Skip to main content

تونس: المحاكمة المتعلقة بشريط "برسيبوليس" انتكاسة لحرية التعبير

السلطات لم تحرّك ساكنًا أثناء الاعتداء على الصاحفيين

(تونس) ـ قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن محاكمة مدير قناة تلفزيونية بتهم أخلاقية بعد بث شريط رسوم متحركة مثير للجدل هو انحراف مقلق تشهده الديمقراطية الوليدة في تونس. وفي 23 يناير/كانون الثاني 2012، أعلنت محكمة تونسية أنه سوف تتم محاكمة نبيل القروي، مدير قناة نسمة تي في، يوم 19 أبريل/نيسان المقبل بسبب عرض الشريط الكارتوني الفرنسي "برسيبوليس".

وكانت قناة نسمة الخاصة قد عرضت يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2011 شريط الرسوم المتحركة "برسيبوليس" الذي يروي طفولة فتاة إيرانية. وتسبب عرض الشريط في احتجاجات في تونس لأنه احتوى لقطة تجسّد الذات الإلهية، وهو ما يعتبره البعض أمرًا محرّمًا في الإسلام. وفي 14 أكتوبر/تشرين الأول، اعتدت مجموعة من الأشخاص على منزل نبيل القروي باستعمال الزجاجات الحارقة.

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش "إن محاكمة شخص بسبب التعبير عن الرأي تُعتبر من رواسب الاستبداد الذي انتفض ضده التونسيون. يجب على السلطات التونسية أن تقوم فورًا بإلغاء محاكمة نبيل القروي".

وبسبب عرض هذا الشريط، يواجه نبيل القروي عقوبة بالسجن لمدة قد تصل إلى ثلاث سنوات بسبب التشهير بالدين، عملا بالفصل 48 من مجلة الصحافة القديمة، وخمس سنوات عملا بالفصل 112 ثالثًا من المجلة الجنائية التي تعاقب توزيع ونشر المعلومات "التي من شأنها تعكير صفو النظام العام أو النيل من الأخلاق الحميدة". وتم تحديد تاريخ محاكمة نبيل القروي ليوم 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، ثم وقع تأجيلها إلى 23 يناير/كانون الثاني، والآن تأجلت مرة أخرى إلى 19 أبريل/نيسان المقبل.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن الأسابيع الماضية شهدت اعتداءات بدنية متكررة على الصحفيين من طرف عناصر مشبوهة. وفي 23 يناير/كانون الثاني، لاحظت هيومن رايتس ووتش تجمعًا من الأشخاص أمام مقر المحكمة التي دارت فيها محاكمة نبيل القروي للاحتجاج ضد قناة نسمة ، وقام هؤلاء الأشخاص بالاعتداء على ثلاثة صحافيين. وكان بعض المتظاهرين يحمل رايات سوداء وبيضاء، عادة ما تقترن بالحركات الجهادية أو حزب التحرير غير المرخص له.

وبينما كان زياد كريشان، رئيس تحرير جريدة المغرب، وحمادي الرديسي، أستاذ علوم سياسية وكاتب صحفي في نفس الجريدة، يغادران المحكمة، قامت مجموعة من الأشخاص بمهاجمتهما ووجهت لهما الشتائم، وبصقت في وجهيهما، وقامت بركلهما. كما تعرض عبد الحليم المسعودي، صحافي في قناة نسمة، إلى الشتم والاعتداء بينما كان واقفا في إحدى المقاهي قبالة المحكمة. ولم تقم قوات مكافحة الشغب التي كانت حاضرة بالتدخل لمنع الهجمات أو توقيف المعتدين.

وفي 17 يناير/كانون الثاني، قام رجال مجهولون بالاعتداء على سفيان بن حميدة، صحافي معروف في قناة نسمة، وسط مدينة تونس. وقال سفيان بن حميدة لـ هيومن رايتس ووتش:

كنت في شارع الحبيب بورقيبة لمتابعة مظاهرة نظمها مساندون للحكومة، فقامت مجموعة تتكون من 50 إلى 60 شابًا بمحاصرتي. وكان عشرة منهم يرتدون قمصان النهضة [الحزب الإسلامي في الائتلاف الحاكم]. بدؤوا يشتمونني ويتهمونني بالكفر وقالوا انه يجب أن أكون ممتنًا لأنني مازلت أستطيع العيش في البلاد. وبسرعة بدؤوا يستعملون العنف وصاروا يلطمونني على وجهي ويدفعونني إلى أن تدخل بعض الأشخاص لنجدتي واصطحبوني إلى مكان آمن. أُصبت ببعض الخدوش وذهبت إلى المستشفى لتلقي العلاج.

وفي 18 نوفمبر/تشرين الثاني، قامت مجموعة من الأشخاص بإجبار الدكتورة إقبال الغربي، مديرة إذاعة الزيتونة، على مغادرة مكتبها. كما تعمل إقبال الغربي مديرة لقسم الحضارة الإسلامية في المعهد الأعلى لعلوم الدين في تونس، وعينتها الحكومة الانتقالية لإدارة الإذاعة القرآنية التي كانت على ملك صهر الرئيس المخلوع. وقالت إقبال الغربي لـ هيومن رايتس ووتش:

في 18 نوفمبر/تشرين الثاني، كنت في مكتبي عندما قامت مجموعة متكونة من ثمانية الي عشرة رجال من خارج الإذاعة باقتحامه وقالوا لي انه يتوجب علي ترك منصبي لأنني غير مؤهلة بما فيه الكفاية في مجال التفسير القرآني، وهددوني باستعمال القوة. وقدم زعيمهم المجموعة على أنها لجنة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن ثمة أجبروني على مغادرة المكتب. قمت بإعلام الوزارة الأولي بالهجوم وطلبت التدخل والحماية، ولكن السلطات لم تحرك ساكنًا ولم تحاول اعتقال الأشخاص الذين هاجموني وأسقطوا قرار الدولة بتعييني.

والى حد الآن، لم تعد الدكتورة إقبال الغربي إلى مكتبها، بينما يشرف محمد مشفر على إدارة الإذاعة، وهو الذي كان في نفس المنصب أثناء رئاسة بن علي.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن الحكومة التونسية أصدرت تعليقات حول وسائل الإعلام الوطنية وأجرت لقاءات صحفية تبعث على القلق. وقال محمد الجبالي، رئيس الحكومة عن حركة النهضة، في حوار مع الإذاعة الوطنية، إن "وسائل الإعلام لا تعكس الإرادة الحقيقية للمواطنين الذين صوتوا في أغلبهم لحركة النهضة".

وفي 7 يناير/كانون الثاني، قامت هذه الحكومة بتعيين مديرين عامين ورؤساء تحرير في قناتين وطنيتين ووكالة تونس أفريقيا للأنباء الرسمية، كانوا معروفين بولائهم للنظام السابق. وعبر الكثير من الصحافيين عن قلقهم  ازاء هذه التعيينات التي تمت دون استشارة النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين أو اللجنة الوطنية لإصلاح الإعلام والاتصال، وهي لجنة استشارية تأسست بعد خلع بن علي.

وقالت سارة ليا ويتسن "عوض محاكمة مدير قناة نسمة بسبب ممارسة التعبير الحر، يتوجب على السلطات فتح تحقيق ومحاسبة أولئك الذين يعتدون على الصحافيين الذين لا يتفقون معهم".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة