Skip to main content

مصر: أعمال عنف القاهرة تلقي الضوء على الحاجة لإصلاح الأمن المركزي

يجب التحقيق في ر فعل قوات الأمن المركزي وصياغة "مدونة للسلوك"

(القاهرة) - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن المصادمات التي شهدتها القاهرة في 28 و29 يونيو/حزيران 2011 بين الشرطة والمتظاهرين والتي أسفرت عن إصابة أكثر من 1600 شخص تلقي الضوء على الحاجة على وجه السرعة لإصلاح قوات الأمن. وعلى الحكومة أن تمضي سريعاً في صياغة مدونة سلوك انتقالية للعمل الشرطي الخاص بالتعامل مع المظاهرات، وأن تأمر بتحقيق مستفيض في أي استخدام غير ملائم للأسلحة النارية وأسلحة السيطرة على أعمال الشغب من قبل شرطة مكافحة الشغب (الأمن المركزي) أثناء التظاهرات.

وقال جو ستورك نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "تسجيلات الفيديو التي تُظهر ضباط الأمن المركزي يردون على المتظاهرين برشقهم بالحجارة ويطلقون الغاز المسيل للدموع بتهور، هو دليل واضح على الحاجة لأن تتبع الشرطة المعايير الدولية الأساسية. مع توقع تواجد أعداد أكبر من المظاهرات في 8 يوليو/تموز، فعلى الحكومة أن تتحرك سريعاً لتفادي المزيد من الفوضى والإصابات".

وللأمن المركزي المصري - قوة مكافحة الشغب المصرية - تاريخ جيد التوثيق من استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين، وكذلك إطلاق النار على مهاجرين عُزّل على الحدود في سيناء. الحادث الأخير وقع في 25 يونيو/حزيران. وقال مسؤول بالأمن المركزي رفض ذكر اسمه لوكالة الأنباء الفرنسية إن شرطة الحدود قتلت أربعة مهاجرين أفارقة إثر إطلاق النار عليهم، وكانوا يحاولون عبور الحدود، مما رفع إجمالي عدد القتلى رمياً بالرصاص في عام 2011 إلى ثمانية أفراد.

عنف الشرطة وفشل محاولات السيطرة على الحشود في 28 و29 يونيو/حزيران
قالت الحكومة في 29 يونيو/حزيران إنها أمرت بفتح تحقيق في المواجهات التي استمرت 16 ساعة بين الأمن المركزي والمتظاهرين المعترضين على إخفاق الحكومة في مقاضاة المسؤولين السابقين. طبقاً لوزير الصحة، فإن المصادمات أدت لإصابة 1114 شخصاً بحلول عصر يوم 29 يونيو/حزيران. ونفى وزير الداخلية منصور العيسوي استخدام الشرطة للقوة المفرطة ضد المتظاهرين، قائلاً بأن الشرطة لم تستخدم سوى الغاز المسيل للدموع، لكن المجلس القومي لحقوق الإنسان، شبه الرسمي، وكذلك منظمات حقوقية مصرية مستقلة، وثقوا استخدام الرصاص المطاطي والخراطيش.

اعتقلت الشرطة 44 شخصاً على الأقل من مكان التظاهر وحولتهم على القضاء العسكري، الذي أمر باحتجازهم 15 يوماً على ذمة التحقيقات للاتهام بالاعتداء على مسؤولين عامين، وتدمير ممتلكات عامة، وحيازة أسلحة غير مشروعة. الاستخدام الحالي للمحاكم العسكرية في محاكمة المدنيين، يعكس تجاهل مقلق للمعايير الدولية وحقوق إجراءات التقاضي السليمة، على حد قول هيومن رايتس ووتش.

بدأ العنف من مسرح البالون في العجوز بالقاهرة يوم 28 يونيو/؛زيران، وإن كانت هناك روايات متضاربة حول ما أشعل العنف. قال نشطاء إن الشرطة هاجمت أسر المتظاهرين القتلى أثناء يناير/كانون الثاني، لكن المسؤولين عادوا فيما بعد وقالوا إنه قد تم شن هجوم متعمد على الشرطة من قبل بلطجية مسلحين.

حوالي العاشرة مساءً، بدأ النشطاء في إرسال دعوات على الإنترنت للناس كي يتجمعوا عن وزارة الداخلية في شارع الشيخ ريحان بوسط القاهرة تضامناً مع أسر الضحايا. وانتشرت التظاهرة هناك إلى الشوارع المحيطة على مدار الساعات الـ 14 التالية.

تغطية أحداث مسرح البالون التي ظهرت على موقع اليو تيوب ونشرها نشطاء، يبدو أنه يظهر فيها أربعة ضباط شرطة، ثلاثة منهم في زي الأمن المركزي وواحد في زي الشرطة النظامية، يحيطون بمدني ويضربونه، وأحد ذراعيه داخل جبيرة، ويحمل ملصق لأحد ضحايا عنف الشرطة أثناء يناير/كانون الثاني. يظهر من التغطية الضباط وهم يجرجرون الرجل عبر الشارع ويضربونه، إلى أن سقط على الأرض، ويعطونه ما يبدو من الصورة كصوت الصعق بجهاز الصعق بالكهرباء، من جهاز أسود صغير.

قال أحد المتظاهرين لـ هيومن رايتس ووتش إنه لدى وصوله لوزارة الداخلية حوالي الساعة 11 مساءً، كان المئات من المتظاهرين الغاضبين قد تجمعوا في الشارع أمام الوزارة، في مواجهة صفوف من جنود الأمن المركزي الذين يحرسون الوزارة، وأن المتظاهرين والشرطة كانوا يتبادلون الرشق بالحجارة.

تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى 10 شهود، بعضهم من المتظاهرين الذين أدلوا بشهادات متسقة مع بعضها حول رؤيتهم لرجال مدنيين مسلحين بالعصي وأحياناً بقضبان معدنية وحجارة، يقفون مع صفوف الشرطة ويبدو أنهم يعملون تحت إمرة ضباط الأمن المركزي.

يظهر من مقاطع فيديو التقطها مصطفى بهجت صحفي الفيديو بموقع صحيفة المصري اليوم، أن ضباط الأمن المركزي يرمون المتظاهرين بالحجارة منذ مساء 28 يونيو/حزيران وحتى صباح اليوم التالي. كما يُظهر الشرطة وهي تُطلق الغاز المسيل للدموع على الحشد على مستوى منخفض وليس في الهواء، وفي بعض الأحيان باعتماد الجندي بركبته على الأرض مع إطلاق القنبلة مباشرة في المتظاهرين، أو بالإطلاق على مستوى منخفض من داخل شاحنات الشرطة.

قال أحد الشهود لـ هيومن رايتس ووتش إنه شاهد شاباً يُصاب في وجهه بعبوة غاز مسيل للدموع حوالي الرابعة صباح 29 يونيو/حزيران. قال شاهد آخر لـ هيومن رايتس ووتش إن حوالي الواحدة صباحاً، في شارع محمد محمود، رأى شاباً ينزف من بطنه، من جرح تسببت فيه رصاصة مطاطية. كما استخدمت الشرطة الخراطيش لتفريق المتظاهرين على حد قول شهود.

وفي 30 يونيو/حزيران قال وزير الداخلية منصور العيسوي لقناة التحرير التلفزيونية المصرية الخاصة: "لم تستخدم وزارة الداخلية أي شيء سوى الغاز المسيل للدموع، لم تستخدم رصاص ولا حتى رصاص مطاطي".

لكن قال طبيب في عيادة ميدانية قريبة من ميدان التحرير لـ هيومن رايتس ووتش صباح 29 يونيو/حزيران إن الإصابات التي رآها طوال الليل شملت عدة صعوبات في التنفس، وبعض طعنات السكين، وفي حالات قليلة إصابات ناجمة عن رصاص مطاطي وكذلك حروق من الدرجة الثانية سببها الغاز المسيل للدموع المُطلق من مسافة قريبة.

وقال جو ستورك: "إنكار وزير الداخلية لسلوك الشرطة المعيب قبل فتح تحقيق رسمي هو أمر سابق لأوانه وليس مبشراً بالتزامه بتغيير طريقة عمل قوات الأمن". وتابع: "الخطوة الأولى لابد أن تكون ضمان التحقيق الكامل والنزيه في العنف الذي سجلته مقاطع الفيديو، مع تحميل الجناة والمتجاوزين جميعاً المسؤولية - سواء في صفوف الشرطة أو المتظاهرين".

عنف الأمن المركزي على الحدود
منذ أواسط 2007 قامت شرطة الحدود المصرية - وهي تابعة للأمن المركزي - بإطلاق النار وقتل 93 مهاجراً أعزلاً على الأقل، أثناء محاولتهم عبور الحدود إلى إسرائيل. وقد تكرر انتقاد هيومن رايتس ووتش ومفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ومنظمات أخرى لهذا الاستخدام المميت وغير المبرر للقوة. وقال مسؤولون مصريون إن شرطة الحدود تتبع أوامر إجراءات التحذير قبل أن تطلق النار مباشرة على الناس الذين يحاولون العبور.

إلا أن المعايير الدولية الخاصة بالاستخدام العمدي للقوة المميتة من قبل عناصر إنفاذ القانون ورد فيها أن هذه القوة لا تستخدم إلا عندما لا يكون هناك بديل لها لحماية الأرواح، بغض النظر عن إطلاق طلقات تحذيرية من عدمه. لم تفسر السلطات المصرية مطلقاً لماذا تعتبر القوة المميتة مبررة لدى استخدامها ضد المهاجرين الفارين من الشرطة.

وقال جو ستورك: "سياسة إطلاق النار على مهاجرين عزل على طول الحدود في سيناء كانت واحدة من أبشع ممارسات عهد مبارك ولابد ألا تتكرر في مصر مرحلة ما بعد التحرير". وتابع: "استئناف هذه الممارسة الواضح يُظهر تجاهل بيّن للحق في الحياة وهو أمر يمكن لوزير الداخلية وقفه فوراً بإصدار أمر واحد".

قانون الشرطة المصري والإفلات من العقاب على العنف في التظاهرات
الأمن المركزي مسؤول عن التعامل مع التظاهرات والتجمعات العامة وتكرر كثيراً استخدامه للقوة المفرطة ضد المدنيين العزّل، كما يظهر من بحوث هيومن رايتس ووتش. في عهد الرئيس السابق حسني مبارك، لم تحقق السلطات في استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين أو هي عاقبت المسؤولين عنها.

ينص قانون الشرطة المصري على سلطات موسعة جداً لقوات الشرطة المسؤولة عن تفريق التظاهرات، بما لا يتفق مع المعايير الدولية، على حد قول هيومن رايتس ووتش. المادة 102 من قانون هيئة الشرطة المصرية رقم 109 لسنة 1971 ورد فيها:

"لرجل الشرطة استعمال القوة بالقدر اللازم لأداء واجبه إذا كانت هي الوسيلة الوحيدة لأداء هذا الواجب. يقتصر استعمال السلاح على... لفض التجمهر أو التظاهر الذي يحدث من خمسة أشخاص على الأقل إذا عرض الأمن العام للخطر وذلك بعد إنذار المتجمهرين بالتفرق ويصدر أمر استعمال السلاح في هذه الحالة من رئيس تجب طاعته".

بالإضافة لهذه المادة، لا يوجد في مصر مدونة سلوك تنظم استخدام القوة والأسحلة النارية من قبل الأمن المركزي.

مبادئ الأمم المتحدة الأساسية المعنية باستخدام القوة والأسلحة النارية تنص على أن على مسؤولي إنفاذ القانون "بقدر الإمكان استخدام أساليب غير عنيفة قبل اللجوء لاستخدام القوة" ويحق لهم استخدام القوة "فقط إذا كانت السبل الأخرى غير فعالة". عند تبين أنه لا مفر من استخدام القوة، على مسؤولي إنفاذ القانون مراعاة "ضبط النفس في الاستخدام والتحرك بشكل متناسب مع درجة جسامة التجاوز".

وقال جو ستورك: "المتظاهرون السلميون الذين يخططون للتجمع في ميدان التحرير للمطالبة بالعدالة لضحايا الثورة والتحوّل الكامل نحو الديمقراطية لابد أن يشعروا بالثقة بأن الشرطة ستحميهم وأن أي لجوء لاستخدام القوة سيكون بشكل مسؤول ومتناسب". وتابع: "على وزير الداخلية أن يعلن عن إستراتيجية لكيفية تخطيطه لإصلاح الأمن المركزي".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.