Skip to main content

السلطة الفلسطينية: البلطجية والشرطة ينتهكون حقوق المتظاهرين السلميين

(رام الله) - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إنه يتعين على السلطة الفلسطينية فتح تحقيق جنائي بشأن قيام أفراد ينتمون لأجهزتها الأمنية في مشهد واضح بضرب المحتجين في رام الله وركلهم والتحرش الجنسي بهم. كذلك قالت هيومن رايتس ووتش أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، الذين يمدان أجهزة السلطة الأمنية بالدعم المباشر، يتعين عليهما تعليق مثل تلك المعونة على شرط اتخاذ السلطة الفلسطينية لخطوات واضحة لإنهاء ثقافة الإفلات من العقاب عن الانتهاكات التي ترتكبها أجهزة الأمن، بما في ذلك التعذيب.

لقد كانت أحداث العنف التي وقعت يوم 5 فبراير/شباط 2011 هي الواقعة الثالثة منذ يوم 30 يناير/كانون الثاني التي يقوم فيها مسئولي الأمن الفلسطينيين بالإغارة على المتظاهرين المسالمين، واستجوابهم واعتقالهم تعسفياً فضلاً عن ضربهم بقسوة.

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "السلطة الفلسطينية قامت تكراراً بالرد على المظاهرات السلمية بشن الهجمات الشرسة عليها، حتى مع تمتع أجهزتها الأمنية بإمكانية الإفلات من المسائلة عن ممارسة التعذيب المنهجي. ما هي البينة التي يمكن أن تحتاجها الولايات المتحدة أوالاتحاد الأوروبي أكثر من ذلك ليمتنعا ولو عن تقديم المزيد من الأموال للأجهزة الأمنية الفلسطينية إلي أن يتم وضعها موضع المساءلة؟"

وطبقاً لما توافر من معلومات لدى هيومن رايتس ووتش فقد تقدم الفلسطينيون للمفوضية المستقلة لحقوق الإنسان، وهي المحقق الرسمي في شأن انتهاكات حقوق الإنسان من قبل السلطات الفلسطينية، بأكثر من 360 شكوى تعذيب ضد الأجهزة الأمنية الفلسطينية وذلك منذ شهر يناير/كانون الثاني 2009.  وقد قامت هيومن رايتس ووتش مؤخراً بتوثيق عدة حالات لمزاعم بارتكاب أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية للتعذيب. غير أنه لم يتم توجيه الاتهام بالتعذيب أو غيره من الانتهاكات لأي من مسئولي الأمن بالسلطة الفلسطينية.

بدأت تظاهرة يوم 5 فبراير/شباط بميدان المنارة برام الله عند الساعة الثانية بعد الظهر بصورة سلمية، حيث امتلأ الميدان بالمئات من الفلسطينيين، ساروا عبر شارع مجاور، ومن ثم عادوا إلى الميدان. هتف المتظاهرون بشعارات مؤيدة للمتظاهرين في مصر، فضلاً عن شعارات أخري تنتقد ضمنياً السلطة الفلسطينية من بينها " الشعب يريد إنهاء أوسلو" إشارة للاتفاقية التي أوجدت السلطة الفلسطينية ومنحت إسرائيل حصرياً السيطرة على ما يربو على 60 بالمائة من أراضي الضفة الغربية، وكذلك "الشعب يريد إنهاء الانقسام" في إشارة للنزاع القائم بين الضفة الغربية وغزة التي تسيطر عليها حماس.

وفي حوالي الساعة 4:45 من بعد الظهيرة انضم نحو 15- 20 رجلاً في ملابس مدنية للتظاهرة وشرعوا في الهتاف بشعارات مؤيدة للرئيس الفلسطيني محمود عباس. المتظاهرات أخبرن هيومن رايتس ووتش أن بعضاً من هؤلاء الرجال تعدوا على السيدات بتلمسهن في وسط الحشد. وحين قام عدد من السيدات بمطاردة أحد هؤلاء الرجال وحاولن إخطار الشرطة، عرف الرجل نفسه كأحد أفراد جهاز الأمن الوطني الفلسطيني، أي قوات درك السلطة الفلسطينية، عندها قامت الشرطة برد السيدات بحسب ما أخبرن هيومن رايتس ووتش.

وقال متظاهرون آخرون ان بعض الرجال من مرتدي الثياب المدنية الذين كانوا يهتفون بالشعارات إلى جانب آخرين من ضباط الأمن بملابس عادية ممن كانوا وسط الجموع حاصروا أفراداً من بين المتظاهرين وقاموا بضربهم وجرهم تجاه قسم شرطة مجاور وقد اطلعت هيومن رايتس ووتش على تسجيلات بالصورة تبين أربعاً من حالات الاعتقال تلك، كما تحدثت إلى رجل وصف جره إلى قسم الشرطة قائلاً أن رجال الشرطة قاموا باحتجازه في حوالي الساعة 5:30 بعد الظهر واستجوبوه ثم نقلوه إلى جهاز المخابرات العامة. وإجمالاً، فقد اعتقلته أجهزة الأمن لمدة 14 ساعة، ولم يسمحوا له بالاتصال بأسرته كما لم يقدموا له طعاماً أو ماء حتى السابعة صباحاً.

وقد أدى اعتقال وضرب متظاهرين آخرين إلى فض الحشد في غضون نصف ساعة بحسب ما ذكرالشهود.

وقد وصفت السيدة التي حاولت الإبلاغ عن واقعة المساس بها، والتي طلبت عدم الإفصاح عن هويتها، ما حدث قائلة: "أقبل جمع من االفتيان وبدأوا في دفعنا والتحرش والمساس بي وبغيري من الفتيات، لعل ذلك كان لاستفزاز الفتيان الذين كانوا معنا." وقد طاردت تلك السيدة أحد الرجال بينما كان ينسل بعيداً.

وقالت تلك السيدة أيضاً "تبعني صديقاتي، وحين توجهت لأحد رجال الشرطة  وأشرت صوب الرجل وذكرت ما فعله بحقي، هرول الرجل تجاهنا وشرع في الصراخ في. وقد عرف نفسه كملازم أول من قوات الحرس الوطني، وقال لي " بإمكانك فعل ما تشائين [في شأن الشكوى]" في تلميح إلى أنه لن يتعرض للعقاب." بحسب ما ذكرت السيدة.

كما وأن الشرطي قد نصحها بالذهاب إلى قسم الشرطة إذا ما كانت ترغب في التقدم بشكوى.

تتحمل قوات الحرس الوطني الفلسطينية مسئولية السيطرة على الحشود وعمليات التوقيف المشتركة مع غيرها من الأجهزة الأمنية . ومن الجائز أن يكون الملازم الذي كان في في ملابس مدنية في ذلك الوقت قد تصرف من تلقاء نفسه وليس تنفيذاً للأوامر. غير أن تأكيده لكونه فوق القانون بفضل دوره كمسئول رسمي عن الأمن يتماشى بصورة مثيرة للقلق مع مناخ الإفلات من المسائلة الذي تتمتع به قوات الأمن الفلسطينية ، وذلك بحسب ما ذكرته هيومن رايتس ووتش.

ذهبت السيدة بصحبة صديقة لها شهدت تلك المضايقات إلى قسم الشرطة، وقد سردت الواقعة لثلاثة ضباط شرطة مختلفين، لم يقم أي منهم بتدوين أية مذكرات. وقد أخبر أحد الضباط السيدة بأن عليها أن الخروج إلى الميدان والتعرف على الرجل والعودة به إلى القسم، وطلب إلى شرطي آخر أن يصحب السيدة، غير أنهم لم يتمكنوا من رؤية الرجل بين الحشود. وعندما عادوا إلى القسم أمكن للسيد رؤية الرجل في إحدى الغرف كان يجلس بها نحو 15 من الضباط في زيهم الرسمي وثلاثة في ملابس مدنية. وتروي السيدة:

صحبنا رئيس قسم الشرطة إلى تلك الغرفة بحضور كل أولئك الرجال وطلب مني تكرار روايتي. أمتنعت والموقف هكذا عن الرواية ورغبنا في مغادرة المكان. قلت أنني أود الحديث إلى والدي وإلى أحد المحامين. طلبنا الرحيل عدة مرات غير أنهم تقاطروا حولنا. وفي نهاية الأمر تسائلت عما إذا كنا رهن التوقيف، فقال رئيس الشرطة "لا" وكان بإمكاننا الانصراف..

قالت السيدة أنها توجهت في اليوم التالي بشكوى لجهاز المخابرات الحربية الفلسطيني وكذلك المفوضية الفلسطينية المستقلة لحقوق الإنسان، وهي جهة تحقيق رسمية.

وقد أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلة على انفراد مع صديقة السيدة المذكورة، والتي أكدت تفاصيل الحدث.

جاء فيما قالته ساره ليا ويتسن أنه "كان ينبغي على الشرطة الفلسطينية حماية التظاهرات السلمية، لا مهاجمتها والتحرش بالمدنيين" وأضافت "إذا كان ذلك هو ما يسمى بـأوجه التقدم في مجال الأمن التي تباهى رئيس الوزراء سلام فياض بتحقيقها، فإن ذلك يستأهل أن يكون مدعاة للقلق الشديد من قبل رعاته الأمريكيين والأوروبيين."

ذكر متظاهر آخر لـ هيومن رايتس ووتش أن أفراد المجموعة التي كانت تهتف تأييداً لعباس "أحاطوا بي وجروني خارج الحشد، وضربوني على الرأس والعنق وركلوني بركبهم." وقد أخذوا الرجل إلى قسم للشرطة على مقربة من الميدان.

وبحسب ما قاله الرجل فقد أخذت الشرطة في استجوابه حتى منتصف الليل واتهمته بتمزيق ملصق يحمل صورة عباس.

وقال كذلك "إنني حتى لم أرى أياً من تلك الملصقات وقد أنكرت قيامي بتشويهها."

تولى الأمر بعد ذلك رجلان أبرزا بطاقات هوية تفيد انتمائهما لجهاز المخابرات العامة. وقد قاما باستجواب الرجل لمدة ساعتين بقسم الشرطة قبل إحالته إلى مسئولين آخرين ينتميان للمخابرات العامة قاما بدورهما بنقله لأحد مقار جهاز المخابرات العامة في البيرة بالقرب من رام الله، حيث تم استجوابه على مدى ما تبقي من الليل تقريباً. وقد صادر مسئولو الأمن هاتفه المحمول، وطلبوا الحصول على عنوان بريده الإلكتروني وحسابه على موقع "فيس بوك" وكذا على كلمات المرور، ورفضوا طلباته المتكررة للاتصال بأسرته، وذلك بحسب أقوال الرجل.

كذلك قال الرجل          "هددوني بفتح ملف سياسي لي وتقديمي للقضاء العسكري، كذلك هددوني بالضرب".

وأضاف الرجل أنهم طلبوا إليه في نهاية الأمر استيفاء بعض النماذج التي كان أحدها يحمل عنوان "استعلام بخصوص مصدر خارجي". وقد رفض الرجل توقيعه، حسب قوله، خشية أن يستخدموه كمرشد، غير أنه قام في نهاية الأمر بطباعة اسمه. عندئذ قاموا باطلاق سراحه حيث كانت الساعة تقارب الثامنة صباحاً بحسب ما ذكر الرجل، الذي قام لاحقاً بالاتصال بأحد المحققين ليخبره بتنصله من أي التزام بتقديم خدماته كمرشد. وقد ذكر الرجل أنه تلقى في اليوم التالي اتصالاً هاتفياَ من مصدر تم حجب رقمه.

قال الرجل أن الصوت الآتي من الهاتف قال "أن تلك كانت آخر مرة يمكنك فيها الإفلات" ثم أنهى المكالمة.

كما قال أن شخصاَ أطلعه على بطاقة هويته التي تبين أنه يعمل بجهاز المخابرات قام بإيقاف سيارته وفحص هويته، فيما اعتقد الرجل أنه محاولة للترهيب.

قالت ساره ليا ويتسن "ينبغي أن يتعدى بناء الدولة تعزيز مهارات القوات الأمنية التي تقوم بضرب المواطنين الفلسطينيين، ومهاجمتهم وترهيبهم" وأضافت "إن السلطة الفلسطينية وأولئك الذين يدفعون الأموال لصالح قواتها الأمنية بحاجة لأن يؤمنوا لكل فلسطيني القدرة على بلوغ عدالة سريعة ومتيسرة وفعالة عندما تنتهك حقوقه على أيدي تلك القوات ذاتها."

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.