Skip to main content

ألمانيا: منع الحجاب يُعد انتهاكاً للحقوق

القيود التي تفرضها الدولة على الزي الديني للمعلمات تستهدف النساء المسلمات

 

(برلين، 26 فبراير/شباط 2009) - قالت هيومن رايتس ووتش في تقرير أصدرته اليوم إن الحكومة الألمانية تحظر الرموز الدينية والزي الديني للمعلمات ولغيرهن من العاملات بالوظائف العامة، مما ينطوي على التمييز ضد النساء المسلمات اللاتي يرتدين الحجاب.

وتقرير "التمييز باسم الحياد: الحظر على حجاب المعلمات والموظفات العموميات في ألمانيا" الذي جاء في 67 صفحة يستند إلى أبحاث موسعة شملت مدة أكثر من 8 أشهر. ويحلل التقرير الآثار الحقوقية الناجمة عن الحظر وأثره على حياة المعلمات المسلمات، ومنهم من يشتغلن بالتعليم منذ سنوات. وورد في التقرير أن الحظر تسبب في تخلي بعض النساء عن عملهن أو هجر ألمانيا، حيث عشن طيلة حياتهن.

وقالت هولي كارتنر، مديرة قسم أوروبا وأسيا الوسطى في هيومن رايتس ووتش: "هذه القوانين تستهدف الحجاب بما لا يدع مجالاً للشك، وتجبر النساء اللاتي يرتدين الحجاب على الاختيار بين وظائفهن ومعتقداتهن الدينية". وأضافت: "هذا تمييز ضد المرأة والمعتقد الديني وينتهك الحقوق الإنسانية لهؤلاء النساء".

ونصف ولايات ألمانيا الستة عشر، بادن وفوتمبرغ وبافاريا وبرلين وبريمن وهيس وسكسوني السفلى وشمال الراين ووسيتفاليا وسارلاند، فيها قوانين تحظر على معلمات المدارس العامة (وغيرهن من الموظفات العموميات في عدة ولايات) ارتداء الحجاب إلى العمل. وتم إدخال هذه القوانين جميعاً أثناء السنوات الخمس السابقة، إثر حُكم للمحكمة الدستورية في عام 2003 قضي بأنه لا يُسمح بالحظر على اللباس الديني إلا حين يرد ذلك صراحة في قانون. وولايات ألمانيا الثماني الأخرى لا توجد فيها مثل هذه القيود.

وتسمح بعض هذه القوانين ببعض الاستثناءات للعادات المسيحية و"الغربية" الثقافية الأخرى. ولا يذكر أي من القوانين صراحة استهداف الحجاب، لكن المناقشات التي دارت في البرلمان وفي الوثائق التفسيرية في أروقة البرلمان قبيل إدخال القوانين، أوضحت أن الحجاب هو بؤرة التركيز في القوانين. وكل قضايا المحاكم الخاصة بهذه القيود (أحدثها حُكم صدر في 26 يناير/كانون الثاني 2009، في قضية وقعت في بادن-فورتمبرغ) تخص موضوع الحجاب.

وقالت هولي كارتنر: "الزعم بأن هذه القيود غير تمييزية هو زعم واهٍ لا سند له". وأضافت: "ومن حيث الممارسة، فالإنسانة الوحيدة المتأثرة بالقانون هي المرأة المسلمة التي ترتدي الحجاب".

كما تكرر انتقاد هيومن رايتس ووتش كثيراً لحكومات مثل أفغانستان والمملكة العربية السعودية وإيران، التي تُجبر النساء على ارتداء اللباس الديني. لكن قوانين مثل تلك المطبقة في الولايات الألمانية المذكورة، التي تستبعد النساء اللاتي يرتدين الحجاب من العمل العام، تخالف نفس المعايير الدولية التي تخالفها الدول أعلاه، وهي الحق في الخصوصية والتعبير عن الذات وحرية المعتقد الديني.

