Skip to main content

إيطاليا/ليبيا: المهاجرون يصفون عمليات الإعادة القسرية والإساءات

على الاتحاد الأوروبي أن يضغط على إيطاليا كي توقف عمليات الإعادة القسرية إلى ليبيا

(روما) - قالت هيومن رايتس ووتش في تقرير أصدرته اليوم إن إيطاليا تعترض مهاجرين القوارب وملتمسي اللجوء الأفارقة، كما لا تفحصهم للنظر فيما إذا كان بعضهم يستحقون اللجوء أو يستحقون الرعاية جراء مواطن ضعف أخرى، ثم تعيدهم قسراً إلى ليبيا، حيث يتعرضون للاحتجاز في أوضاع لاإنسانية ومهينة وتلحق بهم الإساءات.

تقرير "إبعاد ومعاملة سيئة: إعادة إيطاليا القسرية للمهاجرين وملتمسي اللجوء القادمين على متن القوارب ومعاملة ليبيا السيئة للمهاجرين وملتمسي اللجوء" الذي جاء في 86 صفحة يفحص معاملة المهاجرين وملتمسي اللجوء واللاجئين في ليبيا، من أعين من نجحوا في مغادرة ليبيا واصبحوا حالياً في إيطاليا ومالطة. كما يوثق التقرير ممارسات الاعتراض الإيطالية للقوارب المليئة بالمهاجرين في البحار المفتوحة، ودفعهم للعودة إلى ليبيا دون فحصهم - حسب المطلوب - للنظر فيما إذا كان بعضهم يستحقون وضع اللاجئ.

وقال بيل فريليك، مدير برنامج سياسات اللاجئين في هيومن رايتس ووتش ومؤلف التقرير: "الحقيقة هي أن إيطاليا تعيد الناس إلى حيث تصادفهم الإساءات". وتابع قائلاً: "والمهاجرون الذين تعرضوا للاحتجاز في ليبيا تحدثوا جميعاً عن المعاملة القاسية والازدحام في مراكز الاحتجاز والظروف غير الصحية أو النظيفة فيها".

قوارب الدوريات البحرية الإيطالية تسحب قوارب المهاجرين من المياه الدولية دون تحديد ما إذا كانوا يستحقون اللجوء، أو إذا كانوا مرضى أو مصابين، أو بينهم نساء حوامل، أو أطفال غير مصحوبين ببالغين، أو إن كانوا ضحايا الإتجار في البشر أو غيرها من مظاهر العنف ضد المرأة. ويجبر الإيطاليون قوارب المهاجرين على أن تربط نفهسا بالسفن الليبية أو تصطحب المهاجرين مباشرة إلى ليبيا، حيث تحتجزهم السلطات على الفور. وبعض العمليات تتم بتنسيق من فرونتكس، وهي وكالة الاتحاد الأوروبي المعنية بالرقابة على الحدود الخارجية والهجرة.

وهذه السياسة هي انتهاك صريح لالتزام إيطاليا القانوني بعدم الإعادة القسرية للأفراد - أي إعادة الأفراد قسراً إلى أماكن تتعرض فيها حياتهم أو حرياتهم للتهديد، أو حيث يواجهون خطر التعرض للتعذيب أو المعاملة اللاإنسانية أو المهينة.

تقرير "إبعاد ومعاملة سيئة" يستند إلى مقابلات مع 91 مهاجراً وملتمس لجوء ولاجئاً في إيطاليا ومالطة، وأجريت المقابلات في الأغلب في مايو/أيار 2009، مع إجراء مقابلة هاتفية واحدة مع مركز احتجاز للمهاجرين في ليبيا. وزارت هيومن رايتس ووتش ليبيا في أبريل/نيسان 2009 وقابلت مسؤولين حكوميين، لكن السلطات الليبية لم تسمح للمنظمة بمقابلة المهاجرين على انفراد. كما لم تسمح السلطات لـ هيومن رايتس ووتش بزيارة أي من مراكز احتجاز المهاجرين في ليبيا، رغم الطلبات المتكررة.

وقال بيل فريليك: "إيطاليا تخرق التزاماتها القانونية بإعادتها بلا إجراءات قانونية لقوارب المهاجرين إلى ليبيا". وأضاف: "وعلى الاتحاد الأوروبي أن يطالب إيطاليا بالالتزام بالتزاماتها بوقف عمليات الإعادة هذه إلى ليبيا. وعلى دول الاتحاد الأوروبي الأعضاء الأخرى أن ترفض المشاركة في عمليات فرونتكس التي تسفر عن إعادة المهاجرين إلى الإساءات".

دانييل، إريتري يبلغ من العمر 26 عاماً قابلته هيومن رايتس ووتش في صقلية، روى ما حدث بعد أن اعترضت السلطات المالطية قاربه وسحبته إلى سفينة ليبية، فأعادته السفينة برفقة من كانوا معه على القارب إلى ليبيا (للاطلاع على رواية دانييل الكاملة، يُرجى زيارة: https://www.hrw.org/en/node/85530):

كنا متعبين ونعاني من العطش الشديد حين وصلنا إلى ليبيا. قلت لنفسي: إذا ضربوني فلن أشعر بأي شيء. حين وصلنا لم يكن هنالك أطباء، ولا شيء على سبيل المساعدة، لا أكثر من الشرطة العسكرية. بدأوا يلكموننا، وقالوا: تعتقدون أنكم تريدون الذهاب إلى إيطاليا؟ ثم سخروا منّا. كنا عطشى وراحوا يضربونا بالعصي ويركلونا. لمدة ساعة تقريباً استمروا في ضرب كل من كانوا على متن القارب.

وتم نقلهم إلى سجن مسراتة في شاحنة مزدحمة بلا تهوية جيدة، وضُربوا مجدداً لدى وصولهم:

عاملونا معاملة سيئة في مسراتة. كنا إريتريين وأثيوبيين وسودانيين وبعض الصوماليين. كانت الحجرات غير نظيفة. ولا نحصل إلا على نصف ساعة يومياً لاستنشاق الهواء في الخارج والسبب الوحيد الذي جعلهم يتركونا نخرج هو إحصاءنا. نجلس في الشمس، وأي شخص يتحدث يُضرب. تعرضت للضرب بخرطوم بلاستيكي أسود.

وقد أصبح للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الوقت الحالي القدرة على زيارة سجن مسراتة، وتوفر المنظمات الليبية الخدمات الإنسانية هناك. لكن لا يوجد اتفاق رسمي قائم، من ثم فالزيارات غير مضمونة. كما أن ليبيا ليس فيها قانون أو إجراءات للجوء. ولا تميز السلطات بين اللاجئين وملتمسي اللجوء وغيرهم من المهاجرين.

وقال العقيد محمد بشير الشباني، مدير مكتب الهجرة في اللجنة الشعبية العامة للأمن العام، لـ هيومن رايتس ووتش: "لا يوجد لاجئون في ليبيا. إنهم أشخاص يتسللون إلى البلاد بشكل غير شرعي ولا يمكن وصفهم كلاجئين". وقال إن أي شخص يدخل البلاد دون وثائق رسمية وتصاريح يتم القبض عليه.

ورغم ممارسات ليبيا، فإن الاتحاد الأوروبي - مثل إيطاليا - يرى بشكل متزايد أن ليبيا شريك ثمين في السيطرة على الهجرة. فالمفوضية الأوروبية تتفاوض حالياً على إعادة العمل بموجب اتفاقية مع ليبيا من شأنها أن تنشئ آلية رسمية للإعادة، وكذلك اتفاق إطاري عام لتحسين العلاقات. وأشار نائب المفوضية الأوروبية جاك باروت إلى رغبته في زيارة طرابلس لعقد محادثات عن تحسين التعاون بمجال اللجوء والهجرة.

تقرير "إبعاد ومعاملة سيئة" يدعو الحكومة الليبية إلى تحسين الأوضاع المتهالكة لمراكز الاحتجاز في ليبيا، وإلى إرساء إجراءات للجوء تتفق مع المعايير الدولية للجوء. كما يدعو الحكومة الإيطالية والاتحاد الأوروبي وفرونتكس إلى ضمان حصول الأفراد على حق التماس اللجوء، بمن فيهم من يتم اعتراضهم في أعالي البحار، والامتناع عن إعادة غير الليبيين إلى ليبيا إلى أن تفي معاملتها للمهاجرين وملتمسي اللجوء واللاجئين، وعلى أكمل وجه، بالمعايير الدولية.

وقال بيل فريليك: "الفقرة الخاصة بحقوق الإنسان في الاتفاق الإطاري الأوروبي الليبي المنتظر وأي اتفاقات تنبثق منه يجب أن تشمل الإشارة الصريحة إلى حقوق ملتمسي اللجوء والمهاجرين كمتطلب سابق على أي تعاون بمجال سياسات الرقابة على الهجرة".

والكثير من أسوأ الانتهاكات الواردة في تقرير هيومن رايتس ووتش تقع بعد محاولات مغادرة من ليبيا تُمنى بالفشل. وأحد المهاجرين "باستور بول" (جميع الأسماء تم تغييرها)، نيجيري يبلغ من العمر 32 عاماً، تحدث لـ هيومن رايتس ووتش عن كيف عاملته السلطات الليبية بقسوة لدى توقيف الليبيون لقاربه بعد مغادرته ليبيا بقليل، في 20 أكتوبر/تشرين الأول 2008:

كنا على متن قارب خشبي والليبيون في قارب زودياك [مطاطي بمحرك] وراحوا يطلقوا علينا النار. قالوا لنا أن نعود إلى الشاطئ. راحوا يطلقون النار حتى أصابت رصاصة المحرك. أصابت رصاصة شخص منا وقتلته. لا أعرف من هم الرجال الذين راحوا يطلقون النار، لكنهم كانوا مدنيين، ليسوا في ثياب رسمية. ثم جاء قارب بحرية ليبي وقبض علينا وبدأوا في ضربنا. جمعوا منا النقود والهواتف النقالة. أعتقد أن القارب الزودياك يتبع البحرية الليبية. أعادتنا البحرية الليبية إلى سفينتهم الكبيرة، وأعادونا إلى معسكر ترحيل بن جشير. حين وصلنا هناك بدأوا فوراً في ضربي أنا والآخرين. ضربوا بعض الصبية حتى لم يعودوا قادرين على المشي.

ليس لدى هيومن رايتس ووتش أدلة أو قرائن تشير إلى عدد المهاجرين في ليبيا، أو الساعين للدخول إلى الاتحاد الأوروبي عبر إيطاليا أو مالطة، الذين قد يستحقون وضع اللاجئ. لكن إيطاليا ومالطة لديها نسبة موافقة على طلبات التماس اللجوء تبلغ 49 و52.5 في المائة على التوالي، لجميع الجنسيات، عن عام 2008. ومنطقة تراباني في صقلية، ومنها لامبادوسا، وهي نقطة دخول أغلب القوارب الواردة من ليبيا، فيها نسبة موافقة على اللجوء تبلغ 78 في المائة، من يناير/كانون الثاني حتى أغسطس/آب 2008. لكن بإعادة كل من يتم اعتراضه في البحر إلى ليبيا دون حتى محاولة تحديد إن كانت تنطبق عليه مواصفات اللاجئ، فإن إيطاليا تعيد الأفراد إلى حيث يتعرضون لخطر الاضطهاد.

وقال بيل فريليك: "الكثير من مهاجري القوارب في واقع الأمر يفدون من بلدان ذات سجل مؤسف لحقوق الإنسان، وفي بعض الحالات، تعاني تلك البلدان من عنف معمم على أعلى المستويات". وأضاف: "لكن بالإضافة إلى من يحتاجون الحماية، فإن جميع المهاجرين لهم حقوق إنسانية ويجب معاملتهم بشكل يحفظ كرامتهم".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة