Skip to main content

إسرائيل: يجب وقف أعمال هدم المنازل في القدس الشرقية

طرد 57 فلسطينياً من منازلهم في أسبوع واحد

(القدس) - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على السلطات الإسرائيلية في القدس الشرقية أن تكف فوراً عن أعمال هدم منازل الفلسطينيين، وهو العمل الذي يخرق القانون الدولي.

وفي الأسبوع الذي بدأ في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2009، استخدمت بلدية القدس الجرافات في هدم خمس بنايات سكنية، فيما يخضع آلاف الفلسطينيين الآخرين لتهديد هدم منازلهم. وفي هدم البنايات الخمس الذي بدأ من 27 أكتوبر/تشرين الأول وحتى 2 نوفمبر/تشرين الثاني، شردت السلطات الإسرائيلية 57 ساكناً فلسطينياً، منهم عدة أطفال. وتم هدم ثلاثة مباني أخرى جزئياً. وبررت السلطات الإسرائيلية هدمها للمنازل بالأساس بأن مُلاك المنازل ليست معهم تصاريح بناء، علماً بأنه من الصعب للغاية على الفلسطينيين الحصول على مثل هذه التصاريح.

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "الحكومة الإسرائيلية بعملها هذا تحرم الفلسطينيين من الحق في الحياة في منازلهم، في الأحياء التي يعيشون فيها منذ أجيال". وتابعت: "وإسناد هذا التدمير بكل قسوة لمنازل الأفراد إلى قوانين وأنظمة بناء غير منصفة يعني استخدام غلالة قانونية رقيقة كحجة لإجبارهم على الرحيل عن بيوتهم".

وقد أخلت إسرائيل قسراً ودمرت منازل أكثر من 600 فلسطيني آخرين، نصفهم من الأطفال، في الضفة الغربية والقدس الشرقية، هذا العام، طبقاً لما أوردته الأمم المتحدة. وفرض إسرائيل لقوانين البناء الإسرائيلية على الفلسطينيين في الأراضي المحتلة يخرق ضمانات حماية القانون الإنساني الدولي للملكية الخاصة. وتطبيق إسرائيل لقانون تصاريح البناء هو تطبيق يتسم بالتمييز، وهو تعسفي ويعد بمثابة تدخل غير قانوني في الحق في السكن بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.

وقد هدمت سلطات بلدية القدس ثلاث بنايات فلسطينية في 2 نوفمبر/تشرين الثاني، مما أسفر عن تشريد 31 شخصاً. وقال سكان من حي أبو طور في القدس الشرقية لـ هيومن رايتس ووتش إنه في تمام الساعة الثامنة صباحاً هدمت جرافتان منازل أسرتي الشويك والقواسمي، مما أدى إلى تشريد 14 شخصاً. وقد تم بناء البنايات المذكورة، التي يصل بينها جدار واحد، في عام 1982.

وقال هارون القواسمي، المقيم في أحد البنايات مع زوجته وأربعة أبناء بالغين: "لم نكن نعرف حتى أن المبنى سيُهدم قبل هدمه". وأضاف: "حضر العديد من الجنود، وقالوا لنا إننا بنينا البيت بلا ترخيص".

وقال طارق الشويك إنه لم يُخطر إطلاقاً بأمر الهدم قبل تدمير بيت أسرته المجاور، مما أدى لتشريده هو وزوجته وثلاثة أطفال، وأمه، وشقيقته وزوجها. وقال: "قالت لي البلدية إن عليّ إخراج ركام ما تبقى من متاعي من وسط الهدد وإلا سأضطر لدفع مقابل رفعه عندما يرفعونه بدلاً مني".

المنزل الثالث، في حي بيت حنينا في القدس الشرقية، تم هدمه حوالي الساعة الثانية مساءً. ولم تتمكن هيومن رايتس ووتش من الاتصال بسكان المبنى، لكن طبقاً لتقارير أولية من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ومنظمة المقدسي - وهي منظمة غير حكومية فلسطينية مقرها القدس الشرقية - فقد أسفر الهدم عن تشريد نحو 17 شخصاً من عائلة رجبي.

وفي 27 أكتوبر/تشرين الأول هدمت السلطات الإسرائيلية منزلين في القدس الشرقية، وهدمت جزئياً ثلاثة منازل أخرى. وقال سكان بناية من طابقين في حي سور البحر في القدس الشرقية لـ هيومن رايتس ووتش إن عدة جنود إسرائيليين وعناصر من الشرطة أحاطوا بالمبنى في الساعة 5:15 صباحاً وأمروا السكان بالمغادرة على الفور. ولم تسمح السلطات للسكان بما يكفي من وقت لإخراج أثاثهم أو متعلقاتهم الأخرى قبل أن تهدم ثلاث جرافات البناية، التي كان يسكن بها 17 شخصاً من عائلة كبيرة، منهم خمسة أطفال.