والأبحاث الخاصة بالتقرير شملت مقابلات مع نساء مسلمات في ألمانيا تأثرن بالحظر. ويوثق التقرير الأثر العميق للحظر على حياة النساء. والقوانين في الولايات الثماني تحظر على النساء اللاتي يرتدين الحجاب العمل في وظيفة المعلمات. والمعلمات اللاتي يرتدين الحجاب قيل لهن أن يخلعنه، ثم تعرضن لإجراءات تأديبية في حالة رفضهن.

وإذا رفضت مُعلمة إزالة الحجاب ثم لم تربح قضيتها في المحكمة، فهي تتعرض لخطر خسارة صفتها كموظفة عامة وأن يتم إبعادها عن وظيفتها كمُعلمة. ولا يمكن للمتدربات في وظيفة المُعلمات من المسلمات العثور على وظيفة معلمة المدرسة العامة إلا بعد إتمام تعليمهن بنجاح، وهو ما لن يتم إلى أن يخلعن الحجاب.

ويبرر المسؤولون القيود على أساس أن المعلمات عليهن واجب ضمان بقاء المدارس مُحايدة فيما يخص الدين والهوية. لكن لا يوجد دليل على أن سلوك المعلمات ينتهك هذا الواجب. لكن الحظر يستند إلى فكرة أن مجرد ارتداء الحجاب يخل بالحياد.

وقالت هولي كارتنر: "يجب أن يُحكم على الناس من سلوكهم وليس من الآراء التي تُلصق بهم جراء الرموز الدينية التي يرتدونها". وأضافت: "وإذا كانت هناك مصادر قلق تخص أفراد بعينهم فيجب التصدي لها بصفة فردية عبر إجراءات تأديبية عادية، والحُكم في كل حالة على حدة".

وقالت بعض المعلمات اللاتي تأثرن لـ هيومن رايتس ووتش إنهن عرضن ارتداء بدائل للحجاب، مثل قبعات كبيرة أو ربط الحجاب بأسلوب مختلف، لكن تم رفض تلك العروض. ونتيجة للحظر فقد هجرت بعض النساء ولاياتهن أو غادرن ألمانيا بالكامل، فيما أحست الأخريات بضرورة إزالة الحجاب للحفاظ على وظائفهن، بعد سنوات من الدراسات والاستثمار في تنمية مهاراتهن في هذا المجال. واشتكين من الإحساس بالغربة والاستبعاد، حتى وإن كانت بعضهن يقمن في ألمانيا طيلة حياتهن.

ومؤيدو الحظر على الحجاب كثيراً ما يقولون إن الحظر يحمي النساء من الاضطهاد ويمكنهن. والنساء اللاتي قابلتهن هيومن رايتس ووتش قلن إنهن اخترن بمحض إرادتهم ارتداء الحجاب. وحتى بالنسبة للنساء اللاتي يتم الضغط عليهن لارتداء الحجاب، لكن تمكنّ من أن يصبحن معلمات، فإن منعهن عن العمل لن يحميهن من الاضطهاد. وبعض النساء المتأثرات بالحظر أوضحن أنه بغض النظر عن تمكينهن فإن الحظر أدى لتدهور وضعهن الاجتماعي. وحسب تعبير إحدى النساء: "طيلة عمل النساء كعاملات تنظيف في المدارس لم تواجه أية امرأة مشكلة بالنسبة للحجاب".

وتدعو هيومن رايتس ووتش حكومات هذه الولايات إلى مراجعة وإلغاء التشريعات الخاصة بحظر اللباس الديني والرموز الدينية وضمان أن التشريعات والإجراءات القانونية تتفق مع التزامات ألمانيا الدولية الخاصة بحقوق الإنسان. وعلى الولايات الألمانية أن تكفل عدم تمييز هذه القوانين ضد المرأة أو المعتقد الديني وأن حرية الأديان والتعبير تحظى بكامل الاحترام.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة