Skip to main content

غزة: يجب السماح للمنظمات الخيرية التي تساعد الأطفال باعادة فتح أبوابها

على حماس أن توقف مضايقاتها لمنظمات المجتمع المدني

(القدس)- قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على سلطات حماس في غزة أن تسمح لمنظمة تساعد الأطفال والشباب بإعادة فتح مكاتبها وأن تعاقب المسؤولين الذين قاموا بمضايقة العاملين فيها. في 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2010، أغلقت سلطات حماس بصورة تعسفية جميع مكاتب منظمة "منتدى شارك الشبابي" في غزة، الذي يوفر الدعم النفسي والمهني ويقيم مخيمات صيفية وغيرها من البرامج لنحو 60 ألفاً من أطفال وشباب غزة.

منذ مايو/أيار، استدعت سلطات حماس مراراً مديري المنظمة وغيرهم من العاملين لاستجوابهم، وأغلقت مكاتبها مؤقتاً، وصادرت أجهزة كمبيوتر ومعدات أخرى، دون توجيه أية اتهامات. وقال أعضاء المنظمة لـ هيومن رايتس ووتش إن مسؤولي حماس الأمنيين قالوا لهم إنه يجري التحقيق مع أربعة من موظفيها، لكنهم لم يقدموا أسماءً أو تفاصيل حول الأفعال التي يشتبه قيامهم بها، ولم يشرحوا لماذا يبرر ذلك إغلاق مكاتب المنظمة في جميع أنحاء قطاع غزة.

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال افريقيا في هيومن رايتس ووتش: "هذا التدخل التعسفي في أنشطة منظمة تقدم خدمات لا تقدر بثمن لشباب غزة ليس إلا أحدث دليل على نزعة حماس الاستبدادية. تفتخر حماس بأنها مُنتخبة ديمقراطياً، لكنها لا تتصرف كحكومة ديمقراطية تحترم المجتمع المدني".

وأصدر مكتب المدعي العام في غزة في 30 نوفمبر/تشرين الثاني أمراً يقضي "بإغلاق مكاتب منتدى شارك الشبابي في محافظة غزة بشكل مؤقت" على ذمة التحقيقات الجارية من قبل إدارة أمن المجتمعات في وحدة التحقيقات التابعة للشرطة. وقال مركز الميزان الفلسطيني لحقوق الإنسان إنه بعد ظهر ذلك اليوم، قامت الشرطة مع مسؤولين من وزارة الداخلية ووحدة الشرطة التي تحقق في القضية بإغلاق المكتب الرئيسي لمنتدى شارك في مدينة غزة. وعلى الرغم من أن القرار (الصادر برقم 153/ 2010) ينطبق فقط على مكاتب المنظمة في مدينة غزة فقط، إلا أن الشرطة أغلقت مكاتب فرعية في جباليا وخان يونس ورفح، والتي تقع في محافظات أخرى، في وقت لاحق من ذلك اليوم وفي 1 ديسمبر/كانون الأول.

وقال سفيان مشعشع، عضو مجلس إدارة شارك، لـ هيومن رايتس ووتش إنه منذ أكتوبر/تشرين الأول "استدعى عناصر الأمن الداخلي التابع لحماس مراراً واستجوبوا الإدارة والموظفين فيما يتعلق بالسماح للفتيان والفتيات بالاختلاط أثناء اللعب، وعن أسباب عدم ارتداء بعض العاملات والطالبات الحجاب، ووجهوا أسئلة مهينة في بعض الحالات حول ما إذا كنا نرغب زميلاتنا".

وأخبر مسؤولو الأمن الداخلي أعضاء مجلس الإدارة أن أربعة من الموظفين والمدراء، بما في ذلك المدير التنفيذي، مشتبه بهم في حيازتهم مواداً إباحية و "شتم الذات الإلهية"، لكنهم لم يحددوا الموظفين المشتبه فيهم أو جرائمهم المزعومة.

وقال مشعشع: "ذهب محامونا إلى وزارة الداخلية والنائب العام خلال الأيام الخمسة الماضية للحصول على قائمة بالاتهامات وأسماء الأشخاص المتهمين، لكن حتى الآن نحن لا نعلم شيئاً". وأضاف: "ليس لدينا سبب للاعتقاد بصحة هذه الادعاءات، ولكن إن كان الأمر كذلك،  فنحن نريد أن نعرف عنها كوننا نملك لوائحنا التنظيمية الداخلية".

وقال مشعشع أن السلطات لم تتقدم بأي اتهامات ضد المنظمة نفسها.

وقالت سارة ليا ويتسن: "ليس كافياً أن سكان غزة محاصرين داخل رقعة الأرض الصغيرة من قبل إسرائيل ومصر، فها هم الآن يواجهون مستقبلاً كئيباً بخضوع كل كلمة يتفوهون بها أو عمل يقومون به للمراقبة من قبل الأمن التابع لحماس، والذي يبدو أنه لا يملك شيئاً أفضل للقيام به".

وبموجب القانون الفلسطيني، لا يمكن إغلاق منظمة خيرية إلا بأمر من المحكمة. وقال مشعشع: "حقيقة أن المدعي العام لم يأمر سوى بإغلاق مؤقت ضدنا تصعب مواجهتها، لأننا نستطيع استئناف الأمر بالإغلاق الدائم مباشرة أمام المحكمة العليا".

نشرت "شارك" جدولاً زمنياً موجزاً عن المشاكل مع السلطات عام 2010. تأكدت هيومن رايتس ووتش من مصدر مستقل ان السلطات أغلقت مؤقتاً في يونيو/حزيران فرع المنظمة في رفح، حيث تعقد برامج للشباب في المدينة.

وقد كانت شارك أحد الشركاء المنفذين لمخيمات الأطفال الصيفية التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا). خرب مسلحون مجهولون أحد المخيمات في مايو/أيار وألقوا قنابل حارقة على آخر في يونيو/حزيران في هجمات أدانتها حركة حماس. واجهت شارك مضايقات متصاعدة من مسؤولي حماس الأمنيين في الأشهر الأخيرة.

وقد انطلقت شارك عام 1996 بدعم من مؤسسة التنمية السويسرية ووكالات الأمم المتحدة، وسجلت كمنظمة غير حكومية مع السلطات الفلسطينية في عام 2004. لم تنازع سلطات حماس في تسجيل شارك.

وفي 5 ديسمبر/كانون الأول، اعتقلت الشرطة التابعة لحماس ما يقارب من 20 شاباً كانوا قد تفرقوا بعد تظاهرة سلمية ضد إغلاق مكاتب شارك خارج مدينة غزة. ادعت الشرطة أن المتظاهرين لم يحصلوا على التصريح اللازم.

أفاد مركز الميزان والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن الشرطة طلبت إلى المعتقلين التوقيع على التزام بأنهم لن يشاركوا في أي أنشطة برعاية شارك، وأنهم لن يختلطوا مع الفتيات أو النساء الذين لا يمتون لهم بصلة تحت طائلة التعرض لغرامة بقيمة 5 آلاف شيكل (1350 دولار أميركي). وقال مشعشع لـ هيومن رايتس ووتش أن أحد الشبان، مصطفى الغول، ما زال قيد الاعتقال منذ 7 ديسمبر/كانون الأول لأنه رفض التوقيع على التعهد. وذكر مركز الميزان أن الشرطة أوقفت أيضاً أربعة من صحفيي الجزيرة الدوليين الذين كانوا يحاولون تغطية الاحتجاج واحتجزتهم لمدة ساعة ونصف.

وقام مسؤولو حماس بإغلاق عدد من المنظمات غير الحكومية الأخرى لأسباب تعسفية على ما يبدو. خلال أسبوع 17 أغسطس/آب، أغلق مسؤولو حماس عيادة ومكاتب "أطباء للمساعدة"، وهي مؤسسة خيرية فرنسية تعمل في خان يونس، وصادروا جميع معدات المؤسسة الطبية وغيرها. وقال موظفو "أطباء للمساعدة" أن مسؤولي وزارة الداخلية أغلقوا العيادة، التي كانت تعالج سكان غزة الذين يعانون من أمراض السكري وارتفاع ضغط الدم والربو، بناء على ما قالوا إنها أوامر من وزارة الصحة، وقالوا إنهم مستعدون لتوزيع المعدات المصادرة على المجموعات الأخرى.

