Skip to main content

كينيا: حُكم فارق في تاريخ حقوق السكان الأصليين في تملك الأراضي

اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان تدين طرد الإندوروي لصالح التنمية السياحية

(نيويورك) - قالت هيومن رايتس ووتش ومؤسسة "شاهد" ومحامو السكان الإندوروي اليوم إن الحُكم الصادر من اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب الخاص بإدانة طرد السكان الإندوروي من أراضيهم في كينيا هو انتصار كبير للشعوب الأصلية في شتى أنحاء أفريقيا. فقد قضت اللجنة في 4 فبراير/شباط 2010 بأن إخراج السكان الإندوروي من أراضيهم القديمة لصالح التنمية السياحية هو انتهاك لحقوقهم الإنسانية.

وكانت الحكومة الكينية قد قامت بطرد الإندوروي - وهم مجتمع رعوي قديم - من أراضيهم في بحيرة بوغوريا وسط كينيا في السبعينيات من القرن العشرين، من أجل إنشاء منشآت سياحية وطنية. وفي الحُكم الأول الصادر من محكمة دولية تبين انتهاك الحق في التنمية، وخلصت اللجنة إلى أن هذا الطرد، مع منح حد أدنى من التعويض، ينتهك حق الإندوروي كشعب من الشعوب الأصلية في التملك والرعاية الصحية والحقوق الثقافية والدينية والحرمان من الموارد الطبيعية. وأمرت كينيا بإعادة الإندوروي إلى أراضيهم التاريخية وتعويضهم. وهو أول حُكم ينظر في أمر من هم الشعوب الأصلية لأفريقيا وما هي حقوقهم في الأراضي. وتم رفع القضية لصالح الإندوروي من قبل مؤسستي "كيميرد - CEMIRIDE" و"حقوق الأقليات الدولية".

وقال كلايف بالدوين، استشاري قانوني أول في هيومن رايتس ووتش، وساعد في الترافع لصالح الإندوروي في القضية أثناء عمله مع منظمة حقوق الأقليات الدولية: "القرار الخاص بالإندوروي، وهو الأول من نوعه، يمكن أن يساعد الكثيرين في شتى أنحاء أفريقيا ممن أُخرجوا من ديارهم". وتابع: "اللجنة الأفريقية واضحة: الأرض التي عاش فيها الأندوروي تاريخياً هي ملك لهم ويجب أن تُعاد إليهم".

تعتبر بحيرة بوغوريا ذات إمكانيات سياحية هائلة بسبب ينابيعها الساخنة والحياة البرية الوارفة فيها، وتستضيف أحد أكبر تجمعات طيور الفلامنغو في أفريقيا. وقبلت اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان أدلة الإندوروي على أنهم يعيشون في تلك المنطقة "منذ الأبد" وأن البحيرة كانت مركز اهتمامهم الديني والثقافي، إذ أن الأجداد دُفنوا بالقرب منها. وبعد طردهم من الأراضي الخصبة المحيطة بالبحيرة، أُجبر الإندوروي على التجمع في منطقة قاحلة، حيث ماتت الكثير من ماشيتهم.

وحاولوا بلا نجاح إقناع الحكومة الكينية، والسلطات المحلية، ومؤسسة الحياة البرية الكينية بالتراجع عن سياسة طرد الجميع، ومنهم السكان الأصليين، من المناطق التي خصصتها الحكومة للمحميات الطبيعية والمنتجعات. كما رُفض طلبهم بنصيب عادل من السياحة والأرباح المتولدة عن المنطقة. وبعد رفض المحاكم الكينية التصدي لمشكلتهم، رفعوا قضيتهم إلى اللجنة الأفريقية في عام 2003. وضمن القضية، لجأت مؤسستا "شاهد" وCEMIRIDE لاستخدام أدلة تسجيلات الفيديو في سابقة هي الأولى من نوعها، من أجل إظهار الأوضاع على الأرض، والتي تنتهك الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، مع عرض أصوات الإندوروي على اللجنة.

انتهاكات الحق في تملك الأراضي، ومنها حقوق أجيال من الكينيين المشردين من أراضيهم عبر عمليات الطرد تاريخياً ومؤخراً في الفترة الأخيرة، هي أحد القضايا التي لم يتم حلها في كينيا، والتي أقر الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفي عنان بها في أعقاب العنف في الانتخابات الكينية عام 2007 و2008. وانتهت اللجنة الأفريقية إلى أن الحكومة الكينية استمرت في الاعتماد على القانون الاستعماري في منع مجتمعات بعينها من حيازة أراضي بشكل صريح، مع السماح لجماعات أخرى، مثل السلطات المحلية، بامتلاك الأراضي على سبيل "الأمانة" لصالح هذه الجماعات. السلطات المحلية في بحيرة بوغوريا تمكنت من وضع حد لأمانة الإندوروي عندما أرادت أن تصادر الأرض.

وفي السنوات العشر الأخيرة وقعت عدة محاولات لإصلاح حقوق الأراضي إصلاحات شاملة من شأنها أن تسمح بالتحديد النهائي والنزيه لملكية الأرض وتوفير نظام لاستعادة الأراضي لمن تم طرده من أرضه بشكل غير قانوني، أو تعويضه. كل هذه الإصلاحات غير مكتملة. وفيما جاء تبني الحكومة لسياسة جديدة للأراضي في أغسطس/آب 2009 بمثابة خطوة هامة للأمام، إلا أنها ما زالت بحاجة لأن تُترجم إلى حماية فعالة على الأرض لصالح سكان كينيا الأكثر تهميشاً.

وقال كورير سينجوئي، الممثل للإندوروي ومدير مؤسسة CEMIRIDE: "هذا الحُكم جيد لجميع الكينيين. فالقانون الذي يعامل بعض المجتمعات على أنها غير بالغة أو رشيدة وغير قادرة على تملك أراضيها بنفسها، هو قانون من عهد الاستعمار الغابر ويجب تغييره".

ورأت اللجنة الأفريقية أن الإندوروي - ذوي الصلات التاريخية الواضحة بمنطقة معينة من الأرض - هم شعب أصيل مميز ومنفصل، وهو المصطلح الذي تتنازع عليه بعض الحكومات الأفريقية التي تقول بأن جميع الأفارقة شعوب أصلية. كما انتهت إلى أن الإندوروي لهم حقوق في تملك الأراضي على الأرض التي شغلوها واستخدموها تاريخياً، حتى لو كانت السلطات البريطانية أو الكينية قد حرمتهم من اللقب الرسمي. وفي توصلها إلى خرق للحق في التنمية للمرة الأولى، اعتمدت اللجنة على إخفاق السلطات الكينية في احترام حق الإندوروي في التنمية، والإخفاق في مدهم بالتعويض على الخسارة التي كابدوها، أو أية مزايا متحصلة من النشاط السياحي.

وقضت اللجنة الأفريقية في عام 2006 ضد الحكومة الكينية جراء السماح لشركة لاستخراج الياقوت من المناجم بالبدء في عملية حفر مناجم غير قانونية في جزء آخر من أراضي الإندوروي، مما أثر على قدرتهم الباقية على الحصول على المياه. وإثر الحُكم، تخلت الشركة عن أنشطتها.

وقالت سينثيا موريل، إحدى المحامين لصالح الإندوروي بصفة استشاري قانوني أول لدى منظمة حقوق الأقليات الدولية: "حُكم اللجنة الأفريقية يتضح للحكومات أن عليها أن تعامل شعوبها الأصلية كمعنيين نشطين وليس مستفيدين سلبيين". وتابعت: "هذا الاعتراف هو نصر لحقوق الشعوب الأصلية في شتى أنحاء أفريقيا التي تم تجاهل وجودها إلى حد كبير، سواء قانوناً أو فعلياً، حتى الآن. الحُكم هو بداية لمستقبل أكثر إشراقاً".

وتطالب اللجنة كينيا باتخاذ خطوات من أجل إعادة أراضي الإندوروي وتعويضهم خلال ثلاثة أشهر. ومن الواجب إجراء إصلاحات شاملة من أجل جعل قوانين الأراضي الكينية متفقة مع المعايير الواردة في اللجنة، قبيل انتخابات 2012 على حد قول هيومن رايتس ووتش ومؤسسة "شاهد" ومحامو الإندوروي.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

المنطقة/البلد

الأكثر مشاهدة