Skip to main content

الولايات المتحدة/مصر: ينبغي على أوباما في اجتماعه مع مبارك أن يُركز على أهمية حقوق الإنسان

(نيويورك) - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن اجتماع الرئيس حسني مبارك بالرئيس أوباما في 18 أغسطس/آب 2009 هو فرصة سانحة للدعوة للإصلاحات بمجال حقوق الإنسان في مصر. وتقوم السلطات المصرية باحتجاز المدونين والناشطين ورموز المعارضة تعسفاً، وتدينهم في محاكمات غير منصفة. كما أنها تنتهك حقوق اللاجئين والمهاجرين، بما في ذلك إطلاق النار على المهاجرين الذين يحاولون العبور إلى خارج الحدود المصرية واحتجازها تعسفاً للكثير منهم.

وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "يجب على الرئيس أوباما أن ينقل رسالة واضحة مفادها أن حقوق الإنسان في مصر هي من الاهتمامات الأساسية لإدارته". وتابع قائلاً: "إن مصر على أعتاب مرحلة انتقالية والطريق مفتوح أمامها لإجراء إصلاحات حقيقية".

وهذه هي زيارة مبارك الأولى لواشنطن منذ خمس سنوات، بعد فترة من البرود اعترت العلاقات الأميركية المصرية. وقد حاولت الولايات المتحدة بمختلف الطرق تعزيز حقوق الإنسان في مصر، وفي بعض الأحيان كان انتقادها للأوضاع الحقوقية في مصر صريحاً وفي أحيان أخرى فضّلت ألا تُغضب النظام المصري خشية تعريض مجالات تعاون مشتركة أخرى للخطر.

وفي كلمة ألقاها أوباما من القاهرة في الرابع من يونيو/حزيران 2009، أوضح مبادئ أساسية للسياسة الأميركية إزاء العالم الإسلامي، وقال للحضور المصريين إنه "لديّ اعتقاد راسخ بأن جميع الشعوب تأمل في أشياء محددة: القدرة على أن يعبر المرء عمّا يجول في خاطره جهاراً، وأن يدلي برأيه في كيفية حُكمه، وأن يثق في سيادة القانون وإدارة العدالة بشكل ينطوي على المساواة".

وقالت هيومن رايتس ووتش إن زيارة مبارك تُعد بمثابة لحظة فاصلة يجب أن تعرض فيها الولايات المتحدة موقفها من انتهاكات حقوق الإنسان، لا سيما على ضوء سجل مصر الحقوقي المُنتقد على نطاق واسع.

وقال جو ستورك: "على الرئيس أوباما أن يدعو إلى الإفراج عن جميع السجناء السياسيين". وأضاف: "وعليه أن يدعو الرئيس مبارك إلى وضع حد لحالة الطوارئ، وإلى احترام حقوق المهاجرين".

وقانون الطوارئ المصري المعمول به منذ 28 عاماً، يسمح للسلطات باحتجاز الأفراد تعسفاً ومحاكمتهم في محاكم أمنية استثنائية، لا تفي بالمعايير الدولية للمحاكمات العادلة. وقد جددت الحكومة قانون الطوارئ (قانون رقم 162 لسنة 1958) في مايو/أيار 2008 لمدة عامين، ليستمر في كونه السند وراء الاحتجاز التعسفي والمحاكمات غير العادلة،  وهذا رغم وعود متكررة من مبارك وآخرين من كبار المسؤولين بعدم التجديد. وثمة مشروع قانون لمكافحة الإرهاب يجري إعداده حالياً، وفي حال تبنيه فسوف يقنن بعض السلطات الموسعة التي يمنحها قانون الطوارئ للسلطة التنفيذية، مما يجعل هذه السلطات الموسعة دائمة، فيما كانت من قبل إجراءات مؤقتة ممنوحة في سياق حالة الطوارئ.

وتقوم السلطات المصرية باحتجاز الأفراد جراء تعبيرهم عن آرائهم سلمياً. وسبق اعتقال المدونين واحتجازهم ومضايقتهم من قبل قوات الأمن. كما يسمح القانون المصري بحبس الصحفيين بتهمة إهانة المسؤولين.

المدوّن كريم عامر - واسمه الحقيقي هو عبد الكريم نبيل سليمان - مُحتجز في سجن برج العرب بالإسكندرية منذ 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2006 لكتابته عن التوترات الطائفية في الإسكندرية ولانتقاده مبارك ومؤسسة الأزهر الدينية في مدونته. وفي 22 فبراير/شباط 2007 حكمت عليه إحدى المحاكم بالسجن أربعة أعوام بتهمة "إهانة الرئيس" و"نشر معلومات تمس بالنظام العام" و"التحريض على كراهية المسلمين".

هاني نظير - مدّون آخر - محتجز دون نسب اتهامات إليه في سجن برج العرب، بموجب قانون الطوارئ، وهو محروم من الزيارات. وقام مسؤولو أمن الدولة بالقبض عليه من منزله في نجع حمادي بمحافظة قنا، في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2008. وكان نظير قد عبّر عن آراء تنتقد المسيحية والإسلام في مدونته. مسعد أبو فجر، الروائي والناشط الحقوقي الذي كان ينتقد انتهاكات حقوق بدو سيناء، ما زال رهن الاحتجاز بموجب أمر صادر بموجبقانون الطوارئ، رغم أحكام متكررة من المحاكم بالإفراج عنه. وفي 17 يوليو/تموز نقله المسؤولون الأمنيون إلى سجن برج العرب بموجب الأمر رقم 13 من قانون الطوارئ، آمرين بتمديد احتجازه.

واعتقلت السلطات المصرية العديد من قيادات الإخوان المسلمين على مدار الشهور الماضية، واحتجزتهم بسند من قانون الطوارئ. وأحدهم - عبد المنعم أبو الفتوح - محتجز في مستشفى قصر العيني تحت الحراسة بموجب قانون الطوارئ، ونُسب إليه الاتهام بالعضوية في تنظيم محظور. وقبضت عليه قوات الأمن صباح 28 يونيو/حزيران برفقة بعض كبار الأعضاء في الإخوان المسلمين، وأغلبهم من الأطباء. وجدد ادعاء أمن الدولة أمر الاحتجاز في 9 أغسطس/آب. وأبو الفتوح - الأمين العام للاتحاد العربي للأطباء - هو عضو في المكتب التنفيذي بالجماعة. ويُقال إن صحته تدهورت أثناء احتجازه، وقد دعت المنظمات الحقوقية المصرية إلى الإفراج عنه لأسباب إنسانية.

ويسمح قانون الطوارئ للسلطات بمحاكمة المدنيين في محاكم عسكرية وفي محاكم أمن الدولة، في خرق للقانون الدولي. وفي 26 يوليو/تموز أحال المدعي العام المصري قضايا 26 رجلاً مُتهمين بالتخطيط لهجمات لصالح حزب الله، إلى محكمة أمن دولة.

وفي قضية سابقة، بتاريخ 15 أبريل/نيسان 2008، أدانت محكمة عسكرية خيرت الشاطر، نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، وهو ثاني أهم شخصية في الجماعة، برفقة 24 مدنياً آخرين، وحكمت على الشاطر بالسجن سبع سنوات إثر محاكمة لا تتفق مع المعايير الدولية لإجراءات التقاضي السليمة. وكان قد سبق تبرئة 17 شخصاً من المدعى عليهم الآخرين في تلك القضية أمام محكمة مدنية، في القاهرة في يناير/كانون الثاني 2007، لكن الشرطة عاودت اعتقالهم بعد لحظات من النطق بالحُكم. وفي الشهر التالي، أحال الرئيس مبارك قضاياهم - بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة - إلى المحكمة العسكرية التي أدانتهم في نهاية المطاف. ويحظر القانون الدولي لحقوق الإنسان محاكمة أو معاقبة أي شخص مجدداً على جريمة سبق تبرئته منها.

وفيما يخص انتهاكات حقوق المهاجرين، أطلقت قوات حرس الحدود المصرية النار على سبعة مهاجرين مما أسفر عن مقتلهم، منذ مايو/أيار 2009، وكانوا يحاولون دخول إسرائيل من الحدود المصرية، كما احتجزت الكثيرين غيرهم. وفي تقرير هيومن رايتس ووتش بعنوان "مخاطر سيناء: الأخطار التي تواجه المهاجرين واللاجئين وملتمسي اللجوء" دعت المنظمة السلطات المصرية إلى التحقيق في إطلاق الرصاص على الأفراد مما أدى لمقتلهم، وإلى وقف استخدام القوة المميتة بحق عابري الحدود. وتحتجز السلطات المصرية تعسفاً المهاجرين واللاجئين الذين يتم القبض عليهم في سيناء وتحاكمهم في محاكم عسكرية بتهمة الدخول غير القانوني إلى البلاد. وتحرم مصر هؤلاء المهاجرين واللاجئين من حقهم في التماس اللجوء قِبَل المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

ويجدر بالذكر استحداث بعض الإصلاحات الإيجابية في السنوات الأخيرة. ففي عام 2008 أصدرت الحكومة تشريعاً يحظر ختان الإناث، وفي عام 2009 صدر تشريع جديد ينص على حقوق أكثر لصالح المرضى العقليين. وفي 9 مارس/آذار 2009 أصدرت وزارة الداخلية قراراً يسمح للبهائيين وأتباع الديانات الأخرى "غير المعترف بها" بالحصول على أوراق هوية دون أن يُذكر في بطاقاتهم أنهم مسيحيون أو مسلمون.

وقال جو ستورك: "مع تحضير السلطات المصرية للانتخابات البرلمانية في عام 2010 والانتخابات الرئاسية في العام التالي، فمن الواجب أن تُركّز على تحسين سجل مصر الحقوقي". وأضاف: "فاعتقال معارضي النظام لن يُثمر إلا انتخابات منزوعة المصداقية، مرة أخرى".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.