ورفض المسؤولون الاجتماع مع موظفي العيادة أو تحديد أي من القوانين أو الأنظمة التي يزعمون أن "أطباء للمساعدة" قامت بانتهاكها. في بيان على موقعها على الانترنت، بررت وزارة الصحة إغلاق العيادة بأن "أطباء للمساعدة" فشلت في الحصول على ترخيص منذ افتتاح العيادة عام 2009. وقالت أيضاً إنه كان يصعب على المرضى المسنين الوصول للعيادة لأنها كانت في الطابق الثالث من المبنى، وأن الطبيب الرئيسي ومستشار التوعية الصحية يفتقران إلى الشهادات المناسبة، وأن العيادة لم تصرح بدقة عن كمية الدواء التي تحوزها في المخازن.

أقرت "أطباء للمساعدة" أن العيادة لم يكن مرخص لها رسمياً بالعمل، لكنهم أخبروا هيومن رايتس ووتش أنها بدأت عملياتها وفقاً لاتفاق شفهي مع الدكتور بسام نعيم، وزير الصحة في حكومة حماس. وقالت المنظمة إنها تقدمت في وقت لاحق للحصول على ترخيص لكن المسؤولين لم يستجيبوا لطلباتها. نفت "أطبار للمساعدة" أيضاً أنه كان يصعب الوصول للعيادة، وقالت إنها حازت 335 مرضى مسجلين، وأجرت أكثر من 4800 استشارة طبية مجانية، و 6300 فحص مخبري قبل أن يتم إغلاقها.

وقال الموظفون أن فريقاً من سبعة أو ثمانية مسؤولين من وزارة الصحة زاروا العيادة وقيموها في 10 مارس/آذار، وطلبوا دليلاً على أن طبيب العيادة كان أخصائي رعاية مزمنة. واستجابة لذلك، قدمت "أطباء للمساعدة" أوراق اعتماد الطبيب التي تظهر أن تخصص في الأمراض المزمنة لمدة أربع سنوات.

وقال مركز الميزان إن سلطات حماس أغلقت أيضاً ست منظمات غير حكومية محلية وصادرت معداتهم في مدينة رفح الجنوبية في 31 مايو/أيار و1 يونيو/حزيران. تقدم إحدى المنظمات، مجتمع الجنوب لصحة المرأة، الاستشارات بشأن تنظيم الأسرة للمرأة. وقال طرف ثالث إن المنظمة أغلقت لمدة 20 يوماً قبل إعادة افتتاحها تحت الإشراف المباشر لوزارة الداخلية. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من الوقوف على ملابسات إغلاق المنظمة.

وفي أغسطس/آب، أجرى مراسل الإذاعة الوطنية العامة ومقرها الولايات المتحدة، مقابلة مع طالبة في كلية الطب قالت فيها إن حماس قد سيطرت على معظم المستشفيات في قطاع غزة، وأقصت العديد من الأطباء المؤهلين من مناصبهم لأسباب سياسية. في مايو/أيار، وثقت هيومن رايتس ووتش حالات المضايقة والاعتقال التعسفي والاحتجاز والتعذيب من قبل الأجهزة الأمنية التابعة لحماس تحت مزاعم الجرائم "الأخلاقية".

وقالت سارة ليا ويتسن: "بدلاً من التدخل في المجتمع المدني والسعي إلى السيطرة على كل جانب من جوانب حياة المواطنين، ينبغي على حماس أن تركز على تهيئة الظروف لمجتمع حر وتنمي قطاع غزة، وتدرب قوات الأمن التابعة لها على احترام حقوق الناس". وأضافت: "تضييق الخناق على المنظمات التي تقدم الخدمات اللازمة للفلسطينيين ليست من ممارسات سلطة تحترم حرية المجتمع".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.