Skip to main content

مصر - يجب نشر تقرير لجنة تقصي الحقائق

ينبغي ضمان حق ضحايا انتهاكات الجيش والشرطة في معرفة الحقيقة

(نيويورك) ـ قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على الرئيس محمد مرسي أن يحيي الذكرى الثانية لـ 25 يناير/كانون الثاني في مصر بنشر ما توصلت إليه لجنة تقصي الحقائق بشأن محاسبة قوات الأمن على انتهاكاتها، والتصرف وفق نتائجها. كانت اللجنة قد رفعت تقريرها إلى الرئيس في ديسمبر/كانون الأول 2012.

عيّن الرئيس أعضاء اللجنة بمجرد توليه منصبه في يونيو/حزيران، عقب تبرئة العديد من كبار المسؤولين الأمنيين من المسئولية عن قتل المتظاهرين أثناء الانتفاضة التي أسقطت الرئيس السابق حسني مبارك. بعد عامين، ما زال المسؤولون عن قتل المتظاهرين في عام 2011 وما وقع بعد ذلك من انتهاكات للشرطة والجيش ومن الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين، ما زالوا ينعمون بحريتهم. قالت هيومن رايتس ووتشإنه لن يكون هناك أمل في ردع الانتهاكات في المستقبل سوي عن طريق المحاسبة والإرادة السياسية لإجراء إصلاح جدي في القطاع الأمني.

قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "بعد عامين من 25 يناير/كانون الثاني تتحالف إخفاقات النيابة العامة مع تستر الأجهزة الأمنية وقصور الإرادة السياسية لتحرم ضحايا الانتهاكاتمن العدالة. لقد حان الوقت لإنهاء المساومات السياسية المتعلقة بالمحاسبة، وتصحيح الأوضاع. إن نشر هذا التقرير عن انتهاكات قوات الشرطة والجيش هو الخطوة الأولى على هذا المسار".

قتلت الشرطة 846 متظاهراً على الأقل أثناء احتجاجات يناير/كانون الثاني 2011، لكن اثنين من ضباط الشرطة فقط يقضون عقوبة السجن على هذه الجرائم. أسفرت محاكمة استمرت لمدة عام عن الحُكم بالسجن المؤبد على مبارك ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي لفشلهما في حماية المتظاهرين من القتل. لكن مساعدي وزير الداخلية الأربعة، المسؤولين عن الإدارة اليومية لعمليات الشرطة أثناء الانتفاضة، برئوا من التهمة. حكم القاضي بعدم وجود أدلة مقنعة "تثبت أن مقتل الضحايا وإصابتهم نتجت عن أسلحة الشرطة"، ووجد في المقابل أن المسؤولية تقع على "عناصر إجرامية".

قبلت محكمة النقض الطعن في الحكم على مبارك بتاريخ 13 يناير/كانون الثاني 2013، متعللة بعيوب إجرائية، ويواجه المسؤولون السابقون الذين تمت تبرئتهم إعادة المحاكمة حالياً. كانت التحقيقات القاصرة، وعرقلة الأجهزة الأمنية، والقوانين التي تمنح الشرطة سلطة تقديرية واسعة في استخدام الأسلحة النارية، قد أدت إلى أحكام بالبراءة في27 من أصل 31 قضية تخص ضباط شرطة من الرتب المتوسطة والدنيا، بتهمة قتل المتظاهرين أمام أقسام الشرطة أثناء الثورة. لم تؤد سوى أربع محاكمات إلى أحكام  بالإدانة، تم إصدار بعضها مع إيقاف التنفيذ أو  غيابياً، ولم يقض عقوبات بالسجن سوى اثنين من ضباط الشرطة.

تم تكليف لجنة تقصي الحقائق، التي عينها مرسي بمرسوم في يوليو/تموز الماضي، بجمع المعلومات والأدلة حول قتل وإصابة المتظاهرين بين 25 يناير/كانون الثاني 2011 و30 يونيو/حزيران 2012، ومراجعة "الإجراءات التي قامت بها الأجهزة التنفيذية في الدولة وبيان مدى تعاونها مع السلطة القضائية في هذا الشأن، وبيان أوجه قصور أعمال تلك الأجهزة إن وجدت".

قالت اللجنة على موقعها الإلكتروني إنها حددت 19 واقعة منفصلة لجأت فيها الشرطة أو الجيش لاستخدام القوة المفرطة أو ارتكبت انتهاكات أخرى ضد المتظاهرين. بعد تقديم هذا التقرير في أواخر ديسمبر/كانون الأول، أحاله الرئيس مرسي إلى النائب العام. قام النائب العام بتعيين فريق تحقيقات قوامه 20 وكيل نيابة، وقال المتحدث باسم هذا الفريق في 21 يناير/كانون الثاني إن اللجنة اكتشفت "14 واقعة جديدة" يحقق فيها وكلاء النيابة "في سرية تامة".

قالت سارة ليا ويتسن: "ما لم ينشر التقرير الجديد الصادر عن اللجنة كاملاً، فسوف تتزايد المخاوف من إمكان استخدام وكلاء النيابة لنتائجه بشكل انتقائي لحماية كبار مسؤولي وزارة الداخلية أو السماح للجيش بالتستر على تورطه في ارتكاب انتهاكات جسيمة".

قالت هيومن رايتس ووتش إن من شأن نشر التقرير الجديد أن يمثل خطوة نحو تلبية حق عائلات الضحايا في معرفة الحقيقة بشأن الظروف التي مات فيها ذووهم. وينبغي أن يكون هذا ممكناً بدون التنازل عن مصلحة العدالة ـ على سبيل المثال بحجب أسماء أولئك المزعومة مسؤوليتهم عن الانتهاكات، مع استمرار التحقيق المستفيض فيما ورد بحقهم من ادعاءات.

حققت اللجنة في عدة وقائع تتضمن انتهاكات جسيمة من جانب الجيش، بما فيها استخدام العنف لفض اعتصامات في ميدان التحرير أيام 9 مارس/آذار و8 و9 أبريل/نيسان 2011؛ والمصادمات بين الجيش والمتظاهرين أمام مبنى مجلس الوزراء في ديسمبر/كانون الأول 2011، وأمام مقر وزارة الدفاع بالعباسية في مايو/أيار 2012.

يتضح من توثيق هيومن رايتس ووتش لهذه الوقائع قيام الجنود بتعذيب وقتل المتظاهرين والاعتداء الجنسي عليهم. كما أن التحقيق في لجوء الشرطة للعنف والقوة المفرطة يشمل فصولاً جرت في يناير/كانون الثاني 2011 في القاهرة ومدن أخرى وأمام أقسام الشرطة، علاوة على احتجاجات شارع محمد محمود في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، التي نتج عنها وفاة 45 متظاهراً ولم يحاكم عليها سوى ضابط شرطة واحد.

أخفق الجيش، رغم وعوده، في التحقيق في الوقائع التي عمدت فيها الشرطة العسكرية إلى ضرب وركل السيدات، يوم 16 ديسمبر/كانون الأول 2011، والتي أظهرت مقاطع الفيديو فيها ستة ضباط يضربون فتاة محجبة وهي ترقد على الأرض. ولا هو حقق في لجوء الشرطة العسكرية إلى تعذيب المتظاهرين في مارس/آذار 2011 بميدان لاظوغلي بوسط القاهرة، أو في مايو/أيار 2012 في العباسية.

وجهت النيابة العسكرية الاتهام إلى شخص واحد فقط في قضية الاعتداء الجنسي على سبعة من المتظاهرات في مارس/آذار 2011 داخل سجن عسكري، بذريعة "كشوف العذرية"، وقد برأته محكمة عسكرية رغم اعتراف كبار الضباط بوقوع تلك الاعتداءات الجنسية. تعلقت قضية أخرى بقيام الجنود بقتل 27 متظاهراً في أكتوبر/تشرين الأول 2011 أمام مبنى ماسبيرو في القاهرة. طالت الملاحقة الجنائية ثلاثة مجندين فحسب، بتهمة القتل الخطأ. وحكم عليهم بالسجن بين سنتين و3 سنوات لاقتحام صفوف المتظاهرين بمركبات عسكرية وقتل 13 منهم. لم يتم التحقيق في استخدام الجيش للذخيرة الحية في تلك الليلة وقتل الـ14 متظاهراً الآخرين، ولا تم التحقيق مع أي من العسكريين الذين تولوا مسؤوليات قيادية في ذلك اليوم.

قالت هيومن رايتس ووتش إن القضاء العسكري في مصر، كما تبرهن هذه القضايا، لا يتمتع بالرغبة ولا درجة الاستقلال اللازمتين للتحقيق السليم ومحاسبة الضباط من المستويات العليا المسؤولين عن جرائم حقوق الإنسان. وبالنظر لوقوع ممثلي الادعاء والقضاة تحت سلطة نفس تسلسل القيادة مثلهم مثل من يفترض أن يحققوا معهم فمن الواضح أن تحقيق المحاسبة غير ممكن، كما بينت أبحاث هيومن رايتس ووتش في بلدان أخرى، مثل المكسيك وتشيلي، اللتين استخدمتا المحاكم العسكرية للتعامل مع انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها عسكريون. والنتيجة المؤكدة دون استثناء هي إفلات الجناة من العقاب لا العدالة للضحايا.

تنص المادة 198 من الدستور على أن "القضاء العسكري جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل في كافة الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة وضباطها وأفرادها".

قالت سارة ليا ويتسن: "فعلياً، يضمن الدستور الحالي للعسكريين ‘الخروج الآمن‘ الذي كانوا يبتغونه، لأنه يمنحهم بحكم الأمر الواقع حصانة من الملاحقة القضائية. وما لم يتم تعديل هذا النص فلن تتحقق المحاسبة في جرائم الجيش التي وقعت على مدار العامين الماضيين".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة