Skip to main content

مصر: يجب نقل محاكمة الزيتون إلى محكمة جنائية عادية

ثغرات جوهرية في المحاكمة بمحاكم أمن الدولة

(نيويورك، 14 فبراير/شباط 2009) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن محاكمة 25 مدعى عليهم متهمين بالانتماء إلى تنظيم إرهابي أمام محكمة أمن الدولة المصرية ، تعوزها ضمانات المحاكمة العادلة. وقام ممثل عن هيومن رايتس ووتش بحضور الجلسة الأولى من المحاكمة اليوم، 14 فبراير/شباط 2010، أمام محكمة أمن الدولة، وفيها أرجأ القاضي القضية إلى جلسة 20 مارس/آذار.

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "اعتماد الحكومة على محكمة أمن الدولة التي لا تكفل ضمانات المحاكمة العادلة يعني أن الحُكم لن يكون سليماً". وتابعت: "إذا كانت النيابة مطمئنة لأن لديها ما يكفي من أدلة، فعليها إحالة القضية إلى محكمة جنائية مصرية عادية".

واتسمت جلسة اليوم بحضور أمني مكثف الذى منع بعض الأهالي والصحفيين الدخول إلى قاعة المحكمة. وقالت اثنتان من أمهات المدعى عليهم لـهيومن رايتس ووتش إن مباحث أمن الدولة لم تسمح بدخول أكثر من قريب واحد لكل مدعى عليه إلى المحكمة فلم يتمكنّ من رؤية ابنيهما. ولم تتمكن العائلات من رؤية المدعى عليهم إلا أثناء الاستجواب أمام النيابة وبخلاف هذا فلم يتمكنوا من مقابلتهم أو الوصول إليهم. ولم تسمح قوات الأمن في قاعة المحكمة للأهالي الحضور بالاقتراب من المتهمين فى القفص. وطلب محامو الدفاع من القاضي السماح لهم بمقابلة موكليهم على انفراد وطالبوا بالاطلاع على 106 صفحات مفقودة من تقارير النيابة ومباحث أمن الدولة لم يتمكنوا من الاطلاع عليها سابقاً.

وكان ضباط مباحث أمن الدولة قد قاموا بالقبض على 24 مدعى عليهم – 22 مصرياً وفلسطينيين اثنين – في 26 يونيو/حزيران و1 و2 يوليو/تموز 2009. المتهم الخامس والعشرون بالخارج ويُحاكم غيابياً. وقد أعلنت وزارة الداخلية في بيان صحفي بتاريخ 9 يوليو/تموز إن ضباط مباحث أمن الدولة اعتقلوا 24 رجلاً على صلة بالسرقة المسلحة لمحل جواهرجي في مايو/أيار 2008 بحي الزيتون بالقاهرة وعلى ذمة خطط لهجمات على قناة السويس. وأسفرت السرقة عن مقتل مالك المتجر المسيحي وثلاثة موظفين، مما دفع الإعلام لنعت هذه المحاكمة باسم محاكمة "خلية الزيتون". وقامت مباحث أمن الدولة باحتجاز الرجال دون نسب اتهام إليهم لعدة أسابيع بموجب أوامر وزير الداخلية بتجديد الحبس لمدة 15 يوماً بمقتضى قانون الطوارئ والتى تسمح بالاحتجاز الإداري دون نسب اتهامات. وتم احتجازهم بمعزل عن العالم الخارجي حتى 22 يوليو/تموز و فى بعض الحالات حتى 19 أغسطس/آب، بالنسبة لمحمد فهيم حسين.

ومنذ القبض عليهم، تقدم محامو الدفاع بطلبات أمام النائب العام لكشف مكان اعتقال مباحث أمن الدولة للرجال، ولضمان فحصهم من قبل طبيب شرعي والأمر بإحالتهم إلى نيابة أمن الدولة ونسب الاتهامات إليهم على وجه السرعة. وفتح النائب العام التحقيق في إحدى هذه الطلبات في 19 يوليو/تموز، وشهد أهالي المحتجزين بوقوع القبض عليهم وعدم قدرة الأقارب على معرفة مكان الرجال، لكن النيابة لم تستدع الضباط المعنيين وقالت للمحامين إن النيابة غير قادرة على معرفة مكان المحتجزين.

وفي الجلسة الأولى للمحاكمة في 14 فبراير/شباط، طلب محامو الدفاع من القاضي السماح لهم بمقابلة المدعى عليهم على انفراد بما أنهم لم يتمكنوا من الانفراد بهم من قبل. محامي الدفاع أحمد عزت قال لـ هيومن رايتس ووتش إن المرة الأولى التي تمكن فيها المحامون من الاتصال بالمحتجزين كان لدى ظهورهم في نيابة أمن الدولة، أمام المحامى العام الأول هشام بدوي، للتحقيق في 22 يوليو/تموز. حتى حينها، منع ضباط الأمن بعض المحامين من حضور التحقيق مع موكليهم . و قال المحامي خالد علي لـ هيومن رايتس ووتش إن نائب أمن الدولة استجوب المتهم محمد حسين في غيابه. ومن بعد ذلك تمكن محامو الدفاع من مقابلة المدعى عليهم أثناء جلسات الاستجواب اللاحقة أمام النيابة، وبخلاف ذلك لم يتسن لهم مقابلتهم أو التحدث إليهم لأن مسؤولي أمن الدولة حالوا دون زيارتهم لموكليهم المعتقلين.

بعض المتهمين قالوا للنيابة إن قوات أمن الدولة عذبتهم أثناء الاحتجاز وانتزعت الاعترافات منهم تحت تأثير التعذيب، اعترافات بشأن خطط لصناعة أسلحة من أجل شن هجمات. وقال محامي الدفاع محمد شبانة لـ هيومن رايتس ووتش إن موكله محمد فهيم قال للنيابة إن ضباط مباحث أمن الدولة قد عذبوه. وقال أحمد عادل حسين للنائب في 30 أغسطس/آب إن ضباط أمن الدولة عذبوه بالصعق بالكهرباء بعد القبض عليه في 2 يوليو/تموز وإن التعذيب استمر لمدة أسبوعين. فأمر النائب بفحصه على يد طبيب شرعي في 3 سبتمبر/أيلول، بعد ثلاثة أشهر ، لكن تقرير الطبيب قال إنه لم يتبين وجود آثار مادية تُثبت وقوع التعذيب.

وقالت سارة ليا ويتسن: "ليس هناك مبرر لعدم منح هؤلاء الرجال محاكمة عادلة، أيا كانت الاتهامات المنسوبة إليهم". وأضافت: "جميع المدعى عليهم في المحاكمات يحق لهم مقابلة محاميهم، ويجب التحقيق في جميع مزاعم التعذيب على وجه السرعة".

االمحامى الأول هشام بدوي أمر بإحالة القضية إلى محكمة أمن الدولة طوارئ في 4 يناير/كانون الثاني. واتهم جميع المدعى عليهم الـ 25 تحت طائلة المواد 86 و86 مكرر من قانون العقوبات بـ "الانتماء بالعضوية في تنظيم غير قانوني" على صلة بانتماءهم المفترض لجماعة "الولاء والبراء" التي تستخدم سبلاً إرهابية لتحقيق أهدافها الخاصة بقلب نظام الحُكم ومهاجمة الإرهابيين والأقباط وقناة السويس، والحيازة غير المشروعة للأسلحة. فضلاً عن ذلك اتهمت النيابة المتهم محمد حسين بإنشاء وقيادة هذا التنظيم، واتهمت أربعة آخرين بأن لهم أدوار قيادية في التنظيم، والبقية باتهامات تتراوح من الحيازة غير المشروعة للأسلحة إلى الدخول والخروج بشكل غير قانوني عبر حدود مصر الشرقية.

ووثقت هيومن رايتس ووتش كيف أن المحاكمات أمام محاكم أمن الدولة طوارئ تخفق في الوفاء بالمعايير الدولية لإجراءات المحاكمة العادلة بما أنها لا تكفل الحق في الطعن. والقضاة في هذه المحاكم كثيراً ما يخفقون في التحقيق على النحو الكافي في مزاعم التعذيب، وعدم الأخذ بالاعترافات المستخلصة تحت التعذيب والسماح للمدعى عليهم بمقابلة المحامين خارج قاعة المحكمة. وراقبت هيومن رايتس ووتش محاكمة في عام 2006 لرجال متهمين بإجراء عمليات تفجير طابا وانتهت إلى أن المحاكمة كانت غير عادلة لوجود مزاعم بالتعذيب والاعترافات المنتزعة بالإكراه، وكذلك طول فترة الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي وعدم مقابلة المدعى عليهم للمحامين على النحو الملائم.

وقالت سارة ليا ويتسن: "يحق للحكومات حماية مواطنيها من الهجمات الإرهابية... لكن الأمن الحقيقي لا يأتي من الإدانات في محاكمات غير عادلة".

قانون الطوارئ المصري، الذي تم احتجاز الرجال الـ 25 تحت طائلته في بادئ الأمر، يسمح بالاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي لفترات طويلة، في خرق للمعايير الدولية القانونية الخاصة بالحق في المحاكمة العادلة والتمثيل من قبل محامي على النحو الملائم. وأثناء مثل هذه الفترات من الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي لوقت طويل يصبح المحتجزين عرضة لخطر الإساءات إلى حد كبير، وأثناء هذه الفترة المذكورة زعم ثلاثة من المدعى عليهم في القضية بتعرضهم للتعذيب وإجبارهم على الاعتراف.

وفي تقرير هيومن رايتس ووتش بعنوان "تشريح قضية أمن دولة"، تم توثيق الانتهاكات التي وقعت قبل وأثناء محاكمة في محكمة أمن الدولة. وقال محتجز سابق لـ هيومن رايتس ووتش:

عندما تعذبك أمن الدولة أثناء الاستجواب، يُلمّحون إلى ما يجب أن تشمله إجاباتك على الأسئلة. فيرمون للمحتجز طرف خيط لموضوع ثم يعذبونه للحصول على التفاصيل. على سبيل المثال، يسأل مثلاً [ضابط أمن الدولة] المحتجز: إذن ما حكاية التفجيرات التي كنتم تخططون لها في هذا البلد؟ وبالطبع تحت تأثير التعذيب يريد المحتجز أن يتوقف التعذيب، فيقول أي شيء كي يتوقف التعذيب.

لجنة حقوق الإنسان، وهي هيئة من الخبراء مكلفة بمراقبة التزام الدول بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، أبدت في عام 2002 قلقها إزاء "اختصاص المحاكم العسكرية ومحاكم أمن الدولة المصرية في محاكمة المدنيين المتهمين بالإرهاب رغم غياب أي ضمانات فيما يخص استقلالية هذه المحاكم وعدم القدرة على الطعن في أحكامها أمام محكمة أعلى درجة"، حسبما يطالب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ومؤخراً في تقرير صدر عام 2009 من قبل مارتن شينين، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بتعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية وحمايتها في أثناء مكافحة الإرهاب، إثر زيارته لمصر، أكد على أن "محاكمة المشتبهين بالإرهاب من المدنيين في محاكم عسكرية ومحاكم أمن دولة طوارئ تثير القلق إزاء نزاهة واستقلالية إدارة القضاء كما تشير إلى عدم الالتزام بالحق في مراجعة محكمة أعلى درجة لقرار الإدانة والحُكم". ومن المقرر أن تتم مناقشة تقريره في جلسة مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في مارس/آذار. وفي 17 فبراير/شباط سوف يراجع مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان سجل مصر الحقوقي، ضمن آلية المراجعة الدورية الشاملة للدول الأعضاء.

وقالت سارة ليا ويتسن: "الحكومات المشاركة في مراجعة سجل مصر الحقوقي يجب أن تُحمل حكومة مبارك مسؤولية اعتمادها على محاكم أمن الدولة".

كما تبدي هيومن رايتس ووتش قلقها من أن اتهامات قضية الزيتون قد تنتهي بالحُكم بالإعدام. وهيومن رايتس ووتش تعارض عقوبة الإعدام من حيث المبدأ في كل الظروف نظراً لطبيعتها القاسية واللاإنسانية. وتنص المعايير الدولية لحقوق الإنسان على أنه في حالة عدم إلغاء عقوبة الإعدام في الدولة، فيجب ألا تُطبق إلا في الحالات التي تُراعى فيها إجراءات التقاضي السليمة بكل دقة وحزم، بما في ذلك حق المدعى عليهم في مقابلة الدفاع القادر على الدفاع عنه، وافتراض البراءة حتى ثبوت الذنب، والحق في الطعن في الشقين الشكلي (القانوني) والموضوعي من القضية أمام محكمة أعلى درجة.

المدعى عليهم في هذه القضية هم:
1. محمد فهيم حسين
2. محمد خميس إبراهيم
3. أحمد سعد الشعراوي
4. محمد صلاح عبد الفتاح
5. خالد عادل حسين
6. أحمد عادل حسين
7. ياسر عبد القادر بصار
8. أحمد السيد المنسي
9. فرج رضوان المعني
10. هاني عبد الحي أبو مسلم (غيابياً)
11. محمد أحمد الدسوقي
12. أحمد فرحان سيد
13. أحمد السيد ناصف علي
14. إبراهيم محمد طه
15. مصطفى نصر مصطفى
16. عبد الله عبد المنجد عبد الصمد
17. أحمد سعد العوضى حبيب
18. سامح محمد محمد السيد طه
19. أحمد عزت نور الدين
20. محمد حسين احمد شوشة
21. محمد رضوان حماد المعني
22. تامر محمد أبو جزر (فلسطيني)
23. محمد حسن عبد العاطي (فلسطيني)
24. سيد أحمد مخيمراحمد
25. محمد محسن إبراهيم الأباصيري

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.