Skip to main content

مصر: قيود على حرية الصحافة وحرية التجمع قبل الانتخابات

الجيش يستخدم القوة في تفريق التظاهرات ويحبس المنتقدين

 

(نيو يورك) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن الأسابيع السابقة على الانتخابات البرلمانية المصرية المقرر بدءها في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2011 شهدت انتهاكات متكررة لحرية التعبير وحرية التجمع. وأضافت المنظمة أنه على مدار الشهور التسعة الأخيرة استخدم ضباط الجيش والشرطة القوة في تفريق التظاهرات السلمية، واعتقلوا المتظاهرين والمدونين بسبب انتقاد الجيش، ولم يكفلوا سيادة القانون أثناء العمليات الشرطية.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن قبل الجولة الأولى من الانتخابات، والمقرر عقدها على ثلاث مراحل، يتعين على المجلس الأعلى للقوات المسلحة – الذي يحكم مصر منذ 11 فبراير/شباط بعد تنحي الرئيس حسني مبارك – أن يتخذ خطوات من أجل تحسين الأمن وحماية الحقوق الأساسية أثناء عملية التصويت. وقبل الانتخابات، يتعين على المجلس الأعلى إلغاء قانون الطوارئ الذي يقيد حرية التجمع، والذي يسمح بالاعتقالات الجماعية دون اتهامات أو محاكمة، وأن يأمر بوقف المحاكمات العسكرية، والمضايقات بحق المدونين وغيرهم من المنتقدين للحكومة، وأن يسمح بممارسة الحق في حرية التجمع السلمي.

وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "المصريون يحتاجون للإحساس بالأمان أثناء التصويت، وأن يكون لديهم علم بأن بإمكانهم انتقاد السلطات مع التمتع بالحماية من قوات الأمن. إزاحة مبارك من السلطة ليس البديل لضمان الحقوق الأساسية للمصريين، بغض النظر عما يراه لواءات المجلس العسكري".

 

حرية التجمع وتدخلات الشرطة

قالت هيومن رايتس ووتش إن تقريباً منذ لحظة تنحي مبارك عن السلطة، حاول المجلس العسكري والحكومات التي أشرف عليها الحد من حق المصريين في حرية التجمع. في 24 مارس/آذار قررت الحكومة فرض حظر على الإضرابات والتظاهرات التي تعيق العمل في المؤسسات العامة والخاصة. ومنذ ذلك التاريخ قام جنود الجيش وعناصر الشرطة بتفريق ما لا يقل عن سبع تظاهرات كبيرة في ميدان التحرير باستخدام القوة المفرطة.

ولقد وثقت هيومن رايتس ووتش استخدام الشرطة العسكرية المفرط للقوة في تفريق تظاهرات سلمية في 25 فبراير/شباط و9 مارس/آذار و9 أبريل/نيسان و1 أغسطس/آب. ولقد أخفق الجيش في التحقيق أو المحاسبة بحق أي من المتورطين في وقائع استخدام العنف المفرط للقوة هذه.

وفي 28 و29 يونيو/حزيران اشتبك الأمن المركزي في القاهرة لمدة 16 ساعة في معركة شوارع مع المتظاهرين الذين ردوا بإلقاء الحجارة، وصوب عبوات الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين مباشرة، وهو ما يخالف القانون، مما أدى لأكثر من 114 إصابة. وفي 9 أكتوبر/تشرين الأول قام جنود الجيش والأمن المركزي بقمع مسيرة سلمية قوامها بالأساس أقباط، كانت تتجه نحو مبنى التلفزيون الحكومي في وسط القاهرة، فأصابوا البعض بالرصاص ودهسوا البعض بالمدرعات، مما أودى بحياة 25 شخصاً على الأقل. كانت تلك التظاهرة احتجاجاً على التمييز المستمر ضد الأقباط وعدم حماية دور العبادة المسيحية من الهجمات التي تتعرض لها. ولقد أدى تفريق الشرطة لاعتصام 19 نوفمبر/تشرين الثاني إلى ستة أيام من العنف، حيث قامت الشرطة العسكرية والأمن المركزي بضرب متظاهرين عزل، باستخدام الذخيرة الحية والغاز المسيل للدموع الذي تم إطلاقه بشكل عشوائي على المتظاهرين، مع إطلاق الرصاص المطاطي وطلقات الخرطوش على رؤوس المتظاهرين.

كما وثقت هيومن رايتس ووتش حالات كثيرة لجأت فيها الشرطة العسكرية والأمن المركزي في بعض الأحيان إلى تشجيع مدنيين مسلحين – ربما كانوا بلطجية مأجورين – على مهاجمة المدنيين. وفي 9 أكتوبر/تشرين الأول قام مدنيون مسلحون بالعصي يقفون مع الشرطة العسكرية بإلقاء الحجارة على متظاهرين سلميين. ووصف شهود عيان لـ هيومن رايتس ووتش كيف قام مدنيون مسلحون يقفون في خط أمام الجيش بمهاجمة المتظاهرين العزل. وفي 27 يوليو/تموز تم الرد بعنف على تظاهرة انطلقت من ميدان التحرير إلى وزارة الدفاع في العباسية، عندما قام المئات من المدنيين المسلحين الواقفين مع الشرطة العسكرية بإلقاء الحجارة والمولوتوف على المتظاهرين. ووصف شهود من الإسكندرية أساليب مشابهة، حيث يقوم المدنيون المسلحون بالعصي بالدخول وسط المتظاهرين الفارين ليمسكوا منهم بعض الأفراد ثم يتعرضون لهم بالضرب أثناء التظاهرات التي دامت منذ 19 إلى 26 نوفمبر/تشرين الثاني.

ووثقت هيومن رايتس ووتش استخدام قوات الأمن للذخيرة الحية ضد المتظاهرين. قُتل في القاهرة و الاسكنرية و الاسماعلية 41 متظاهراً منذ 19 نوفمبر/تشرين الثاني. وأكد مسؤولو المستشفيات والمشارح لـ هيومن رايتس ووتش أن الذخيرة الحية هي السبب في أغلب الوفيات، مع وجود وفيات بسبب الاختناق من الغاز المسيل للدموع وإصابات قاتلة من الرصاص المطاطي الذي يتم إطلاقه من مسافات قريبة.

وقالت هيومن رايتس ووتش إنه ونظراً لهذا السجل المؤسف، ونظراً للعنف المصاحب للانتخابات المصرية في عامي 2005 و2010، فلابد أن تضمن السلطات أن تكون إدارة الأمن للانتخابات متسقة مع معايير حقوق الإنسان، وأن تضمن حق المصريين في اختيار نوابهم بحرية.

 

حرية التعبير

كثيراً ما لجأت حكومة مبارك إلى مواد فضفاضة ومطاطية من قانون العقوبات من أجل قمع انتقاد السياسات الحكومية وسجل الحكومة الخاص بحقوق الإنسان، فحاكمت رؤساء تحرير الصحف وقيادات المعارضة والنشطاء باتهامات شملت "إهانة الرئيس" و"إهانة المؤسسات العامة". وتقوم الحكومة العسكرية والمحاكم العسكرية حالياً باستخدام نفس هذه المواد.

قامت النيابة العسكرية باستدعاء تسعة نشطاء وصحفيين على الأقل لاستجوابهم بشأن اتهامات بالسب والقذف بعد أن انتقدوا المجلس العسكري علناً، أو بعد أن أدلوا بتصريحات تنطوي على قيام الجيش بارتكاب انتهاكات. ومنذ رحيل مبارك في فبراير/شباط، حاكمت السلطات وسجنت متظاهرين ومدونين على خلفية إبداء آراء خلافية أو انتقاد الحكم العسكري، بدءاً من مايكل نبيل، الذي حكمت عليه محكمة عسكرية في 10 أبريل/نيسان بالسجن ثلاث سنوات بتهمة "إهانة القوات المسلحة". وفي 22 أكتوبر/تشرين الأول حكمت محكمة مدنية على أيمن منصور بالسجن ثلاث سنوات بتهمة إهانة الإسلام على صفحة على موقع الفيس بوك. وفي 30 أكتوبر/تشرين الأول سجنت النيابة العسكرية الناشط والمدون علاء عبد الفتاح في اتهامات يبدو بوضوح أنها سياسية الدوافع، شملت القيام بالتحريض في تظاهرة الأقباط بتاريخ 9 أكتوبر/تشرين الأول في ماسبيرو.

ولقد تورطت وزارة الإعلام – وهي وزارة من عهد مبارك تشرف على إذاعة وتلفزيون الدولة وتديرها – في تقييد حرية التعبير بشكل مباشر. في 12 سبتمبر/أيلول، أعلنت وزارة الإعلام عن أنها ستوقف الموافقة على التراخيص الجديدة للمحطات الفضائية. وأثناء أعمال عنف 9 أكتوبر/تشرين الأول طالب الإعلام الحكومي "المواطنين الشرفاء" بـ "صد الهجوم عن الجيش".

وفي سبتمبر/أيلول وسعت السلطات من استخدام قانون الطوارئ ليشمل "نشر معلومات كاذبة عمداً" كأساس لاستخدام مواد قانون الطوارئ التي تحد من الحريات الأساسية. هذا التوسع يمكن أن يسمح بالاحتجاز دون محاكمة أو توجيه اتهامات بالنسبة للنشطاء ومراقبي الانتخابات والصحفيين الذين ينشرون معلومات تراها السلطات "كاذبة"، بما في ذلك انتقاد إدارة السلطات للانتخابات، على حد قول هيومن رايتس ووتش.

