Skip to main content

على إسرائيل التوقف عن "الاعتقال الإداري" دون اتهامات أو محاكمة

سجين مضرب عن الطعام احتجاجًا على حبسه يواجه خطر الموت

(القدس، 2 مايو/أيار 2012) ـ قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على إسرائيل توجيه تهم إلى الأشخاص المحبوسين دون محاكمة، بموجب ما يسمى الاعتقال الإداري، أو إطلاق سراحهم فورًا.

ويواجه سجين خطر الموت بعد أن دخل إضراباً عن الطعام ومعه سجين اَخر، منذ 29 فبراير/شباط 2012 احتجاجًا على وضعيهما. وبحسب مجموعة طبية إسرائيلية فإن الأول يواجه خطر الموت الوشيك، كما تم منع الرجلين من الاتصال بعائلتيهما، في ما بدا أنه عقاب لهما على إضرابهما عن الطعام. وتنظر المحكمة العليا في استئناف أوامر اعتقالهما إداريا في 3 مايو/أيار.

وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "لا يحتاج الأمر إلى أن يُقدِم الفلسطينيون على تجويع أنفسهم كي تُدرك إسرائيل أنها تنتهك حقوقهم الخاصة بإجراءات التقاضي السليمة. ويتعين على إسرائيل الكف عن احتجاز المعتقلين لفترات مطولة دون توجيه تهم إليهم".

واستنادًا إلى مسؤولين من السجون الإسرائيلية، ينفذ حاليًا قرابة ألفي سجين فلسطيني إضرابا عن الطعام احتجاجًا على الاحتجاز الإداري، واحتجاجاً على إجراءات اتخذتها إدارة السجون الإسرائيلية.

ويرقد حاليًا بلال ذياب، 27 سنة، وثائر حلاحلة، 33 سنة، في مستشفى أحد السجون بمدينة الرملة الإسرائيلية. وقال محامي الرجلين، جميل الخطيب، لـ هيومن رايتس ووتش إن مسؤولي السجن منعوا الرجلين من الزيارات العائلية كعقاب لهما على إضرابهما عن الطعام، ومنعوه من الاتصال بموكليه في 1 مايو/أيار دون إبداء الأسباب.

وكان بلال ذياب قد أدين سابقًا بالانتماء إلى الجهاد الإسلامي، منظمة فلسطينية أعلن جناحها المسلح عن مسؤوليته عن تنفيذ هجمات ضد المدنيين الإسرائيليين. وأدانت هيومن رايتس ووتش هذه الهجمات واعتبرتها جرائم حرب وربما جرائم ضدّ الإنسانية. كما يُزعم أن ثائر حلاحلة ينتمي إلى نفس التنظيم. ولكن إسرائيل لم توجه تُهمًا إلى الرجلين بارتكاب أية جريمة، ولم تسمح لهما بالإطلاع على أو الطعن في أية أدلة يتم الاستناد إليها ضدهما، ووضعتهما رهن الاحتجاز الإداري لفترات متجددة مدة الفترة ستة أشهر، وهو ما تعتبره إسرائيل شكلاً من الاعتقال الوقائي وليس العقابي.

وفي 30 أبريل/نيسان، زار طبيب من منظمة أطباء لأجل حقوق الإنسان في إسرائيل الرجلين. وقالت هذه المنظمة إن الرجلين يعانيان من "انخفاض كبير في الوزن"، وهما طريحا الفراش ويواجهان خطر الموت بسبب ضمور العضلات وتخثر الدم. كما يعاني بلال ذياب من عدم انتظام ضربات القلب، وتراجع حاد في عدد الدقات وضغط الدم، وربما من تلف عصبي ونزيف داخلي.

ومضى على إضراب الرجلين عن الطعام 64 يومًا. واستنادًا إلى دراسة أعدتها الجمعية الطبية البريطانية في 2006، "أثناء إضرابات الجوع التي نُفذت في أيرلندا الشمالية سنوات 1980 و1981... تُوفي المضربون عن الطعام في فترة تراوحت بين 55 و75 يومًا منذ بداية الإضراب عن الطعام". وتؤكد نفس الدراسة أن "المرحلة الأخيرة" في إضراب الجوع تكون بعد مرور ما بين 45 و75 يومًا على بداية الإضراب "بسبب انهيار القلب والأوعية الدموية وتسارع نبضات القلب".

وفي 23 أبريل/نيسان، رفضت محكمة عسكرية إسرائيلية طلبات استئناف تقدم بها بلال ذياب وثائر حلاحلة بشأن أوامر احتجازهما إداريا اعتمادًا على أدلة سرية قدمها جهاز الأمن الإسرائيلي بأن الرجلين يمثلان خطرًا امنيًا. وتم منع جميل الخطيب وموكليه من الإطلاع على الأدلة، وهو إجراء معمول به في المحاكم العسكرية في مثل هذه القضايا.

واستنادًا إلى منظمة الضمير الفلسطينية التي تُعنى بحقوق المساجين الفلسطينيين، قامت القوات الإسرائيلية باعتقال بلال ذياب في 17 أغسطس/آب 2011  بعد أن تناول إفطار رمضان مع عائلته قرب جنين. وقال شقيقه لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات الإسرائيلية لم تمنح أيًا من أقاربه التصاريح اللازمة لدخول إسرائيل وزيارته، لأسباب أمنية غير محددة، ولم يتمكن أحد من لقائه منذ أن تم اعتقاله. واستنادًا إلى منظمة الضمير، فإن إدارة السجون منعت بلال ذياب وثائر حلاحلة من الزيارات العائلية عقابًا لهما على إضراب الجوع.

وفي 14 فبراير/شباط، جدد الجيش اعتقال بلال ذياب إداريا لمدة ستة أشهر أخرى. وقالت منظمة الأطباء إن إدارة السجون قامت بنقله بشكل متكرر بين مستشفى عساف هاروفة والمركز الطبي في مركز اعتقال نيتزان في الرملة بعد أن غاب عن وعيه بسبب إضرابه عن الطعام، وتمكنت المنظمة من الحصول على موافقة المحكمة لزيارته مرتين.

وقال جميل الخطيب إنه تمت إدانة بلال ذياب في 2003 بتنفيذ عمليات مسلحة عنيفة وبانتمائه للجناح العسكري للجهاد الإسلامي، وهي منظمة محظورة، وأطلق سراحه في فبراير/شباط 2010. وفي 2010 تم احتجاز بلال ذياب لمدة أشهر عدة دون توجيه تهم إليه.

وفي يونيو/حزيران 2009، تم اعتقال ثائر حلاحلة من محافظة الخليل. واستنادا إلى منظمة الضمير، تم في يناير/كانون الثاني تجديد احتجازه الإداري للمرة الثالثة. وقال جميل الخطيب ومراد جاب الله، محام لدى منظمة الضمير، إن ثائر حلاحلة لم يلتق أبدًا بابنته التي تبلغ من العمر 22 شهرًا لأنها وُلدت أثناء اعتقاله. ومنذ سنة العام 2000 ، قامت إسرائيل باحتجازه إداريا عدة مرات، وبلغت المدة التي قضاها في السجن دون تهم أو محاكمة أربع سنوات.

وإستنادا إلى مجموعات حقوقية، قال الرجلان إنهما تعرضا إلى الإهانة والإذلال على يد مسؤولي السجن أثناء تفتيش الغرف، ولذلك رفضا العلاج الذي قدمه لهما أطباء إدارة السجون أثناء إضرابهما عن الطعام. وقال جميل الخطيب إن مسؤولي السجن قاموا في 29 أبريل/نيسان بمصادرة جهاز راديو كان الرجلان يستعملانه معًا في غرفتهما العلاجية، وكانا يستمعان لمحطات إذاعية محلية تبث نداءات عائلتيهما.

وذكرت منظمة الضمير، استنادً إلى إحصاءات إدارة السجون الإسرائيلية، إنه بحلول الأول  من أبريل/نيسان  كان هناك 4610 سجينًا فلسطينيًا في مراكز الاعتقال الإسرائيلية، منهم 322 محتجزاً إداريا، و203 طفلاً لم يبلغوا 18 سنة بعد.

كما يوجد سجناء فلسطينيون آخرون مضربون عن الطعام لمدة طويلة بسبب احتجازهم إداريا. وقالت سحر فرانسيس، مديرة منظمة الضمير، لـ هيومن رايتس ووتش إن المعتقل عمر أبو شلال، 52 سنة، بدأ إضرابا عن الطعام منذ 7 مارس/آذار، وهو في وضع صحي سيء جدا. وتم اعتقال عمر أبو شلال في 15 أغسطس/آب 2011، ودخل في إضراب عن الطعام مباشرة بعد أن تم تجديد أمر احتجازه إداريا. كما قالت سحر فرانسيس إن حسن صفدي، سجين آخر، دخل إضراباً عن الطعام منذ 5 مارس/آذار. وفي 24 أبريل/نيسان، رفضت محكمة عسكرية استئناف أمر احتجازه بذريعة أنه ما زال يمثل تهديدًا أمنيًا، دون أن يتمكن الرجل من الإطلاع أو الاعتراض على أي أدلة ضده. وقامت إدارة السجون الإسرائيلية بنقل الرجلين إلى المركز الطبي في سجن الرملة.

وفي 17 أبريل/نيسان، أطلقت إسرائيل سراح خضر عدنان الذي أضرب عن الطعام لمدة 66 يومًا، بعد أن قامت بتخفيض مدة احتجازه الإداري من ستة أشهر إلى أربعة أشهر. وفي 1 أبريل/نيسان، قامت إسرائيل بترحيل هناء الشلبي، وهي أيضًا مضربة عن الطعام، من الضفة الغربية إلى قطاع غزة لمدة ثلاث سنوات بعد التوصل إلى حلّ مع محاميها للتخفيض في فترة احتجازها إداريا.

وتفرض الالتزامات القانونية الدولية على إسرائيل إعلام المعتقلين بسبب اعتقالهم بشكل فوري، والإسراع بإعلامهم بالتهم الموجهة إليهم، وتقديمهم إلى القضاء، وفي الحالات الجنائية بتمكينهم من محاكمة علنية عادلة يحق فيها للمتهم الطعن في الشهادات المقدمة ضده.

 وانتقدت لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، التي تراقب التزام الدول بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، في ملاحظاتها الختامية حول إسرائيل سنة 2010، انتقدت "استخدام الاحتجاز الإداري بشكل متواتر وعلى نطاق واسع"، ودعت إسرائيل إلى "الكف عن استخدامه" و"الانتهاء في أسرع وقت ممكن" من مراجعة التشريعات المتصلة به.

إن السلوك الإسرائيلي المتمثل في سجن فلسطينيي الضفة الغربية داخل إسرائيل ينتهك اتفاقيات جنيف التي تمنع القوة المحتلة من احتجاز أشخاص واقعين تحت الاحتلال خارج أراضيهم المحتلة. كما أن سلوك إسرائيل المتمثل في ترحيل المعتقلين إلى غزة، مثل هناء الشلبي، ينتهك القوانين التي تمنع النقل أو الترحيل القسري للأشخاص  الواقعين تحت الاحتلال.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة