Skip to main content

سنغافورة: العاملات المنزليات يتعرضن لإساءات خطيرة

النساء المهاجرات يتحملن أعباء الديون والاستغلال

قالت هيومن رايتس ووتش في تقرير جديد لها يُنشَر اليوم أنّ العاملات المنزليات المهاجرات في سنغافورة يتعرضن لإساءات خطيرة تشمل العنف الجسدي والجنسي والاحتجاز في مكان العمل.

وقد توفي ما لا يقلّ عن 147 عاملة منزلية منذ عام 1999 جرّاء الحوادث في مكان العمل أو جرّاء الانتحار، الذي جرى في معظم الحالات عن طريق السقوط من الأبنية السكنية أو القفز منها. وتجني العاملات المهاجرات نصف الأجور التي تجنيها العاملات السنغافوريات في أعمال مماثلة، كالتنظيف وأعمال الحدائق. وثمّة شكاوى متزايدة من عدم دفع الأجور.
وقال كينيث روث، المدير التنفيذي لهيومن رايتس ووتش: "تعمل معظم العاملات المهاجرات عدة أشهر من غير أجر لتسديد ديون شركات التشغيل؛ وهن يعملن ساعات طويلة بلا عطلة أسبوعية، أو يجري احتجازهن في أماكن العمل. إنّ رفض سنغافورة لشمل العاملات المنزليات بقوانين العمل الاعتيادية يجعلهنّ عرضةً للانتهاكات".
ويستند التقرير الواقع في 124 صفحة بعنوان "خادمات تحت الطلب: وضع حدّ للانتهاكات ضد العاملات المنزليات المهاجرات في سنغافورة"، إلى أكثر من مئة مقابلة شاملة مع عاملات منزليات ومسؤولين حكوميين وشركات تشغيل. وهو يعرض سلسلة مفصّلة من الانتهاكات بحق عاملات المنازل في سنغافورة، وكذلك ردّ فعل حكومة سنغافورة.
تستخدم الأسر السنغافورية قرابة 150,000 عاملة يأتي معظمهن من إندونيسيا والفيليبين وسريلانكا كعاملات. وتقول هيومن رايتس ووتش أن الحكومة السنغافورية أقرّت بعض الإصلاحات المشجِّعة خلال السنتين الماضيتين، مثل إيجاد برامج توجيهية إلزامية للمستخدِمين وللعاملات المنزليات. كما أنها تحيل حالات عدم دفع الأجور والإساءات الجسدية إلى القضاء، وتطرح برنامجاً لترخيص شركات التشغيل.
لكن شروط العمل الأساسية، كالأجور وساعات العمل والتأمين الاجتماعي، متروكةٌ للمستخدِمين ولشركات التشغيل، بينما تكون القدرة التفاوضية للعاملات المنزليات ضعيفة أو معدومة. وقد قالت هيومن رايتس ووتش أن السلطات استبعدت العاملات المنزليات من قوانين العمل الأساسية في البلاد. واعتباراً من يناير/كانون الثاني، ستنال العاملات المنزليات اللواتي يوقّعن عقود عمل جديدة يوم عطلةٍ واحد في الشهر.
قال روث: "إنّ تقديم يوم عطلة واحد في الشهر حلٌّ بائس. وتستحق العاملات المنزليات يوم عطلة أسبوعياً إضافةً إلى حماية قانون العمل السنغافوري أسوةً بالعمال الآخرين".
تجبي سنغافورة رسماً شهرياً من مستخدِمي العاملات المنزليات المهاجرات، وذلك للتحكّم في الطلب. ويدفع هؤلاء 200 – 295 دولار سنغافوري [118 – 174 دولار أمريكي] شهرياً إلى صندوق حكومي مركزي، وهذا يفوق أجور معظم العاملات المنزليات. ولا يخصَّص أيٌّ من هذه الأموال التي تبلغ 360 – 531 مليون دولار سنغافوري [212 – 313 مليون دولار أمريكي]، للخدمات الموجَّهة إلى العاملات المنزليات المهاجرات.
لقد أدّت المنافسة الشديدة بين ما يزيد عن 600 شركة تشغيل إلى نقل هذه الشركات تكاليف التشغيل والسفر والتدريب وإيجاد مكان العمل من المستخدِمين إلى العاملات المنزليات. وتُضطَر العاملات للعمل من أربعة أشهر إلى عشرة دون راتب، أو براتب قليل، لتغطية هذه الأعباء. وتمتنع بعض شركات التشغيل عن تقديم المساعدة في حال تعرض العاملات إلى الإساءة من قبل أصحاب العمل، كما أنها تُثقِل العاملات بالديون عن طريق فرض رسوم كبيرة على من تغيِّر مستخدِميها، وهي تُصادر المواد الدينية التي بحوزتهن من قبيل الكتب المقدّسة وملابس الصلاة.
وبغية ضبط الهجرة غير الشرعية، تفرض حكومة سنغافورة على المستخدِمين دفع تأمين بحيث يُغرَّمون مبلغ 5000 دولار سنغافوري [2950 دولار أمريكي] إذا هربت العاملة. وتمنع أنظمة الهجرة العاملات المنزليات من الحمل. وقد قالت هيومن رايتس ووتش أنّ هذه السياسات تمثِّل حافزاً للمستخدِمين للتضييق على حركة العاملات ومنعهن من الهرب أو من الدخول في علاقة عاطفية. فعلى سبيل المثال، يمنع بعض المستخدِمين العاملات المنزليات من العطلة الأسبوعية، ومن التحدث مع الجيران، بل يُقفلون مكان العمل عليهن. ويؤدي الاحتجاز في المنزل، إضافةً للديون الثقيلة، إلى عدم تمكّن بعض العاملات من تفادي الانتهاكات الخطيرة في مكان العمل.
تقول سري مولياني (وليس هذا اسمها الحقيقي)، وهي عاملة منزلية قابلتها هيومن رايتس ووتش: "لم يكن يُسمح لي بالخروج. ولم أخرج أبداً حتى لرمي القمامة... كنت أشعر بأنني في سجن. لقد كان ذلك سجناً حقيقياً... ولم أكن أرى العالم الخارجي إلاّ عند نشر الغسيل".
قال روث: "يجب أن يتعامل المسؤولون مع شركات التشغيل التي تقتطع رواتب عشرة أشهر من العاملات، ومع المستخدِمين الذين يحتجزون العاملات في مكان العمل, بنفس الطريقة التي تُلاحق بها الحكومة المستخدِمين الذين يضربون العاملات".
ونظراً لعزلة العاملات في البيوت، فمن الصعب التأكد من النسبة الدقيقة لمن يتعرضن للإساءة. وتُقدِّر السفارة الإندونيسية عدد الشكاوى التي تتلقاها يومياً بحدود خمسين شكوى يأتي معظمها من العاملات المنزليات. أمّا السفارة الفيليبينية والمفوضية العليا لسريلانكا فتتلقيان 40-80 شكوى من العاملات المنزليات في الشهر. وترجح هيومن رايتس ووتش أنّ الكثير من الانتهاكات لا يجري التبليغ عنها، وخاصة إذا قام المستخدِم بترحيل العاملة قبل أن تسنح لها فرصة طلب المساعدة.
تقدِّم القوانين والأنظمة السنغافورية حمايةً أفضل مما تقدمه الدول المجاورة، كماليزيا مثلاً. لكنّ سنغافورة لا تزال مقصِّرةً كثيراً لمقارنة هونغ كونغ التي تُخضع العاملات المنزليات لقوانين العمل الأساسية وتحمي حقهّن بالعطلة الأسبوعية وإجازة الأمومة والعطل العامة والإجازة السنوية مدفوعة الأجر.
وقد دعت هيومن رايتس ووتش حكومة سنغافورة إلى توفير حماية شاملة للعاملات المنزليات المهاجرات عن طريق تعديل قانون العمل وضبط المبالغ التي تتقاضاها شركات التشغيل بحيث لا تُضطَر العاملات إلى العمل مدة 4 – 10 شهراً لتسديد ديونهن. كما يجب تعديل الرسم الشهري بحيث يتحمل المستخدمون جزءاً من التكاليف.
وقال روث: "إن امتناع الحكومة عن توفير الحماية الكافية والمتساوية لطبقة كاملة من العمال أمر مناف للمنطق في بلدٍ يُعرف عنه التشدّد في تطبيق القوانين لتشجيع النظام والكفاءة. وبإمكان الحكومة السنغافورية أن تقدم مثالاً يحتذى للمنطقة بأكملها إن هي نفذَّت إصلاحات شاملة في التعامل مع العاملات المهاجرات".
شهادات مُختارة لعاملات منزليات في سنغافورة وردت في التقرير:
لم يكن يوجد ما يكفي من الطعام أحياناً... كانوا يشترون الطعام من الخارج، لكن ليس من أجلي. وعندما يغضب [المستخدِم]، فإنه يرمي طعامي في القمامة... كنت خائفةً جداً. وقد قال لي المستخدِم: "لديك عقوبةٌ غداً، إنك محرومةٌ من الطعام"... حملت حقيبتي وركضت وركضت وركضت. اتصلت بأختي وقلت لها "إنني جائعة وصاحب العمل سيء جداً. وأظنني سأذهب إلى المستشفى إذا بقيت عنده طويلاً". أريد أن آكل كل يوم، وأريد أن آكل ما يكفيني.
- آديلين مالانا (اسم مستعار)، عاملة منزلية عمرها 22 سنة، سنغافورة، 21 فبراير/شباط 2005.
كنت أخاف أن تقبض علي الشرطة إذا هربت. كانت السيدة تغضب مني كثيراً، وتشتكي لشركة التشغيل، وكانت الشركة تغضب مني أيضاً. [وقد سألتني الوكيلة]: "ماذا تريدين؟"، فقلت: "أريد أن أموت يا سيدتي لأن الناس قُساةٌ هنا، ولأن كل ما أفعله خطأ، ولأنهم ينعتونني بالحمقاء والغبية".
[لقد ساءت حالتي]، ولم أكن أعرف ماذا أفعل، لذلك شربت سم الفئران والصراصير وفقدت الوعي فأخذتني السيدة إلى المستشفى... كان قد مضى على عملي سبعة أشهر عندما وقع ذلك الحادث، وكنت قد كسبت 90 دولار سنغافوري [53 دولار أمريكي].
- مورياني سوهارتي (اسم مستعار)، عاملة منزلية، العمر 21 سنة، سنغافورة، 8 مارس/آذار 2005.
كانت صاحبة العمل تغضب مني... وإذا ما غضبت فإنها تصفعني عدة مرات. لم أنهِ عقدي بعد. وقد قالت أنني لا أستطيع الذهاب إلى بلادي. ولم يعد بمقدوري أن أتحمّلها.
وعندما أخبرت الوكيلة أنّ صاحبة العمل تصفعني قالت: "عليك أن تعاني. وعليك أن تسيطري على مشاعرك". أما إذا اتصلت الخادمة بالوكيلة قبل أن تنهي مدة الاقتطاع من راتبها، فإنّ الوكيلة تغضب أيضاً. لقد صفعتني الوكيلة أيضاً؛ كانوا يعارضون ذهابي قبل انتهاء العقد واقتطاع كامل المبالغ من راتبي".
- واتي ويدودو (اسم مستعار)، عاملة منزلية، العمر 20 سنة، سنغافورة، 10 مارس/آذار 2005.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع

الأكثر مشاهدة