 

مراقبو المجتمع المدني

في 14 سبتمبر/أيلول سلمت الحكومة المصرية للنيابة نتائج تحقيق جنائي يخص المنظمات غير الحكومية المتهمة بتلقي تمويل خارجي. يُعاقب على هذه المخالفة بالسجن بحسب قانون الجمعيات الأهلية المصري. يمكن أن يؤدي تقييد التمويل الخارجي إلى حرمان منظمات المجتمع المدني من القدرة على العمل، إذ أنه ومنذ عهد مبارك كانت مصادر التمويل الداخلية تخشى تمويل منظمات حقوق الإنسان التي تنتقد أجهزة الأمن القوية.

ولقد حدت اللجنة العليا للانتخابات من الحق في طلب منظمات المجتمع المدني لتصاريح مراقبة الانتخابات بحيث أصبح يقتصر على المنظمات المسجلة بموجب قانون 84. هذا المطلب يعني استبعاد الكثير من منظمات المجتمع المدني المستقلة التي منعتها الأجهزة الأمنية من التسجيل بموجب هذا القانون. لكن اللجنة العليا قبلت إصدار تصاريح بالمراقبة لمنظمات مثل المنظمة المصرية لحقوق الإنسان والجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية والجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي، وتلك المنظمات التي تلقت أغلب تصاريح المراقبة من خلال المجلس القومي لحقوق الإنسان شبه الرسمي. كما وافقت وزارة الخارجية لبعض المنظمات الدولية على رصد الانتخابات، ومنها مركز كارتر والمعهد الديمقراطي الوطني.

 

الإخفاق في كفالة سيادة القانون وإفلات الجناة من العقاب

قانون الطوارئ المطبق منذ 31 عاماً تحت حكم مبارك، يمنح وزارة الداخلية سلطات موسعة في تجميد الحقوق الأساسية عن طريق حظر التظاهرات والرقابة على الصحف ومراقبة الاتصالات الشخصية واحتجاز الأفراد لأجل غير مسمى دون اتهامات. في تقرير صدر عام 2010 بعنوان "الانتخابات في مصر: حالة الطوارئ الدائمة لا تتفق مع الانتخابات الحرة والنزيهة" قالت هيومن رايتس ووتش بأنه يجب إلغاء قانون الطوارئ قبل الانتخابات وأن هذا القانون يسهل من إفلات الشرطة من العقاب.

ولقد أكد المجلس العسكري في 10 سبتمبر/أيلول أن قانون الطوارئ المقرر انتهاء العمل به في مايو/أيار 2012 ما زال مطبقاً وتم توسيع مجال تطبيقه بحيث يشمل "التعدي على حرية العمل وتعطيل حركة المرور ونشر أخبار أو شائعات كاذبة عمداً".

ولقد حاكم الجيش نحو 12 ألف مصري أمام المحاكم العسكرية، التي سجنت 11 ألفاً، أي أكثر من إجمالي عدد المدنيين الذين تعرضوا للمحاكمة العسكرية على مدار 30 عاماً من حكم مبارك. جميع المحاكمات للمدنيين أمام المحاكم العسكرية في مصر تخرق الحق في المحاكمة العادلة المكفول دولياً، إذ أن إجراءات التقاضي في تلك المحاكم لا تحمي إجراءات التقاضي السليمة الأساسية، ولا تفي بمطالب استقلال وحياد المحاكم. المدعى عليهم في المحاكم العسكرية المصرية لا يُتاح لهم عادة مقابلة المحامين من اختيارهم ولا يحترم القضاة حقوق الدفاع. القضاة في المحاكم العسكرية ضباط جيش يخضعون لسلسلة القيادة ومن ثم فهم لا يتمتعون بالاستقلال أو القدرة على تجاهل تعليمات الرؤساء.

 

التعذيب والإساءة إلى المحتجزين

وثقت هيومن رايتس ووتش حالات عديدة من الإساءة للمحتجزين وتعذيبهم أثناء وجودهم طرف الجيش والشرطة، من بعد تنحي مبارك في 11 فبراير/شباط. لم تتم ملاحقة أي من الجناة المسؤولين عن أعمال التعذيب أو الانتهاكات البدنية حتى الآن هذا العام، بما في ذلك حالات تم فيها تعذيب الضحايا وحالات إجبار محتجزات على الخضوع لـ "كشف عذرية" ثم تم تقديم شكاوى بذلك إلى النيابة العسكرية.

وقال جو ستورك: "من المؤسف في الشهر التاسع لحكم الجيش أن يكون التعليق على أداءه أنه ارتكب انتهاكات عديدة لحقوق الإنسان دون أن تتم محاسبة شخص واحد تقريباً على هذه الانتهاكات".

  

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع

الأكثر مشاهدة