وقال أحد السكان طلب عدم الإفصاح عن اسمه: "دخل الجنود منزلنا دون إذن واحتجزوا بناتي وأبنائي". وأضاف: "لم يُتح لنا من الوقت إلا ما يكفي لأخذ ثيابنا".

وقال إن الطابق الأول من البناية تم بناءه قبل 11 عاماً، والثاني أضيف لاحقاً لاستضافة أبناء مالك البيت المتزوجين. وقال ساكن آخر إن أسرته تملك الأرض التي بُني عليها المنزل منذ ثلاثة أجيال على الأقل. وقال السكان إن الأسرة أنفقت 150 ألف شيكل (37500 دولار) على مدار السنوات في محاولات لا طائل منها للحصول على تصريح لمنزلهم.

وفي التاسعة من صباح اليوم نفسه، هدمت السلطات الإسرائيلية منزلاً في القدس الشرقية تقطنه امرأة تبلغ من العمر 73 عاماً هي وابنها البالغ من العمر 32 عاماً، وطلبا عدم ذكر اسميهما. وقال الابن إنه بنى المبنى من قطع الخشب والمعدن بعد أن هدمت السلطات الإسرائيلية منزلهما الأول الذي كان في ذلك المكان في عام 2006.

وقال: "نحن نعيش في هذا المكان منذ أربعين عاماً، وقد هدموا منزلنا الأول لأن ليس معنا ترخيص، فشيدت مبنى من المعدن. ولم يكن منزلاً دائماً، بل مجرد كوخ".

وتلقى أمر هدم أول في مايو/أيار وآخر في سبتمبر/أيلول. وقال: "لا يمكنني تحمل كلفة أتعاب المحامي من ثم فقد ذهبت إلى المحكمة بنفسي، لكنهم قالوا لي: ملفك ليس عندنا". وكان يخشى أن تعاقبه السلطات بأن تضيف الغرامة إلى الهدم.

وتشمل القدس الشرقية مساحة قوامها 70 كيلومتراً مربعاً من مساحة الضفة الغربية التي ضمتها إسرائيل إلى أراضيها في عام 1967، وما زالت أرضاً محتلة بموجب القانون الدولي. واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 بشأن الأراضي المحتلة تحظر على السلطات المحتلة تدمير الملكيات الخاصة ما لم يكن هدمها "ضروري ولا مفر منه لأغراض العمليات العسكرية".

وتقول السلطات الإسرائيلية إن أعمال هدم المنازل لا تتم إلا فيما يتعلق بالمنازل التي بنيت بشكل غير مشروع دون تصاريح بناء رسمية. إلا أن تقريراً للأمم المتحدة صدر في أبريل/نيسان الماضي انتهى إلى أنه من الصعب للغاية على السكان الفلسطينيين الحصول على مثل هذه التصاريح بموجب القانون الإسرائيلي، الذي تطبقه إسرائيل لضم أجزاء من الضفة الغربية، في خرق للقانون الدولي.

وقدرت الأمم المتحدة أن نحو 60 ألف فلسطيني في القدس الشرقية يعيشون حالياً في مباني ترى الحكومة الإسرائيلية أنها غير قانونية. وقد صدر تقرير في ديسمبر/كانون الأول 2008 عن الاتحاد الأوروبي وانتهى إلى أن إسرائيل "تسعى بهمّة للضم غير القانوني لأراضٍ إلى القدس الشرقية" عبر وسائل تشمل بناء مستوطنات لليهود فقط وهدم منازل الفلسطينيين.

وانتهى تقرير الاتحاد الأوروبي إلى أن سياسات الإسكان الإسرائيلية في القدس الشرقية تميز بشكل غير قانوني ضد السكان الفلسطينيين. ومثل السكان الإسرائيليين، فإن السكان الفلسطينيين في القدس الشرقية يحق لهم من حيث المبدأ استصدار تصاريح بناء فقط للبناء في المناطق المخصصة للبناء. والسكان الفلسطينيون يمثلون نحو 60 في المائة من تعداد القدس الشرقية، لكن الحكومة الإسرائيلية لم تخصص للمنشآت الفلسطينية سوى 12 في المائة فقط، طبقاً لتقرير الاتحاد الأوروبي. وحتى في هذه المنطقة الصغيرة المخصصة، لا يمكن لفلسطينيين كثيرين تحمل كلفة إتمام عملية استصدار تصاريح البناء، وهي عملية معقدة وباهظة التكلفة.

وعلى النقيض، خصصت إسرائيل على نحو غير قانوني 35 في المائة من القدس الشرقية لإنشاء المستوطنات اليهودية، التي يسهل كثيراً الحصول على تصاريح البناء فيها. ومنذ نوفمبر/تشرين الثاني 2007، وافقت إسرائيل على تصاريح بناء لثلاثة آلاف وحدة سكنية للمستوطنين اليهود في القدس الشرقية، مقابل أقل من 400 تصريح بناء للسكان الفلسطينيين، طبقاً لتقرير الاتحاد الأوروبي. وسياسة الحكومة، كما وردت في الخطة المحلية الإطارية للقدس لعام 2000، ووافقت عليها لجنة القدس للتخطيط والبناء في عام 2006، تدعو إلى نسبة 70 في المائة لليهود و30 في المائة للعرب في بلدية القدس، ومنها الأجزاء المضمومة من الضفة الغربية.

واتفاقية جنيف الرابعة تحظر على السلطات المحتلة نقل سكانها إلى الأراضي التي تحتلها.

وقالت سارة ليا ويتسن: "الحكومة الإسرائيلية تهدم منازل العائلات الفلسطينية وتتسبب في معاناة لا ضرورة لها كي تتوسع بشكل غير قانوني في المستوطنات اليهودية في القدس الشرقية". وأضافت: "على إسرائيل احترام حقوق الملكية والإسكان الأساسية للعائلات الفلسطينية".

وقد قابلت هيومن رايتس ووتش سكاناً آخرين من القدس الشرقية تم هدم منازلهم كلياً أو جزئياً في ثلاث وقائع منفصلة في 27 أكتوبر/تشرين الأول. وأحياناً تفرض السلطات الإسرائيلية غرامات باهظة جراء البناء غير القانوني على الفلسطينيين الذين يتم إزالة منازلهم بالجرافات، من ثم قام بعض سكان القدس الشرقية بهدم منازلهم بأنفسهم لتفادي العقوبات المالية. وأحد السكان بدأ في "هدم منزله بنفسه" لكنه لم ينته منه، فتم هدمه بالجرافات، وهو يخشى التغريم من قبل السلطات الإسرائيلية. وثمة عائلة أخرى تم هدم منزلها بالجرافات واضطرت لدفع غرامة 60 ألف شيكل (15 ألف دولار) بتهمة البناء غير القانوني.

مكتب المتحدث باسم بلدية القدس لم يرد سريعاً على طلب هيومن رايتس ووتش بالتعليق على أعمال الهدم. وطبقاً لموقع البلدية، فإن "بلدية القدس تهدم المنازل أو أجزاء من المنازل لأسباب تتعلق بتخطيط المدينة، وليس لأسباب أمنية... وسياسة البلدية هي إصدار أوامر الهدم فقط في الحالات التي تكون فيها المنازل غير القانونية خالية من السكان أو عندما تتعارض تلك البنايات مع خطط المرافق العامة، مثل المدارس أو الطرق، أو في حالة تعارضها مع الإرث التاريخي للمدينة".

سياسة إسرائيل الخاصة بهدم منازل الفلسطينيين في القدس الشرقية على أساس عدم توفر التصاريح صعبة الاستصدار، مع تيسير البناء والنمو للمستوطنات اليهودية القريبة، هو أيضاً مما يعد ممارسة تمييزية بموجب القانون الدولي. والحظر ضد التمييز وارد في المادة 2 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومقنن في المواثيق الدولية الحقوقية الكبرى التي صدقت عليها إسرائيل، ومنها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وأعمال هدم المنازل القائمة والمتكررة تحول دون تمتع سكان القدس الشرقية بحقهم في عدم التعرض للتدخل المتعسف أو غير القانوني من الدولة في مسكن المرء والحق في السكن الملائم. ولجنة الأمم المتحدة المعنية بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والتي تراقب التزام الدول الأطراف بالعهد، ذكرت أن "حق الإسكان يجب ألا يُفسر في معناه الضيق أو المحدد بحيث يصبح مماثلاً لأي مأوى لا يزيد عن سقف فوق رأس المرء أو يُرى المأوى حصراً على أنه سلعة. بل يجب أن يُرى حق السكن على أنه حق المرء في الإقامة في أمان وسلام وكرامة حيث يسكن".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.