام الإيرانية إلى أن المحكمة العسكرية أدانت اثنين من المتهمين، وأصدرت أحكاماً ضدهما بالإعدام والجلد والغرامة المالية لتعويض عائلات الضحايا. كما أصدرت أحكاماً غير معلومة بالسجن والغرامة المالية بحق تسعة آخرين لدورهم في الانتهاكات التي تم ارتكابها في المعتقل، حسب ما جاء في التقارير الإعلامية. لكن المحكمة برأت المتهم الأعلى رتبة وهو الجنرال عزيز الله رجب زاده، قائد قوات شرطة طهران في ذلك الوقت، من كافة التهم المنسوبة إليه.

كانت جلسات الاستماع في المحكمة سرية، ولم يتم التحقيق مع أي مسئول رفيع المستوى في القضاء أو الشرطة مثل مرتضوي ودهنوي (نائب مرتضوي والمعروف أيضاً باسم القاضي حداد) وحيدريفارد (أحد نواب مرتضوي) وإسماعيل أحمدي مقدم (نائب قائد قوات إنفاذ القانون) وأحمد رضا رادان (نائب قائد قوات الشرطة). وفي يوم 30 أبريل/نيسان، نشر موقع تابناك الإخباري الموالي للنظام خبراً حول قيام قوات الأمن بالقبض على حيدريفارد، لكن السلطات قالت بعد ذلك أنها استدعته لأمر جنائي لا علاقة له بأحداث كهريزاك.

وفور صدور حكم المحكمة العسكرية، أعلن أهالي الضحايا أنهم عفوا عن الضابطين المحكوم عليهما بالإعدام. وذلك لكي يشهدوا عقاب الجناة الحقيقين، وتابعوا قضيتهم منذ ذلك الحين ضد مرتضوي ودهنوي وحيدريفارد، حيث يعتقدون أنهم المسؤولين عن مقتل أبنائهم. وقد فقد الثلاثة مناصبهم في السلطة القضائية عام 2012، عقب التحقيق في تورطهم في حالات الوفاة في كهريزاك، كما فقدوا حصانتهم الحكومية نتيحة لذلك حتى يمكن محاكمتهم. وعن الرغم من الأدلة القوية على ارتكاب مرتضوي انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، فقد تولى مناصب رفيعة في إدارة الرئيس محمود أحمدي نجاد، في البداية كرئيس لقوات مكافحة التهريب ثم كرئيس لمؤسسة الضمان الاجتماعي.

طالبت هيومن رايتس ووتش السلطات الإيرانية بتوفير معلومات علنية بخصوص وضع التحقيق الجنائي أو الدعوى القضائية ضد مرتضوي، وغيره من المسؤولين رفيعي المستوى االمتسببين في الانتهاكات في كهريزاك، وأثناء حملة الاعتقالات التى أعقبت الانتخابات. مر أكثر من ثلاث سنوات على موت المحتجين المعارضين للحكومة في معتقل كهريزاك، ولم يستطع القضاء حتى الآن توفير معلومات محددة بخصوص التحقيقات الجنائية أو الإجراءات التى يتم اتخاذها ضد مرتضوي وغيره من المتهمين.

وكان مرتضوي أيضاً مسؤول التحقيق مع قياديين إصلاحين ومسؤولين حزبيين عقب الانتخابات، طبقا لما قاله أقارب أشخاص اعتقلتهم قوات الأمن لـ هيومن رايتس ووتش. قالوا إنه قاد التحقيقات مع المعتقلين بحكم منصبه كمدع للمحكمة الثورية، ونائب عام لطهران أيضاً.

يجب على السلطات الإيرانية أن تفتح كذلك تحقيقاً جنائياً يبحث في مجموعة من الانتهاكات التى حدثت في السابق، عندما كان مرتضوي يعمل قاضياً، ومدعياً عاماً.

في أبريل/نيسان 2000،  قاد مرتضوي حملة اعتقالات لإسكات المعارضة المتزايدة في إيران، وأصدر أمراً بإغلاق مائة جريدة ودورية، وكان وقتها يعمل قاضياً في فرع المحكمة العامة رقم 1410. وفي يونيو/ حزيران 2003 توفيت الصحفية الكندية- الإيرانية زهرة كاظمي وهي محتجزة عهدة بعض ضباط الأمن ومسؤولي القضاء، وكان مرتضوي على رأسهم. وادعى محامو عائلة زهرة أن جسدها كان عليه آثار تعذيب تشمل لكمات في الرأس، وأن مرتضوي اشترك بنفسه في استجوابها.

وفي عام 2004، قام مرتضوي بتنظيم اعتقال أكثر من عشرين مدوناً وصحفياً بشكل تعسفي، وحجزهم في سجون سرية. وأكد بحث هيومن رايتس ووتش أن مرتضوي تورط في ارتكاب انتهاكات ضد هؤلاء المعتقلين تتضمن حبسهم انفرادياً لفترات طويلة، وإجبارهم على توقيع اعترافات كاذبة. وتم تكرار عملية التوقيع والاعترافات الكاذبة مرة أخرى أمام كاميرات التليفزيون.

قالت سارة ليا ويتسن:"رغم القائمة الطويلة من الانتهاكات المُتهم مرتضوي بارتكابها، فإن هناك العديد من المسؤولين رفيعي المستوى الذين يجب تقديمهم إلى العدالة معه، يجب أن يخضع مرتضوي للتحقيق في كافة الجرائم المنسوبة إليه، لكنه لا يجب أن يصبح كبش فداء النظام ضمن جهوده لحماية آخرين ممن مارسوا انتهاكات خطيرة".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة