Skip to main content

تونس: يجب توفير الحماية لسكان مخيم اللاجئين

ما لا يقل عن ستة قتلى في مخيم الشوشة منذ بداية مايو/أيار

(جرجيس) ـ قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إنه ينبغي على السلطات التونسية أن توفر حماية أفضل لما يزيد عن 3000 مواطن أجنبي فروا من ليبيا ولازالوا عرضة للخطر بمخيم الشوشة على الأراضي التونسية.

أدت الأحداث العنيفة التي وقعت في المخيم في مايو/أيار 2011 إلى وفاة ستة مهاجرين وإحراق أجزاء هامة من المكان. وقالت هيومن رايتس ووتش إن الجيش التونسي، المطالب بتوفير الحماية داخل المخيم،  فشل في منع وقوع أحداث العنف وقد يكون طرفا في الهجمات التي استهدفت سكان المخيم.

وقال جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "إن سكان المخيم الفارين من العنف في ليبيا والمنحدرين من دول أخرى، وخاصة دول أفريقيا جنوب الصحراء، هم أكثر المدنيين ضعفًا. ويجب على السلطات التونسية أن تُحمّل كل طرف متورط في استعمال القوة المفرطة وغير المبررة ضد الآخرين في مخيم الشوشة مسؤوليته وأن تعمل على توفير حماية أفضل داخله".

وقامت هيومن رايتس ووتش بين 7 و10 يونيو/حزيران بزيارة إلى مخيم الشوشة ومستشفيات الجهة وتمكنت خلالها من العمل بكل حرية داخل المخيم. وأفاد شهود أن أحداث العنف الأولى التي جدّت في 6 و22 و24 مايو/أيار يتقاسم مسؤوليتها بشكل متفاوت كلّ من الجيش التونسي وقوات الحرس الوطني وسكان المخيم وبعض التونسيين من مدينة بنقردان المجاورة.

وقال ضابط في الجيش التونسي يعمل مع منظمات اللاجئين في الشوشة لـ هيومن رايتس ووتش إن الشرطة التونسية فتحت تحقيقا في أحداث العنف التي جدت في 22 و24 مايو/أيار.

وإلى غاية 21 يونيو/حزيران، يوجد في مخيم الشوشة ما يزيد عن 3027 أجنبي من 27 دولة، معظمهم من دول أفريقيا جنوب الصحراء، فروا جميعا من ليبيا. وينتمي أغلب اللاجئين إلى الجاليات الصومالية والإرترية والسودانية والأثيوبية. وإلى غاية 19 يونيو/حزيران سجلت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين 980 لاجئا مرسّمًا و1339 طالب لجوء.

وكانت أعنف الأحداث تلك التي جدّت في 24 مايو/أيار والتي كانت نتيجةً لاحتجاجات وقعت في اليوم السابق. فقد تظاهر المئات من سكان المخيم أمام مكتب مفوضية الأمم المتحدة للاجئين وطالبوا بتمكينهم من العبور إلى الدول الغربية عوض ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية. خلال هذه المظاهرة، قام سكان المخيم بقطع الطريق الرابطة بين تونس وليبيا، مما تسبب في تعطيل أنشطة التجارة على حدود البلدين.

وفي صباح اليوم الموالي، حاولت مجموعة من سكان المخيم إقناع المتظاهرين بفتح الطريق فأدى ذلك إلى نشوب معركة. وحوالي الساعة العاشرة صباحا، قدمت مجموعة من المدنيين التونسيين قال مسؤولون في الجيش وسكان المخيم أنهم من مدينة بنقردان، التي تبعد 25 كيلومترا غرب الشوشة، بهدف إعادة فتح الطريق. ويبدو أن هذه المجموعة عبرت نقطتي تفتيش في طريقها إلى الشوشة تحت إشراف مزدوج لقوات الحرس والجيش ولكنها لم تجد صعوبة تُذكر في وصولها إلى المخيم.

وفي الوقت الذي قال فيه سكان مخيم الشوشة أن عدد أفراد المجموعة تراوح بين 100 و400 شخص وكان بعضهم يحمل معه قضبانا حديدية، أكد العقيد في الجيش التونسي الذي تحدث لـ هيومن رايتس ووتش أن عدد أفراد المجموعة كان يُقدر بحوالي المائة شخص.

واندلعت المواجهات في المخيم بين المجموعة القادمة من بنقردان وسكان المخيم الذين تسلحوا بالحجارة وأوتاد الخيام والجيش التونسي. وصرّح العقيد في الجيش التونسي لـ هيومن رايتس ووتش أن اثنين من سكان المخيم وقع تعنيفهما حتى الموت من طرف مدنيين تونسيين و أن حالتي الوفاة هما الآن موضوع تحقيق تقوم به الشرطة التونسية.

وتحدثت هيومن رايتس ووتش إلى أحد أقارب الضحيتين الذي أفاد أنهما أبناء عم من دارفور، السودان، وهما علي عبد الحسب النبي محمد ويبلغ من العمر 31 سنة وأحمد بكر هارون إسماعيل وعمره 38 سنة. كما أكد نفس الشخص أن الضحيتين قُتلا متأثرين بجروح ناجمة عن طلق ناري وأنه شاهد الجثتين بعينه.

وأعلن مستشفى بنقردان أنه عالج 13 جريحا من سكان المخيم و3 عناصر من الجيش التونسي ولكن مصادر صحية أخرى قالت لـ هيومن رايتس ووتش أن العلاج شمل 35 شخصًا آخرين من سكان المخيم كانوا يعانون من أثر الصدمة خلال الأسبوع الموالي.

وأطلع 6 من سكان المخيم هيومن رايتس ووتش على الجروح التي أصيبوا بها في 24 مايو/أيار وكانت 5 من هذه الإصابات ناجمة عن طلق ناري  وأما الإصابة السادسة فقد تمثلت في كسر على مستوى الذراع.

وقال البعض من سكان المخيم أن الجيش التونسي والحرس الوطني لم يتدخلا عندما قامت مجموعة الأشخاص من بنقردان بنهب محتويات الخيام وإضرام النار في جزء من المخيم. وقال بعضهم أنه شاهد جنودا يضربون اللاجئين.

كما قال شخص من دارفور يبلغ من العمر 23 سنة، خيّر عدم ذكر اسمه:
 

"قام التونسيون والجيش بإطلاق النار داخل المخيم وجاء بعض عناصر الحرس الوطني إلى خيمتي مصحوبين بمدنيين وكان أحدهم يحمل قضيبًا حديديا وسكينا كبيرة يُقدر طولها بقدمين اثنين. ووقف عنصران من الحرس الوطني خارج خيمتي وطلبا مني مغادرة الخيمة ثم قاما بسحبي إلى الخارج وقام المدنيون بالاستيلاء على متاعي قبل أن يضرموا النار في الخيام. كانت قوات الحرس الوطني تحمي الناهبين واستعملوا الهراوات لينهالوا عليّ ضربًا  وقد أُصبت في رجلي اليمنى وأسفل الظهر [على مستوى الكلية]."

ونفى العقيد في الجيش التونسي لـ هيومن رايتس ووتش كون الجيش طرفا في الهجمات، وأنه قد تدخل "لعزل وتفريق" الأطراف المتناحرة بإطلاق النار في الهواء وعلى الأرض.

وفي 8 يونيو/حزيران، لاحظت هيومن رايتس ووتش وجود جزء كبير فارغ داخل مخيم الشوشة به بقايا خيام وأفاد سكان المخيم أن ذلك المكان شهد عمليات حرق.

وقال سكان المخيم وطاقم طبي يعمل في المكان لـ هيومن رايتس ووتش أن سكان بنقردان دخلوا في منتصف يوم 24 مايو/أيار في مواجهات مع المستشفى العسكري المغربي، وهو مستشفى ميداني أُقيم لعلاج سكان المخيم وبقية النازحين من ليبيا.

وقال أبوبكر عصمان محمد البالغ من العمر 39 سنة، وهو من دارفور وقد تلقى علاجا بالمستشفى إثر إصابته بطلق ناري في أحداث 24 مايو/أيار، قال لـ هيومن رايتس ووتش:
 

"عندما كنت أتلقى العلاج في المستشفى، قام أشخاص من بنقردان برشق المستشفى وكل من بداخله بالحجارة فتركنا الأطباء داخل خيمة المستشفى وفروا. وقال الأطباء "لن نستطيع مواصلة عملنا في هذا المكان" ورأيت بعضهم وقد أصيب بجروح".

وأكد أحد الأطباء في المستشفى العسكري المغربي أن الأطباء علّقوا عملهم في مخيم الشوشة عندما هاجمهم المدنيون التونسيون لكنه نفى أن يكون أحد الأطباء قد أُصيب. وتبعًا لذلك، وقع تحويل المستشفى الميداني إلى مدينة جرجيس التي تبعد حوالي مائة كيلومتر عن الشوشة.

كما قال بعض سكان المخيم أن التونسيين العاملين في المنظمات الدولية شاركوا في الهجمات وما ترتب عن ذلك من مضايقات لسكان المخيم.

وقالت هيومن رايتس ووتش إنه يجب على المنظمات الدولية، بما في ذلك وكالات الأمم المتحدة والمؤسسات العاملة معها أن تحقق في ما إذا كان موظفوها ضالعين في أحداث العنف المذكورة.

كما أكدت هيومن رايتس ووتش أن الأحداث التي جدّت قبل ذلك خلال شهر مايو/أيار ساهمت في تذكية أجواء عدم الاستقرار داخل المخيم. ففي ليلة 22 مايو/أيار توفي أربعة إريتريين بعد أن اشتعلت النيران في حوالي 20 خيمة في حادثة اعتبرها الإريتريون مريبة. وأفاد الإريتريون الذين لم تصبهم النيران أن الضحايا كانوا عمالا عاديين في ليبيا وهم صالح إسماعيل ويبلغ من العمر 28 أو 29 سنة وإبراهيم سليمان وعمره 31 سنة وأحمدين سعد وعمره 25 سنة وجمعة محمد وعمره 29 سنة. وإلى غاية 9 يونيو/حزيران، لايزال شخص خامس، وهو سراج إسماعيل محمد وعمره 30 سنة، في المستشفى يعاني من حروق بليغة.

وأفاد العقيد في الجيش التونسي لـ هيومن رايتس ووتش أن الشرطة التونسية فتحت تحقيقا في الحادثة. وأوضح الإريتريون من سكان المخيم أنهم يتهمون مواطنا سودانيا من سكان المخيم بإضرام النار في الخيام على خلفية مواجهة سابقة جرت بينه وبين بعض الإريتريين.

وفي 6 مايو/أيار، زعم رجل وامرأة نيجيريين أن جنودا تونسيين اعتدوا عليهما بالضرب وأن شخصا نيجيريا آخر قد يكون أُصيب بطلق ناري. وقال الشخصان النيجيريان، وهما افياني كانو فيكتور الذي يبلغ من العمر 31 سنة واليزبيث ريكس التي تبلغ من العمر 23 سنة، أن الجنود قاموا بضربهما إلى أن أُغمي على الرجل وفقدت المرأة جنينها، وشهد نيجيريون آخرون من سكان المخيم على عملية الضرب.

وأضاف نيجيري آخر، جمال أليتان البالغ من العمر 33 سنة ويعمل كتقني كهرباء، أنه اقترب من جندي تونسي ليسأله عن سبب الضرب فأطلق عليه الجندي النار في مستوى البطن. ورغم أن هيومن رايتس ووتش لم تتمكن من التأكد من صحة إصابة الشخص بعيار ناري، إلا أنها لاحظت وجود ضمادات على بطن جمال أليتان. وأكد مصدر طبي قام بمعالجته أن الرجل يعاني من جرح ناجم عن رصاصة. ولكن العقيد في الجيش التونسي أكد أن الجيش لم يقم بإطلاق النار وضرب الأشخاص.

وقال جو ستورك: "لقد قامت تونس بفتح حدودها أمام اللاجئين الليبيين وغير الليبيين الفارين من العنف في ليبيا. ولكنه يتوجب عليها الآن أن تضمن أن لا يتعرض هؤلاء الناس إلى العنف والتضييق في مكان يُفترض أن يوفر لهم الملاذ الآمن".

 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.