Skip to main content

رسالة لمعالي الوزير محمد العيسى, وزيب العدل, حول التوقيف الخاطئ للمواطن الاريتري محمد برهان

 

نيويورك

معالي الوزير،

أتقدم إليكم بالتهاني على تعيينكم مؤخراً في منصبكم الحالي.

هيومن رايتس ووتش منظمة دولية مستقلة ناشطة بمجال حقوق الإنسان، وهي تراقب أوضاع حقوق الإنسان وتكتب عنها في أكثر من 80 دولة حول العالم.

نكتب إليكم علناً كي ندعوكم إلى إخلاء سبيل محمد برهان سعيد موسى، المعروف باسم محمد برهان، وهو مواطن إريتري محتجز حالياً في سجن ذهبان. وقد تم القبض عليه بشكل غير قانوني، وأدين بالخطأ، وما زال قيد الاحتجاز التعسفي. كما ندعوكم إلى منحه تعويض عادل على انتهاك حقوقه على النحو المُبيَّن.

وطبقاً لمعلومات تلقيناها في 8 أغسطس/آب 2005 (3/7/1426)، فإن عناصر من المباحث العامة قبضوا على برهان على أسس - تم إسقاطها فيما بعد - أنه يرسل رسائل بريد إلكتروني إلى سعد الفقيه ومحمد المسعري، وهما من المعارضة السعودية في بريطانيا. وفي 8 أكتوبر/تشرين الأول 2006 (15/9/1427)، حكمت محكمة جنائية عادية على برهان على أساس اتهامات جديدة لا أساس لها بـ "الاحتيال" (الحصول على النقود بالخديعة)، بالحبس لمدة 20 شهراً و300 جلدة. ورغم أنه انتهى من عقوبته الجنائية، فإن برهان ما زال رهن الاحتجاز بلا انقطاع منذ 46 شهراً.

وقد أعرب الملك عبد الله عن رغبته في إصلاح النظام القضائي وقام بتعيينكم لتنفيذ هذه الإصلاحات. ومن المؤسف أن انتهاكات حقوق برهان كانت كثيرة وفادحة:

  • 1. انتهاكات فعلية:
  • أ‌. حرية التعبير

قال برهان لأقاربه إن استجوابه تركز حول بريد إلكتروني يُزعم أنه أرسله. والرسالة الإلكترونية المعنية ورد في الجزء المقصود منها في التحقيق "فإني مستعد للتعاون مع[سعد الفقيه ومحمد المسعري]  في سبيل الحركة الإصلاحية في الداخل بالكيفية التي ترونها مناسبة وتنفع الجميع". ولا تروج الرسالة للعنف أو للأعمال غير المشروعة. إلا أنه في رد على طلب بالأسئلة من القنصلية الإريترية بشأن برهان في عام 2007، ذكرت الحكومة السعودية أسباب "أمنية" غير محددة لاحتجازه.

والتعبير السلمي عن الآراء عبر البريد الإلكتروني وإرسال هذه الآراء بالبريد الإلكتروني إلى الخارج أو داخلياً، أيا كان ما فيها من آراء سياسية، هو حق مكفول بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. والميثاق العربي لحقوق الإنسان، الذي صادقت السعودية عليه في أبريل/نييسان 2009، يكفل "الحق في الإعلام وحرية الرأي والتعبير وكذلك الحق في استقاء الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين بأي وسيلة ودونما اعتبار للحدود الجغرافية". (المادة 32. أ).

ولفرض قيود على هذا الحق لاعتبارات "أمن وطني" (مادة 32.ب)، على الدولة أن تبرهن على أن وسيلة التعبير المعنية "تهدف إلى التحريض على العنف" وأن أي قيود تُفرض ضرورية لـ "حماية كيان الدولة ووحدة إقليمها من استخدام القوة أو التهديد بها، وقدرتها على الرد على استخدام العنف أو التهديد به" )مبادئ جوهانسبرغ للأمن القومي، وحرية التعبير، والاطلاع على المعلومات، المبادئ 6 و2).

وقانون الطباعة والنشر بالمملكة لعام 2000 لا ينطبق على مراسلات البريد الإلكتروني الخاصة (انظر المادة 2)، وقانون مكافحة الجرائم المعلوماتية لعام 2007، الذي يغطي البريد الإلكتروني، لا ينطبق بما أنه صدر بعد وقوع الأحداث أعلاه (انظر المادة 38 من النظام الأساسي).

إلا أن المملكة العربية السعودية دأبت على القبض على الأشخاص لمجرد الاشتباه في حيازة معلومات مشتركة مع الفقيه في لندن، والظاهر أن هذا يتم دون مراعاة لمحتوى الاتصالات معه أو لغياب التهديدات اللاحقة بوجود الدولة أو وحدة إقليمها (انظر: هيومن رايتس ووتش، المملكة العربية السعودية: عدالة غير آمنة، مجلد 20، عدد 3 (E)، مارس/آذار 2008، صفحات 50، 54، 109، 110، 112).

          ب. عدم استحقاق العقاب الشخصي

في ظرف أيام من اعتقال برهان، ظهرت أدلة تدل على أنه من غير المرجح أن يكون كاتب رسائل البريد الإلكتروني إلى عناصر المعارضة السعودية. وقد زعم أنه لا يعرف استخدام الحاسب الآلي. وحين عرفت الأسرة بالأسس المزعومة لاحتجاز برهان، فإن زوج ابنته، د. محمد التركي، تقدم بشهادة طوعية لضباط المباحث ذكر أنه كاتب البريد الإلكتروني المعني وأنه استخدم هاتف حماه في التوصيل بالإنترنت. وفي واقع الأمر فإن البريد الإلكتروني كما اطلعت عليه هيومن رايتس ووتش هو من توقيع د. محمد التركي. وقد تناقلت التقارير أن ضباط المباحث أقروا بصحة هذه الشهادة. وكان قد تم حبس التركي في التسعينات لصلات تربطه بالفقيه، وما زال تحت حظر السفر من جراء هذا.

ويكفل النظام الأساسي للمملكة الحق في أنه "لا يُعاقب أحد على جريمة غيره" (مادة 38)، إلا أن المباحث استمرت في احتجاز برهان جراء أعمال تُعزى إلى شخص آخر.

          ج. الإدانة رغم غياب دليل الإدانة

بعد اكتشاف أن برهان ليس في واقع الأمر مؤلف البريد الإلكتروني، لم تفرج السلطات عنه. وبعد بضعة شهور تم نقل قضيته إلى المدعي العام الذي نسب إليه اتهامات بالدجل أمام محكمة جنائية عادية في جدة. وبعد ثلاثة أسابيع من القبض على برهان، فتشت المباحث بيته وصادرت عدة أغراض منه، منها كتاب للإمام السيوطي بعنوان الطب والرحمة، ودليل هواتف بغطاء جلدي يخص برهان، منقوشة فيه حروف اللغة التجرينية المستخدمة في إريتريا.

واعتبر المدعي هذا الكتاب وكتيب الهاتف بمثابة "طلاسم" طبقاً للوارد في الحكم، والذي يذكر دون تفسير اتهام بالشعوذة والدجل يشمل "أكل أموال الناس بالباطل". وليس ثمة أدلة بالإضافة إلى "الطلاسم" مذكورة في الاتهام. ولا يوجد في السعودية قانون جنائي يُعرّف الأعمال التي تُعد جرائم ولا يُطبق في السعودية نظام السوابق القضائية. ومن ثم فإن أي اتهام جنائي يخضع للتفسير في كل حالة على حدة.

إلا أنه في هذه القضية، كتب القاضي في حُكمه بوضوح "لم يثبت لدي ممارسته المدعى عليه لأعمال الشعوذة والدجل وحيازة أدواتها لأكل أموال الناس بالباطل". إلا أن القاضي أمر بحبس برهان متذرعاً بـ "وجود التهم"، رغم أنه ذكر لتوه أنه لم يثبت لديه صحة هذه الاتهامات، وأمر بحبسه 20 شهراً وبثلاثمائة جلدة.

والنظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية لا يسمح بالإدانة "إلا بناء على نص شرعي أو نص نظامي" (مادة 38)، إلا أن القاضي لم يذكر أي أسانيد من القانون لهذا الحُكم. والميثاق العربي لحقوق الإنسان يؤيد مبدأ افتراض براءة الشخص حتى ثبوت ذنبه (مادة 16). ونظام الإجراءات الجزائية لعام 2001 ذكر أنه يجب ألا يتم فرض أي عقاب إلا بعد ثبوت الإدانة بناء على حكم نهائي (مادة 3). والواضح من الحُكم رقم 476/5/ج، بتاريخ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2007 [17/9/1427] الصادر من المحكمة الجزئية بجدة والموقع من القاضي عمر سالم  عمر باقبس، ومن إعداد القاضي محمد أمين عبد المعطي مرداد، الذي حل محل القاضي باقبس أثناء إجازة الأخير، هو أن المحكمة أدانت بالخطأ برهان بناء على اتهام هي ذاتها [المحكمة] انتهت إلى أنه غير صحيح. والقضاة سعد الكليب وسعد التميمي وعبد الله الشمري من محكمة تمييز مكة أكدوا الحُكم بتاريخ 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2007 [23/10/1427].

2. بواعث قلق إجرائية

          أ. الاحتجاز لما يتجاوز نفاد فترة العقوبة بالسجن

حُكم برهان كان لمدة 20 شهراً من تاريخ القبض عليه. ومن ثم كان يجب إخلاء سبيله في 22 مارس/آذار 2007 [3/3/1428]، مع حساب فترة الاحتجاز بناء على السنة القمرية. وفريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي عرف الاحتجاز لما يتجاوز تاريخ انتهاء العقوبة بأنه يدخل ضمن الفئة أ من الاحتجاز التعسفي، أي الاحتجاز الذي يستحيل الدفع بوجود سبب مشروع له. ونظام الإجراءات الجزائية السعودي ينص أيضاً على إخلاء سبيل الشخص فور انتهاء فترة الحُكم عليه (مادة 216). وهذه المادة توضح أيضاً تمام الوضوح أن الجلدات التي لم تُنفذ بعد لا يمكن أن تكون سنداً لاستمرار الاحتجاز، بما أن الشخص ينبغي إخلاء سبيله إذا كانت "عقوبته لا يقتضي تنفيذها السجن".

          ب. بواعث قلق أخرى

عقد القاضي خمس جلسات محاكمة، لكنه أمر بانعقاد المحكمة في مرتين منهم تغيب فيهما برهان، لأسباب خارج مسؤولية برهان. وإما أن سلطات السجن لم يتم إخطارها بجلب برهان للمحاكمة، أو أنها لم تجلبه، رغم الإخطار. وما كان يجب أن تبدأ محاكمته دون حضوره. والحُكم الكتابي يشير إلى أن برهان حظي بفرصة إنكار الاتهامات الموجهة إليه في المحاكمة لكنه لم يوضح إن كان القاضي قد سمح له بالكلام للدفاع عن نفسه. وحكم القاضي على برهان رغم أن الادعاء لم يقدم أثناء المحاكمة أدلة أو هو أتى بشهود زعم أنها وأنهم لديه، طبقاً لما ورد في الحُكم. ونظام الإجراءات الجزائية يُلزم القضاة بإسناد أحكامهم إلى "الأدلة المقدمة إليها في أثناء نظر القضية" (مادة 180).

كما أن السلطات لم تمد برهان بنسخة من حكمه كي يستخدمها إذا أراد الطعن في الحكم، وهو انتهاك آخر لنظام الإجراءات الجزائية (مادة 183). إلا أن أقاربه حصلوا على نسخة من الحكم عبر مصادر لهم في المحكمة.

وأخيراً، فإن إبراهيم مهنا من وزارة الداخلية قال في يونيو/حزيران 2007 لقريب لبرهان إن استمرار احتجازه يرجع إلى "سبب أمني ثالث". والمادة 116 من نظام الإجراءات الجزائية تمنح الشخص المقبوض عليه الحق في أن "يُبلغ فوراً بأسباب القبض عليه أو توقيفه" وأن المحقق (في السعودية هو أيضاً المدعي) يجب أن يخطر المحتجز بالاتهامات "عند حضور المتهم لأول مرة في التحقيق" (مادة 101).، وهو ما يجب أن يتم خلال 48 ساعة من القبض عليه (مادة 34).

والأخطاء الإجرائية العديدة في هذه المحاكمة هي على درجة من الجسامة تشكك في ثبوت الذنب على المتهم، مما يجعل الحُكم غير صحيح، كما هو ثابت من نظام الإجراءات الجزائية الذي يُعرف الأخطاء الإجرائية على أنها "لا يمكن تصحيحها (المادتان 190 و192).

ولهذه الأسباب، فإننا ندعوكم إلى إقامة العدل والأمر فوراً بإخلاء سبيل محمد برهان سعيد موسى ومنحه التعويض المنصف على الانتهاكات التي تعرض لها. وبرهان يناهز السبعين عاماً وهو يقيم في السعودية منذ ثلاثين عاماً دون أن يتورط في مخالفة القانون من قبل.

مع بالغ التقدير والتحية،

جو ستورك

نائب المدير التنفيذي

قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة